منتخب صربيا، هو المنتخب الأخير في سلم ترتيب المجموعة الخامسة، والتي تضم إلى جواره كلاً من البرازيل وكوستاريكا وسويسرا، وهو المنتخب الرسمي لجمهورية صربيا الواقعة في الجنوب الشرقي لقارة أوروبا، وكانت هذه الجمهورية واحدة من أعضاء الاتحاد اليوغسلافي قبل تفككه، وتشتهر الدول بجمال الطبيعة وأنهارها وشلالاتها، ويعتبر نهر الدانوب الذي يخترق طبيعتها، ويعبر منها إلى دول أخرى، هو أشهر معالم صربيا الطبيعية، حيث يقطع من أراضيها أكثر من 900 كلم، ليمر منها إلى دول أوروبية أخرى، وتعتبر بلغراد عاصمة صربيا هي أكبر المدن الصربية كذلك، ويرمز اسمها إلى المدينة البيضاء، ويطلق عليها عدد من الأسماء الأخرى.
كرة القدم في صربيا، ابتدأت بحلول العام 1899م، وجاءت بفضل الطالب هوغو بولي والذي ابتعث للدراسة في برلين، وبعد أن عاد إلى بلغراد حمل بين أمتعته الشخصية، قطعة مستديرة رمى بها فوق شوارع العاصمة الصربية، لينطلق وراءها الشبان الصربيون متنافسين على الفوز في مبارياتها التي تلعب وسط ظروف معيشية متوسطة، لتكون هذه هي النواة الأولى لكرة القدم في الأراضي الصربية، والتي لم تعرف هذه المستديرة من قبل، لتبدأ كرة القدم رحلتها في الأراضي الصربية، وتؤسس شعبية جماهيرية بين أبناء الشعب الصربي، والذي انجذب لهذه اللعبة الجديدة، وبات يمنحها جزءاً من الوقت والاهتمام.
عصر الأندية
لأجل أن ترتقي كرة القدم وتتطور، كان لابد لها الانتقال من عالم الهواة وأزقة الشوارع، إلى فضاء الاحترافية والأندية، ولكن ذلك تم على مرحلتين، جاءت المرحلة الأولى منها حين كانت كرة القدم الصربية تلعب تحت مظلة الاتحاد اليوغسلافي، والذي كان يحتوي على عدد من الأندية والمنتخبات من الدول الست التابعة للجمهورية اليوغسلافية، قبل أن تنفصل هذه الدول سياسياً، وهو ما ترتب عليه الانفصال على الصعيد الرياضي، لذلك وإن جاء تأسيس الأندية الصربية متأخراً بعض الشيء، فإن ذلك عائدٌ إلى كون الرياضة الصربية لم تنفك عن اليوغسلافية إلا متأخرة بعض الشيء، وقد لعبت بعض الأندية الصربية التي تأسست إبان وجود الجمهورية اليوغسلافية في الدوري المحلي ليوغسلافيا، وحققت بعضًا من الألقاب هناك، وفي مقدمة هذه الأندية هو فويفودينا الذي تأسس العام 1914م وانضم إلى الدوري المحلي في يوغسلافيا واستطاع تحقيقه مرتين، كما حقق كأس يوغسلافيا العام 1951م.
عراقة بارتيزان
استمرت كرة القدم الصربية في النشوء، وبات عدد الأندية يزداد يوماً بعد آخر، إلى حين مولد النادي العريق بارتيزان الصربي، والذي تم تأسيسه العام 1945م، ولم يكن تأخر تأسيسه عائقاً في تقدمه بحصد الألقاب والإنجازات، وكان النادي قد تأسس على يد أفراد من الجيش اليوغسلافي، الذين أرادوا أن يجعلوا له فريقاً لكرة القدم يحمل لواءهم ويمارسون خلاله هوايتهم، لكن هذه الرغبة ولدت واحداً من أعرق الأندية الصربية، والذي اقتحم منافسات كرة القدم الأوروبية مبكراً ففي العام 1955م سجل مشاركته الأولى أوروبياً، وكانت هذه الخطوة بحد ذاتها إنجازاً للنادي الذي تأسس قبل خمسة أعوام فقط، ويعتبر بارتيزان أكثر أندية صربيا تتويجاً بلقب الدوري المحلي، حيث حقق اللقب 19 مرة، وفي العام 1966م وصل النادي الصربي للمباراة النهائية للدوري الأوروبي، وخسرها أمام ريال مدريد 2/1 لتضيع منه فرصة تاريخية بتتويجه بطلاً أوروبياً.
النجم الأحمر
تحظى كرة القدم الصربية بعدد من الأندية العريقة، ففي ذات العام الذي أبصر فيه بارتيزان النور وخرج إلى الفضاء، تم تأسيس نادي النجم الأحمر والذي اتخذ موقعه في العاصمة الصربية بلغراد، وذلك في العام 1945م ليكون هو المنافس التقليدي الدائم لبارتيزان، ووفقاً لإحصائيات صدرت العام 2011م فإن النجم الأحمر ظفر بالمركز الأول من ناحية الشعبية الجماهيرية، فيما جاء بارتيزان ثانياً وراءه، وقد سجل النادي الأكثر جماهيرية اسمه بحروف من ذهب، حين توج نفسه بطلاً لدوري أبطال أوروبا العام 1991م، فقد كانت رؤية الصربيين للاعبي النجم الأحمر أمام مرسيليا فوق ملعب سان نيكولا بإيطاليا في نهائي الشامبينزليغ حلماً لم يتنبأه الكثير من الرياضيين الصربيين، ولم يتوقف لاعبو النجم الأحمر عند هذا الحد بل استطاعوا أن يحققوا الحلم ويتوجوا أنفسهم أبطالاً للمرة الأولى بلقب البطولة، ويحتفظوا بهذا الإنجاز التاريخي لهم بسجلات الكرة الصربية.
اتحاد رياضي
لم يكن لكرة القدم الصربية اتحاد مستقل، فقد كانت تبعاً للاتحاد اليوغسلافي لكرة القدم، والذي أنشئ العام 1919م، حيث كان يمثل أكثر من دولة بما فيها الكرة الصربية، وكانت المشاركات والمنافسات تتم من خلال المنتخب اليوغسلافي والذي يستدعي بعض اللاعبين الصرب لتمثيله في المحافل الدولية، وانضم الاتحاد اليوغسلافي إلى قائمة الاتحادات في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، بحلول العام 1921م وظل هو الممثل الرئيس للكرة الصربية، إلى أن جاء العام 2003 لتنفصل كرة القدم الصربية، وتؤسس اتحاداً مشتركاً مع دولة مونتينيغرو، استمر حتى العام 2006م قبل أن ينفصل ويصبح الاتحاد الصربي بمفردة وذلك في مطلع العام 2007م والذي يعتبر هو التاريخ الرسمي لاستقلال كرة القدم الصربية بنفسها.
الدوري الصربي
كانت الأندية الصربية تلعب إلى جانب أندية الدول الأخرى، والمندمجة جميعها تحت مظلة جمهورية يوغسلافيا، لكن الحركة الانفصالية من قبل اتحادات الدول الأخرى ازدادت، ففي كل يوم يغادر المنظومة الكروية اتحاداً جديداً، حتى ظل الأمر متعلقاً بالأندية الصربية وأندية الجبل الأسود، والتي ظلت تلعب تحت مظلة الاتحاد اليوغسلافي، ولم يتم لها الانفصال والاستقلال بدوري مستقل إلا العام 2006م، حيث ابتدأ الدوري الصربي والذي شهد حتى الموسم الماضي مشاركة 28 نادياً على مدى 12 عاماً ماضية، واستطاع النجم الأحمر أن يحقق اللقب الأول لبطولة الدوري الصربي، وهو كذلك البطل الأخير للموسم الماضي.
ديربي الأبدية
تشهد كرة القدم الصربية، واحداً من أقوى الديربيات على مستوى كرة القدم العالمية، حيث صنفته صحيفة ديل ميل البريطانية في العام 2009م، بأنه واحد من أعظم عشر ديربيات تلعب في كرة القدم حول العالم، ويتشكل أطراف هذا الديربي من ناديي النجم الأحمر وغريمه الدائم بارتيزان، ونشأ التنافس بين الفريقين مبكراً منذ لحظة التأسيس، حيث لعبت المرحلة التأسيسية دوراً في رفع مستوى التنافس بينهما، حيث كان تأسيس الناديين تقوده دوافع سياسية وهي التي كانت ومازالت مؤثرة على التنافسية بين الناديين، ففي العام 2009 شهد الديربي نسبة حضور ضخمة قدرت بأكثر من مئة ألف متفرج، ويعتبر هيمنة وسيطرة الفريقين على الألقاب المحلية في صربيا كذلك سبباً من أسباب ارتفاع وتيرة التنافس بينهما وخلق أجواء مشحونة بين الناديين.
أول منتخب صربي
رغم أن منتخب صربيا تأسس قديماً، لكنه كان جزءاً من اتحادات أخرى، كالاتحاد اليوغسلافي، ثم اشترك مع الاتحاد المونتينيغري، وبعد نهاية منافسات كأس العالم في ألمانيا العام 2006م، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم عن فصل الاتحادين وجعلهما مستقلين بنفسهما، ليبدأ الاتحاد الصربي مسيرته بمفرده وبعيداً عن مشاركة أي منتخب آخر، واستطاع أن يكون ضمن المنتخبات المتأهلة إلى نهائيات كأس العالم 2010، والتي أقيمت في جنوب أفريقيا، لكن مشاركته لم تكن مميزة، حيث توقف حضوره عند دور المجموعات وغادر بعدها البطولة، دون أن ينجح في تقديم مستوى مميز رغم امتلاكه لعدد من الأسماء المحترفة في أندية كبرى أوروبياً.
صربيا في أوروبا
بعد أن انفصلت صربيا كدولة مستقلة كروياً، سعت إلى التأهل لنهائيات بطولة أمم أوروبا العام 2008، ولعبت بمجموعة واحدة إلى جانب سبعة منتخبات، كانت أحلام الصربيين كبيرة في وصول منتخبهم إلى النهائيات الأوروبية، لكن تلك الأحلام تبخرت بعد أن احتل منتخب صربيا المرتبة الثالثة، وفشل في التأهل إلى البطولة الأوروبية، وفي التصفيات التمهيدية لنهائيات أمم أوروبا العام 2012، كرر منتخب صربيا فشله من أن يصل لأول مرة للبطولة الأوروبية، واحتل المرتبة الثالثة في مجموعته وهو الترتيب الذي أخرجه من دائرة المنافسة في النهائيات، وكانت صربيا تمتلك حظوظاً في الوصول إلى نهائيات أمم أوروبا 2016 والتي أقيمت في فرنسا، إلا أنها وعطفاً على نتائجه المتواضعة في الأدوار التمهيدية، فقد حرمت نفسها الحضور للمرة الأولى، وذلك بعد أن قدمت أداءً سيئاً للغاية، ولم تستطع حصد عدد وافر من النقاط يؤهلها للوجود بين المنتخبات الأوروبية، لتواصل بذلك غيابها عن الحضور في النهائيات المونديالية.
إلى روسيا
وُجدت صربيا في مجموعة متوسطة الصعوبة، وذلك استعداداً لتصفية المنتخبات الأوروبية المشاركة في نهائيات مونديال روسيا 2018، ولعبت صربيا إلى جانب منتخبات إيرلندا وويلز والنمسا وجورجيا ومولدوفا، ورغم أن الصربيين لا يمتلكون نجماً بارزاً مثلما يمتلك منتخب ويلز في ظل تواجد غاريث بيل، إلا أن المنتخب قدم أداءً جماعياً قاده لصدارة مجموعته، والتأهل كمركز أول مباشرة إلى نهائيات كأس العالم صيف 2018، وذلك للمرة الثانية بتاريخ المنتخب الصربي بعد استقلاله عن الاتحادات الأخرى، ويعول منتخب صربيا على الكثير من الأسماء الشابة في تشكيلته المغادرة إلى روسيا، لكن يبرز في صفوفه لاعب وسط مانشستر يونايتد نيمانيا ماتيتش، وكذلك مدافع زينيت الروسي وتشيلسي سابقاً برانيسلاف ايفانوفيتش والذي يحمل شارة قيادة المنتخب الصربي، وكذلك لاعب وسط ليفربول الشاب ماركو جرويتش، إلى جانب نجم ساوثامبتون دوسان تاديتش، ولاعب تورينو الإيطالي آدم ليايتش، ويتولى قيادة المنتخب الصربي في النهائيات البوسني ملادن كرستايتش والذي استلم زمام التدريب بعد نهاية التصفيات التمهيدية، عقب إقالة المدرب السابق سافوليوب موسيلين، بسبب اختلاف وجهات النظر بينه وبين الاتحاد الصربي حول ضم اللاعبين الشبان لقائمة المنتخب الصربي.