قال الرئيس عبد ربه منصور هادى رئيس الجمهورية اليمنية، إن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية يبقى منجزًا شعبيًا بامتياز، تجاوز فيه شعبنا رغبة المستعمر والكهنوت على السواء وصنع الجغرافيا التى تعكس حضارة شعب عريق ممتد فى شعاب التاريخ ولهذا عبر عنه شعبنا العظيم بالترحاب والقبول لحظة ميلاده فى مثل هذا اليوم المجيد.
جاء ذلك فى خطاب وجهه مساء اليوم لأبناء الشعب اليمنى فى الداخل والخارج، بمناسبة العيد الوطنى الـ28 لقيام الجمهورية اليمنية 22 مايو 1990م.
وأكد رئيس الجمهورية، أن الانحرافات التى اعترت مسار الوحدة والممارسات الخاطئة والسلوكيات المسيئة، لا تقلل من شأن الحدث التاريخى بقدر ما تعبر عن سوء من ارتكبها فى حق الوحدة والشعب على السواء، وأية أخطاء حدثت فهى بالتأكيد ليست فى المنجز بل فى من سعوا لتحويله إلى غنيمة شخصية، ومن أساءوا لليمن شمالا وجنوبا.
وجاء فى نص الخطاب: “إن الذكرى الثامنة والعشرين، تحل علينا لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية فى الثانى والعشرين من مايو المجيد، وهو اليوم الأغر الذى توج محطات الكفاح الطويلة، وتضحيات ونضالات شعبنا اليمنى الأبى شمالا وجنوبا، وتجسدت فى ذلك اليوم الخالد ثمرة أهداف ومبادئ الثورة اليمنية فى الـ26من سبتمبر والـ14من أكتوبر.. وعبرت عن تطلعات اليمنيين من اجل التحرر من عهود الإمامة والاستعمار والتشطير، وأسدلت الستار على حقبة من الصراعات الدموية والتسلط على رقاب شعبنا المناضل.
أضاف الرئيس عبد ربه، فى كلمته “فى هذا اليوم عبر الشعب اليمنى عن نفسه بتلك الصورة الزاهية التى احتفظ بها التاريخ وعكست رغبة الشعب اليمنى فى الحياة النبيلة التى يطمح إليها من خلال الوحدة الوطنية التى اندفع إليها باعتبارها طريقا طبيعيا نحو الوحدة العربية . وما من عربى إلا كان الطريق إلى الوحدة العربية الشاملة حلما مخبوءا فى النفوس، فالوحدة الوطنية بقدر ما كانت حصيلة طبيعية ونتيجة منطقية لعمل وطنى كبير انطلق فى أوائل السبعينيات حتى تحققت فى الثانى والعشرين من مايو، فإنها كانت تشكل حجرا مهما فى البنيان العربى المنشود.
واستكمل كلماته فى الخطاب قائلاً “ان إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، يبقى منجزا شعبيا بامتياز، تجاوز فيه شعبنا رغبة المستعمر والكهنوت على السواء، وصنع الجغرافيا التى تعكس حضارة شعب عريق ممتد فى شعاب التاريخ، ولهذا عبر عنه شعبنا العظيم بالترحاب والقبول لحظة ميلاده فى مثل هذا اليوم المجيد.
وأكد، أن الانحرافات التى اعترت مسار الوحدة، والممارسات الخاطئة والسلوكيات المسيئة، لا تقلل من شأن الحدث التاريخى بقدر ما تعبر عن سوء من ارتكبها فى حق الوحدة والشعب على السواء، وأية أخطاء حدثت فهى بالتأكيد ليست فى المنجز بل فى من سعوا لتحويله الى غنيمة شخصية، ومن أساءوا لليمن شمالا وجنوبا.
وأوضح: لقد تعرضت الوحدة للاغتيال المعنوى مرات متعددة، مرة بمن حادوا عن طريق الشعب وجعلوها طريقا للغنيمة والإثراء والتملك والمجد الشخصى، ومرة أخرى بمن أرادوا العودة الى الماضى والتنكر للنضالات الطويلة لشعبنا، ومرة ثالثة بمن تنكروا للإجماع الوطنى الذى أنجزناه جميعا فى مؤتمر الحوار الوطنى.. المؤتمر الذى جاء ليصحح المسار ويرسم طريقا آمنا لمسيرة الشعب بحيث يبقى على الوحدة كمنجز كبير وإطار جامع، ويقضى على كل محاولات استغلالها من كل المتسلقين والطامعين والحاقدين .
وأضاف لقد أدرك اليمنيون شمالا وجنوبا أن الوحدة قد تم اختطافها وبدلا من ان يستفيد الوطن ويكبر ويتوسع ويقوى ويزدهر، لم تكن تكبر سوى مصالح الشخوص التى اغتالت الوحدة، وراحت تمارس أساليب الإقصاء والتهميش والإساءة الى كل معنى نبيل للوحدة اليمنية، وكان لابد ان ينبرى من أبناء الوطن الأحرار من يجاهر برفض سياسة الإقصاء والتغول والإثراء والتعصب العائلى، فخرج أبناء الشعب فى جنوب الوطن فى العام 2007 م وتأسست بوادر الثورة الأولى الرافضة لسياسة ونهج الظلم والإقصاء، ولم يلبث الشعب اليمنى إلا أن انتفض جميعا فى العام 2011م تحت هتاف واحد” الشعب يريد بناء اليمن الجديد”، يمن العدالة والمدنية والإنصاف.. يمن اتحادى لا ظالم فيه ولا مظلوم.
وتابع: أيها اليمنيون الأحرار .. لقد أدركنا من اللحظة الأولى لتسلمنا السلطة ان المسيرة الخاطئة للوحدة اليمنية يجب أن تصحح على أساس وثيق ومتين وعادل ولقد كانت رؤيتنا واضحة وإجماعنا الوطنى الفريد فى مؤتمر الحوار الشامل يقتضى إصلاح المسار والقضاء على كل الانحرافات الطارئة، فتوافق اليمنيون مجتمعين بكل أحزابهم وتكتلاتهم وفئاتهم على نموذج الوحدة الاتحادية بما يضمن بقاء الوحدة وذلك من خلال مشروع الدولة الاتحادية المدنية العادلة فى إطار من المواطنة المتساوية والشراكة فى السلطة والثروة، ويقضى على أطماع الأشخاص والسلالات الحالمة بالحكم الأبدى سواء الحكم السلالى أو الأسرى ولقد حظيت تلك المخرجات بتوافق محلى وتأييد وإجماع إقليمى ودولى منقطع النظير.
وأضاف، أن مشروع الدولة الاتحادية يشكل جوهر مشروع اليمن الجديد الضامن لمستقبل آمن ومستقر ومزدهر، ويعيد الاعتبار لكل اليمنيين شمالا وجنوبا ممن تعرضوا للمصادرة والإقصاء والنهب والتهميش، وقد كنا على وشك الشروع فى البدء بذلك الانتقال لتحقيق تطلعات اليمنيين عقب استكمال مسودة دستور الدولة الاتحادية، لولا الانقلاب المشئوم، الذى أدخل البلاد فى دوامة العنف والفوضى والحرب والخراب.
وأكد: لقد كان الانقلاب فى جوهره ضد مشروع الوحدة بالأساس، وضد الارادة اليمنية الجامعة، وضد المستقبل بصفة عامة، قام به وكلاء مأجورين لتحقيق أطماع داخلية عبر زعمهم بالحق الحصرى فى السيادة والسلطة والحكم، أو خارجية ترعاها دول تسعى لتفكيك المنطقة وزرع بذور الخراب فيها.
وتابع: غير أن شعبنا العظيم كان فى الموعد، فاصطدمت الخرافة القديمة بالمستقبل الواعى، وأظهر شعبنا أنه قد شب عن الطوق وأنه قادر على حراسة منجزاته والدفاع عن كرامته ووحدته وحريته واستقلاله.
وشدد: يا أبناء شعبنا اليمنى العظيم.. كونوا على ثقة أن مشروع اليمن الاتحادى القوى، الذى ندافع عنه جميعًا اليوم وننتصر لأجله، هو أفضل الخيارات لتأمين البلاد من مستقبل مظلم، والكفيل بالحفاظ على نضالات الشعب اليمنى فى كل ربوع الوطن، وهو يشكل ضماناً حقيقيا لأمن أشقائنا الذين يبذلون مع اليمن كل غال ورخيص فى سبيل الحفاظ على وحدة اليمن أرضا وإنسانا، واستئصال مشروع إيران من موطن العروبة الى الأبد.
وأضاف: أيها الشعب اليمنى العظيم، الأخوات والأخوة.. ليس خافيا عليكم، ما بذلناه من جهود لعدم انزلاق اليمن الى الحرب، واستخدمنا كل الوسائل المتاحة لتفادى طيش المقامرين والمرتهنين والحالمين، وتحملنا الكثير من الغمز واللمز من القريب والبعيد، لقد كنا ندرك بعمق أن الحرب ليست نزهة، وحين تشتعل فهى تأكل حتى من أشعلها.
وبعد أن غامرت تلك العصابة المتمردة بدعم من النظام الإيرانى، بإشعال الحرب، لم يكن أمامنا ونحن نرى الوطن يتداعى، إلا النهوض والاستعانة بالجسد العربى الذى نحن جزء منه وهو جزء منا، وكانت استجابة الأشقاء عبر التحالف العربى الذى قادته المملكة العربية السعودية بقيادة أخى العزيز خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية فى موقف عربى أخوى صادق وشجاع لن ينساه شعبنا اليمنى أبدا.
وأكد: يا أبناء شعبنا اليمنى العظيم والحر والشجاع.. تعلمون جميعًا، أن الحرب لم تكن خيارنا يوما من الأيام ولطالما حاولنا تجنبها حتى فرضت نفسها علينا، ولم يكن امام شعبنا سوى ان يدافع عن أحلامه فى بناء اليمن الاتحادى الجديد ومقاومة المتمردين على الإجماع الوطنى، بعد أن كانوا جزءا منه، لكنهم باعوا أنفسهم رخيصة وقبلوا أن يكونوا وكلاء لمشروع إيران التدميرى الذى لا يستهدف اليمن فحسب بل الخليج والمنطقة العربية ويهدد السلام العالمى بصورة عامة.
وبرغم كل ما حدث ظلت أيدينا ممدودة للسلام الدائم والشامل، وتعاملنا بإيجابيه مع كل الجهود الأممية والدولية لوقف الحرب انطلاقا من مسؤوليتنا عن كل اليمن ارضاً وإنسانا، وقدمنا التنازلات تلو التنازلات، التى اصطدمت بطيش المليشيا الانقلابية واستهتارها بمصير الشعب ومستقبل اليمن، واستمرارها فى غيها وضلالها بالمقامرة بدماء وحياة اليمنيين حتى وقد أصبحت فى أضعف حالاتها والهزائم تلاحقها كل لحظة وساعة فى مختلف جبهات القتال على ايدى ابطال جيشنا الوطنى ومقاومتنا الشعبية الباسلة، وبدعم كامل من تحالف دعم الشرعية بقيادة أشقائنا فى المملكة العربية السعودية.
وقال: إننا وبقدر ترحيبنا واستجابتنا لجهود السلام تحت سقف المرجعيات الثلاث المتوافق عليها، فإننا فى ذات الوقت نحرص كل الحرص على التمسك بالمرجعيات الثابتة احتراما للإرادة الوطنية الجامعة وتضحيات شعبنا التى لا يحق لأحد ان يتنازل عنها أو يساوم عليها، والتزاما بقرارات الشرعية الدولية . وإننا على يقين أن أى التفاف على تلك المرجعيات الثلاث – المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطنى الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216 – لن يؤسس إلا لصراعات جديدة لن يتحمل تكلفتها الشعب اليمنى وحده بل المجتمع الدولى بأسره.
وكما قلت فى مناسبات كثيرة، أن بحثنا عن السلام لم يكن من ضعف، بل هو الحرص المسئول على حقن كل قطرة دم تراق وعلى سلامة بلدنا ووطننا من الدمار والخراب، ومع هذا فنحن نعلن بوضوح أننا لا نريد سلاما زائفا ومشوها، بل سلاماً عادلاً وناجزاً، يثبت الحق ويعاقب المعتدى وينهى جذور المشكلة ويستأصلها من قاعها، فلم يعد امام اولئك المتغطرسين ومن يدعمهم مساحة للمراوغة والمماطلة والتسويف بعد كل هذا الكم من التضحيات والضحايا، فإما تنفيذ مرجعيات الحل المتوافق عليها، او تحمل عواقب مقامرتهم التى شارفت على نهايتها.
وأؤكد لشعبنا الأبى والصامد، فى هذه المناسبة الوطنية، أن الانتصار بات أقرب من اَى وقت مضى، وستسمعون وترون عما قريب ثمار صبركم وتضحياتكم انتصارا عظيماً، بفضل البطولات الخالدة التى يسطرها الجيش الوطنى والمقاومة الشعبية فى كل جبهات القتال وبمختلف المناطق فالأبطال الذين رفعوا بالأمس علمنا الوطنى على مبانى مديرية كتاف فى قلب محافظة صعدة سيرفعوه قريبا على جبال مران وسيمرون من شوارع العاصمة الحبيبة صنعاء ليطهروها من رجس إيران ويصرخون من أعالى نقم بروح والدم نفديك يا يمن، فالوحدة اليمنية جسدتها جبهات القتال التى روتها دماء خيرة شبابنا من مختلف المناطق فابن مأرب قدم روحه على تراب شبوة وابن أبين قدم روحه على تراب صعدة وابن الضالع قدمها على تراب أب وابن شبوة قدمها على تراب تعز وابن تعز قدمها على جبال نهم وكلهم بمختلف مناطقهم لم تفرق بينهم أحقاد الأمس بل وحدتهم احلام الغد بيمن اتحادى جديد، يمن يحويهم ويحتويهم وينظر إليهم بعين المساواة، ونحن نشد على أيديهم ونبارك خطاهم التى ستتوج بالحسم القريب والنصر المظفر لشعبهم ووطنهم ان شاء الله.
وقد وجهت الحكومة بإيلاء مزيد من الاهتمام وفى جميع الجوانب لأبطالنا الأشاوس المرابطين فى الجبهات الذين يقدمون أرواحهم ودماءهم الزكية الطاهرة من أجل وطنهم وكرامة وحرية شعبهم، وتوفير الرعاية الكاملة لأسر الشهداء الأخيار، ومعالجة الجرحى الميامين وتأهيلهم، ومتابعة ملف الأسرى والمعتقلين والمخفيين قسرا فى سجون مليشيا الحوثى.
ويقتضى واجب الوفاء والإنصاف، ان اكرر تقديرى وشكري، لأهلنا وأخوتنا فى دول التحالف العربى وفى المقدمة المملكة العربية السعودية بقيادة أخى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود، وجميع قادة وحكومات وشعوب دول التحالف، على ما بذلوه ويبذلونه دعما لعمقهم العربى والحضارى وإسنادا له للخروج من محنته.
وفى ختام كلمته جدد الرئيس عهده ووعده لكل أبناء شعبنا اليمنى المشهود له بالإيمان والحكمة والشجاعة وفى مقدمتهم أبطال الجيش والمقاومة الشعبية فى كل ميادين العزة والكرامة ولأولئك الأحرار من غالبية شعبنا اليمنى الصابر من يربطون على بطونهم ويواجهون متاعب الحياة وقلة الحيلة من يرون جوع أطفالهم وألم أحبابهم وتشرد أقربائهم، قال الرئيس إن وعدى وعهدى لكم أن نمضى معاً نحو النصر الكبير الذى بات قاب قوسين أو أدنى، وكونوا على ثقة أننى لن أخذل تطلعاتكم وطموحاتكم نحو الحرية والكرامة والغد المشرق والمستقبل الكريم وسنحرر كل شبر من أرضنا الطاهرة ولن نفرط بذرة تراب من أرضنا الواحدة ولن نقبل السلام المشوه الذى يعيد إنتاج الحروب والصراعات فلا حروب أخرى سنقبل بها فقد اكتفى شعبنا ومن حقه ان يعيش بسلام دائم ووضع آمن ومزدهر ووطن واحد مستقر.. المجدُ كل المجد لليمن الواحد الموحد، والمجد كل المجد للشعب اليمنى العظيم فى ربوع الوطن وفى دول الاغتراب والمهجر، إن الشموخ والعزة والنصر لليمن الاتحادى الجديد، والمجد للشهداء الميامين، والشفاء للجرحى، والحرية للأسرى.