على الرغم من تقلبّات العوامل المؤثرة في أسواق النفط، وحالات عدم اليقين التي تلقيها لأوساط الصناعة بين الفينة والأخرى، مما جعل قراءة المختصّين متفاوتةً إلى حدٍ ما، غيرَ أن التواجد القوي لكبار منتجي النفط كان كفيلاً في طمأنة الأسواق العالمية، فالمشاورات المتتالية بين قادة اتفاق الخفض النفطي السعودية وروسيا تؤكد الاستعداد التام والجاهزية العالية لتأمين الأسواق بالإمدادات النفطية التي يحتاجها.
في السياق ذاته قال المحل النفطي الدكتور محمد الشطي من أهم التطورات بالأسواق النفطية هو تجدد واستمرار المخاوف حول أمن الإمدادات والمعروض في ظل التصعيد الجيوسياسي الذي يمثل تحدياً أمام أمن الإمدادات في أسواق النفط ويشكل داعماً للسوق والأسعار، ومن المفيد التطرق لمصادر هذه المخاوف التي تساعد في فهم مسار الأسعار.
وذكر أن توقعات الصناعة تتفق أن أسواق النفط تتسم بالتوازن ويدلّ على ذلك جملة من التصريحات والمؤشرات التي بينتها أحدث التوقعات الشهرية لوكالة الطاقة الدولية وإدارة معلومات الطاقة التابعة لوزارة الطاقة الأميركية، فقد انخفض الفائض في المخزون النفطي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أعلى مستوى له في شهر يناير 2017 م عند 340 مليون برميل، واختفى حيث سجل مستوى أقل من متوسط السنوات الخمس الماضية للمخزون النفطي بمقدار 20 مليون برميل، ومن المتوقع أن يحافظ إنتاج ليبيا من النفط الخام على مقدار الـ 1 مليون برميل يوميا خلال الأشهر القادمة، ولكنه مرشح للانخفاض بمقدار 200 ألف برميل يومياً في الفترة إلى ديسمبر القادم مع زيادة احتمالات التصعيد وحالة عدم الاستقرار التي قد تسهم في تعطل الإنتاج حسب توقعات بعض البيوت الاستشارية، كما أنه من المتوقع أن يحافظ إنتاج أنغولا من النفط الخام على خسارة تدور حول الـ 100 ألف برميل يوميا إلى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، ثم يتعافى في الربع الأخير مع توقعات بدء إنتاج نفط جديد.
وقال الدكتور الشطي تقدر بعض المصادر إنتاج فنزويلا من النفط خلال شهر مايو 2018 عند 1.5 مليون برميل يوميا مقابل 1.8 مليون برميل يوميا في شهر نوفمبر 2017 ومرشح للانخفاض بمقدار 30 – 40 ألف برميل يومياً بصوره شهرية، فهذه الظروف والمستجدات مجتمعة تعزز المخاوف حول أمن الإمدادات النفطية للأسواق، خصوصاً مع استمرار تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج بمقدار 1.8 مليون برميل يومياً حسب إعلان التعاون المشترك لتحالف الأربعة وعشرين دولة إلى نهاية 2018م ورغم المؤشرات على نوايا للتفكير في رفع الإنتاج خلال النصف الثاني من العام الحالي.
وتابع بقوله لاستكمال تصورات ميزان الطلب والعرض وباعتبار أحدث تقرير صادر عن سكرتارية الأوبك فإن الطلب العالمي على النفط الذي يقف عند 99.8 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من العام 2018م ويصل لـ 99.9 مليون برميل يوميا خلال النصف الثاني من العام 2018 أو بزيادة مقدارها 1.1 مليون برميل يوميا وهو ما يعني تعافيا في الطلب يصحبه تناقص في المعروض خلال النصف الثاني مما يعني دعم لأسعار النفط الخام، كما تتوقع سكرتارية الأوبك ارتفاع الطلب على نفط الأوبك من 32.1 مليون برميل يوميا خلال النصف الأول من العام 2018 مقابل 33.4 مليون برميل يوميا خلال النصف الثاني من العام 2018 يعني زيادة مقدارها 1.3 مليون برميل يوميا.
وختم الشطي قائلاً في الجملة يشكّل القرار الأميركي بالخروج من الاتفاق النووي مع إيران تحدياً إضافياً خصوصا في الربع الأخير من العام 2018 والذي يعني خفضا في مبيعات النفط الإيراني بمقدار قد يتأرجح بين 300 ألف برميل يوميا و1 مليون برميل يوميا حسب السيناريو المتوقع لحجم التأثير على مبيعات النفط الإيراني وهو ما يزيد في الضغوط على المعروض في أسواق النفط ويدعم أسعار النفط الخام، وعلى العموم فإن كافة المؤشرات تدعم بقاء أسعار النفط قوية بين 65 – 75 دولاراً للبرميل لنفط خام الإشارة برنت مع ذروة الأسعار عند 80 دولارا للبرميل خلال الأشهر القادمة.