يسند الكثير من المتابعين والمهتمين بالشأن النفطي تماسك مؤشرات الأسعار وتصاعدها للعوامل الجيوسياسية القائمة بمنطقة الشرق الأوسط خصوصاً والعالم على وجه العموم، إلا أنه إطلاقٌ في غيرِ محلّه فتلك العوامل لن تستطيع على وجه الإطلاق الصعود بالأسعار من المستويات السابقة لما قبل اتفاق الخفض النفطي والوصول بها للمستويات الحالية، إلا أنها كانت داعمة للأسعار بعد مستويات الـ70 دولاراً للبرميل، فما استندت عليه للوصول لسبعين دولاراً هي أساسيات السوق النفطية القوية والمنتعشة التي نتجت عن اتفاق الخفض النفطي.

يقول مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط – مدير دراسات الطاقة في منظمة أوبك سابقا الدكتور فيصل مرزا عند الإغلاق الأسبوعي ارتفع خام برنت لـ 77.12 دولاراً للبرميل وارتفع خام نايمكس لـ70.51 دولاراً للبرميل، وتوسع الفارق بين الخامين إلى 6.61 دولارات للبرميل، حيث بلغ متوسط ​خام برنت 72 دولاراً للبرميل في أبريل المنصرم، وكان متوسط خام برنت لشهر مارس 66.02 دولاراً، وتشير بعض التحليلات إلى أن المستويات القياسية التي وصلت إليها أسعار النفط مؤخراً هي الأعلى منذ نهاية العام 2014 لم تكن بتوازن أسواق النفط نتيجة نجاح اتفاقية أوبك لخفض الإنتاج والتي بدأت مطلع العام 2017م ولكنها كانت نتيجة للتوترات والعوامل الجيوسياسية!

وتابع بقوله إذا نظرنا إلى قرار تحركات سعر خام برنت (الصورة المرفقة) نجد أن أسعار النفط بدأت تتحرك في اتجاه صعودي منذ بداية العام 2017 عندما بدأت اتفاقية أعضاء أوبك وخارجها بخفض إنتاج 1.8 مليون برميل يوميا بعد أن بلغت مخزونات النفط العالمية مستويات قياسية وبعد أن عانت أسواق النفط من فائض المعروض واختلال التوازن بسبب تخمة المعروض، وكما هو موضح بالصورة فقد أخذ الاتجاه التصاعدي للأسعار تدريجيا بتقلبات بسيطة ليست بالحادة بالاستمرار إلى نهاية العام 2017م عندما تخطى سعر خام برنت حاجز الستين دولاراً، وعند بداية العام 2018م تخطى خام برنت حاجز السبعين دولاراً واستقر عند بداية السبعينات حتى تصاعدت التوترات الجيوسياسية مؤخراً ليصعد سعر خام برنت فوق الـ75 دولاراً ولكن يظل نجاح اتفاقية أوبك التاريخي هو الذي صعد بالأسعار إلى قرابة الـ75 دولاراً وأخذت العوامل الجيوسياسية بعد ذلك الأسعار إلى مستويات أخرى.

وأضاف الدكتور فيصل مرزا بقوله يبقى هنالك التوضيح الأهم لجميع المهتمين بصناعة النفط ومتابعيها وهو إن لم تجد العوامل الجيوسياسية أرضية قوية لأساسيات السوق وتوازن فعال للأسواق بعد زوال تخمة العرض وانخفاض مخزونات النفط لقرابة متوسط الخمس سنوات، فلن تستطيع العوامل الجيوسياسية أن تأخذ الأسعار لـ80 دولاراً للبرميل أو حتى لما هو أبعد من ذلك.