استمر التباين في وجهات النظر داخل لجنة الشؤون الإسلامية والقضائية بمجلس الشورى وعلمت مصادر أن الأعضاء عبدالعزيز النصار وعلي الشهراني وعبدالرحمن باجودة رفضوا ما أوصت به اللجنة برأي الأغلبية في منع زواج من لم يتم 15 من العمر مطلقاً ذكراً كان أو أنثى، وبين الأعضاء في تقريرهم المعروض على المجلس ضمن تقرير اللجنة المنتظر حسمه في مستهل جلسة اليوم الأربعاء، أن السبب الذي أسس عليه هذا الرأي هو السعي لمصلحة من يقل عمره عن هذا السن والحفاظ عليه لئلا يلحق به ضرر بسبب الزواج أياً كان ذلك الضرر، وهذا تم تلافيه ومعالجته من خلال الضوابط التي انتهت إليها اللجنة ومنها قصر الإذن بعقد النكاح لمن يقل سنه عن 18 عاماً على المحكمة المختصة أو من يقوم مقامها وعلى أن يتحقق القاضي من الاكتمال الجسمي والعقلي للشاب والفتاة، وأن الزواج لا يشكل خطراً عليهما، وذلك بموجب تقرير طبي يصدر من وزارة الصحة أو من يمثلها، إضافة إلى بقية الضوابط، فإن ثبت بتقرير طبي من مختصين أن الزواج لا يسبب لمن أراده أي ضرر ورأى القاضي مناسبة الزواج، والقاضي قد أوكل إليه ميزان العدالة وتحقق كل ما ذكر فإننا أمام مباح لا يرتب أي ضرر وقد حث الشرع عليه ورغب بالمبادرة به، فلم يبق سبب يبرر تحديد سن أدنى للزواج لأن المصلحة التي يسعى إليها من يرى ذلك متحققة من خلال الضوابط التي حددتها اللجنة القضائية والخوف من الضرر المحتمل قد زال.
ولفت النصار والشهراني وباجودة، إلى أن الأصل في مثل هذه التنظيمات أنها تشرع لمعالجة ما يحدث في المجتمع من ظواهر سلبية في ازدياد، وأن يبنى ذلك على إحصائية موثقة، وليس على رغبات أو عواطف أو تقليد، وأكدوا أن الإحصاءات أثبتت أن هذا الموضوع في تناقص مستمر، والحالات التي حدث منها مشاكل وعرضت على القضاء -وهي التي يمكن أن تعالج بضوابط- عدد قليل جداً لا يستحق وضع ضوابط ..فكيف المنع..! وقد تضمن التقرير الاستشاري لدراسة الزواج المبكر للفتيات المعد من مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أن عدد المتزوجات ممن أعمارهن (12 إلى 14) والمتزوجات في الفئة العمرية 15 إلى 19 في انخفاض تدريجي وانحسار، ولم يعد يشكل ظاهرة اجتماعية وأن هذا الأمر يؤكد أن الزواج من صغيرات السن في طريقه للاضمحلال، وأرجعت الدراسة ذلك للتوسع المشهود في تعليم الفتاة وما ترتب عليه من اتساع فرص العمل أمامها وانخراطها فيها.
وأوضح تقرير رأي الأقلية أن تحديد سن معينة يمنع من يقل عنها من الزواج، سواء كان من يقل عمره أو عمرها عن 15 عاماً أو غير هذا السن لا يعد من تقييد المباح، بل هو منع المباح، ورأي الأعضاء النصار والشهراني وباجودة أنه لا يجوز شرعاً تحريم ما أحله الله دون سبب مشروع، فكيف منع ودون مبرر من أراد إعفاف نسفه بالحلال وتركه فريسة للوقوع بالحرام.
من جهتها وكما انفردت «الرياض» في عدد سابق وضعت اللجنة القضائية عدداً من الضوابط لتنظيم الزواج المبكر للفتيات، وجاءت بضابط جديد يمنع عقد النكاح مطلقاً لمن يتم 15 من العمر ذكراً وأنثى، وذلك بتعديلها توصياتها السابقة بعد سماع مداخلات الأعضاء والتأكد من موافقته للأحكام الشرعية وثبوت الضرر في السن المذكورة، ونصت على «قصر الإذن» بدلاً عن «قصر العقد» ليكون عمل المحكمة الإذن فقط لكي لا تصادر فرحة الأسرة بعقد النكاح بالمنزل وبين أفرادها، واشترطت الضوابط من تحقق القاضي من التناسب العمري بين الطرفين، وأشارت اللجنة هنا إلى هدف هذا القيد من الحيلولة دون ما يثار من زيجات غير متكافئة عمرياً يكون دافع أكثرها الإغراء المادي وتنتهي أغلبها بخصومات ومشاكل وقضايا، إضافة إلى أن التناسب والتقارب العمري أدعى لنجاح الحياة الزوجية.
ونصت مواد تنظيم زواج الفتيات على أن تطبق الضوابط على حالات زواج السعودي بغير السعودية -الزواج المختلط- داخل المملكة، أما حالات الزواج بغير السعودية خارج المملكة فتعامل وفقاً لنظام الدول محل الزواج، وأسند للنيابة العامة اتخاذ ما يلزم لضبط أي مخالفة لهذه الضوابط والتحقيق فيها وإقامة الدعوى أمام المحكمة الجزائية، كما ألزمت وزارة العدل بمنع مأذوني الأنكحة من تزويج من كان دون سن الخامسة عشرة مطلقاً، وعدم تزويج من أتمها إلى الثامنة عشرة إلا بإذن المحكمة المختصة.
وفيما لم تورد هيئة الخبراء ضابط منع الزواج دون 15 سنة وخولت للمحكمة المختصة تزويج الفتيات ممن هن دون سن 17 فما دون، إلا أن قضائية الشورى تباينت في رأيها مع الهيئة الخبراء، ووضعت اللجنة في أول ضوابط تنظيمها نصاً يمنع عقد النكاح مطلقاً لمن لم يتم سن 15، كما رفعت العمر المسند للمحكمة إصدار إذن النكاح إلى 18 سنة.