تعيش المملكة خلال هذه الفترة بوادر مشاهدة لنجاحات مبكرة في الطريق نحو تنويع مصادرها للدخل، مؤكدة مصداقية مهندس الرؤية وفارسها، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، للتحول من الاعتماد على النفط إلى الاقتصاد المتنوع، وخلال أول عام له بولاية العهد، حقق الميزان التجاري السعودي فائضاً بقيمة 82.8 مليار ريال، خلال أول شهرين من العام الجاري 2018 مرتفعاً بنسبة 60.7 في المائة بقيمة 31.3 مليار ريال، عن الفائض المسجل في الفترة ذاتها من العام 2017 البالغ 51.5 مليار ريال، وارتفعت الصادرات غير النفطية خلال العام الماضي بنسبة 8.9 في المائة، بما يعادل نحو 15.5 مليار ريال، لتبلغ قيمتها 190.5 مليار ريال في العام 2017، مقابل نحو 175 مليار ريال في العام 2016.

ومنذ تسلمه لمنصبه ولياً للعهد في المملكة باشر الأمير محمد بن سلمان بسن واستحداث العديد من القرارات الإصلاحية الجريئة والشجاعة في مختلف المجالات متجاوزاً للكثير من تراكمات الروتين وملغياً العديد من المجالس العليا ومقتصراً على مجلسين فقط لتوحيد الجهود في المملكة هما: مجلس الشؤون الاقتصادية، ومجلس الشؤون السياسية والأمنية، بهدف تسريع عملية تنفيذ القرارات والتخلص من البيروقراطية، وسط استحسان وقبول المجتمع السعودي الذي كان تواقاً لهذه النقلة الضخمة، ومع إعلان سموه عن “الرؤية السعودية 2030” في العام 2016، وتوليه لرئاستها يؤشر على الفور العمل ببرنامج التحول الوطني 2020، بغرض الاعتماد على مصادر اقتصادية مختلفة وعدم الركون على النفط كمصدر دخل وحيد للدولة بالإضافة إلى إيجاد سبل لتحقيق توازن مالي بالمملكة ولتشجيع الاستثمارات الأجنبية واستقطابها من كل صوب.

ولم يقتصر سموه على إقرار برامج الرؤية التي تضم العديد من الخطط الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، وتتطلع إلى إنجازات وطنية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، بل باشر على الفور تنفيذ برامجها العشر الرئيسة والتي تتضمن تطوير القطاع المالي ودعم صندوق الاستثمارات العامة وتوسيع الشراكات الاستراتيجية وتطوير الصناعة الوطنية إضافة إلى تعزيز دور القطاع الخاص وتحفيز الشركات الوطنية وتعزيز الشخصية السعودية وخدمة ضيوف الرحمن توفير حياة كريمة للسعوديين وتحسين نمط الحياة للفرد السعودي.

ورغم سوداوية بعض المراقبين في الخارج، كشف هذا العام الميمون حسن اختيار سموه لآليات تطوير صندوق الاستثمارات العامة عبر تطوير استراتيجية الاستثمار بالمملكة بهدف الحصول على المشروعات بعوائد متوسطة لا تحتاج لمخاطرة كبيرة، وبالتالي العمل على تحقيق أرباح مالية كبيرة للمملكة، وكان عقد مذكرة التفاهم مع مجموعة “سوفت بانك” اليابانية لإنشاء صندوق استثماري جديد يهدف إلى تعزيز استثمارات القطاع التقني في العالم مؤشر مهم وفعال، جعل العالم كله مراقباً عن كثب لسطور هذه الملحمة التي يعيشها الإنسان السعودي.

وشهد هذا العام بفضل همة سموه بمباركة من حكمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز “حفظه الله” مشروعات كان الحديث عنها في السابق ضرباً من الخيال، إذ شاهد العالم كله مشروع القدية وهو المشروع الترفيهي الحضاري الأضخم من نوعه في العالم، حقيقة ملموسة ينتظر خلال سنوات قليلة قيمة اقتصادية تقدر بنحو 17 مليار ريال سنوياً للاقتصاد السعودي، كما سيعمل المشروع على استقطاب 31 مليون زائر عبر العديد من الخيارات الرائعة للترفيه والأنشطة الرياضية والثقافية الموزعة ضمن منشآت مصممة بشكل مبتكر تشمل كلاً من مدن الألعاب، والمراكز الترفيهية، والمرافق الرياضية القادرة على استضافة أبرز المسابقات والألعاب العالمية.

وأيضاً لمس العالم كله خلال هذا العام جدية سموه في ما يتعلق بمشروع نيوم، والذي ينتظر منه فرصاً تكاد تكون خيالية، إذ سيحقق هذا المشروع الذي يسعى لتطوير قطاعات أساسية متنوعة، معالجة مسألة التسرب الاقتصادي في المملكة والمنطقة عموماً بحكم ما يتميز به موقعه الاستراتيجي من مميزات مهمة..

وكل ذلك تحت مظلة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية وصندوق الاستثمارات العامة الذي شهدنا نجاحاته تتوالى برئاسة من سموه، إذ قطع الصندوق شوطاً لا بأس به في طريقه لتحقيق برامجه ومبادراته التي ستنفَّذ خلال المدة (2018 – 2020م)، ورأيناه يباشر إطلاق العديد من المؤسسات المهمة مثل الشركة السعودية للصناعات العسكرية والشركة الوطنية لخدمات كفاءة الطاقة والشركة السعودية لإعادة التدوير والشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري في المملكة وشركة “رؤى المدينة” وشركة “رؤى الحرم المكي” كما أطلق “صندوق الصناديق”، وهو صندوق استثماري يهدف لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال الاستثمار في صناديق رأس المال الجريء وصناديق الملْكِية الخاصة، وذلك من خلال مشاركة القطاع الخاص في استثماراته، ويضاف لذلك التنوع في مختلف الاستثمارات داخل المملكة وخارجها ودخول شراكات مع كبار وأهم المستثمرين في مختلف أنحاء العالم ومنهم شركة مبادلة للاستثمار (مبادلة) من دولة الإمارات العربية المتحدة، وشركة آبل، وشركة فوكسكون التقنية، بالإضافة إلى شركة كوالكوم إنكوربوريتيد وشركة شارب وغيرهم، كما نجح الصندوق في الاستحواذ على العديد من الاستثمارات المهمة والمميزة.

وكان لسموه منذ تقلده مناصبه القيادية المؤثرة دور كبير في إحداث تغيير ملموس بمعدلات الإنفاق الحكومي، إذ نجح عبر تأسيسه لمكتب الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، الذي يعني بمراجعة مختلف المشروعات الحكومية تحقيق فائض لخزينة الدولة قدر بثمانين مليار ريال في 2016، وسبعة عشر مليار ريال في الأشهر الأولى من 2017.

وبفضل الإصلاحات الداخلية التي سنها وأقرها سموه والتي تأتي الحرب على الفساد وعدم التمييز فيها بين كبير وصغير في مقدمتها، لم يكن مستغرباً أن يشهد أول عام لولايته للعهد تسجيل الميزان التجاري السعودي فائضاً بقيمة 82.8 مليار ريال، خلال أول شهرين من العام الجاري 2018، مرتفعاً بنسبة 60.7 في المائة بقيمة 31.3 مليار ريال، عن الفائض المسجل في الفترة ذاتها من العام 2017 البالغ 51.5 مليار ريال وارتفعت الصادرات غير النفطية خلال العام الماضي بنسبة 8.9 في المائة، بما يعادل نحو 15.5 مليار ريال، لتبلغ قيمتها 190.5 مليار ريال في العام 2017، مقابل نحو 175 مليار ريال في العام 2016م.

كما تأتي الإشادات الدولية وتقارير المراكز الاقتصادية البحثية المتعددة بأداء الاقتصاد السعودي خلال هذه المرحلة دليلاً على أن المملكة تسير في طريقها الصحيح لتحقيق ما يصبو إليه مهندس رؤيتها، وجاء تقرير صندوق النقد الدولي أخيراً مشيداً بمختلف الإصلاحات الاقتصادية التي تعمل عليها المملكة، ومؤكداً أن تطبيق مختلف المبادرات الهادفة إلى زيادة الإيرادات غير النفطية هو إنجاز بارز يضاف إلى غيره من الإنجازات التي بدأت في التحقق الواحد منها تلو الآخر، إذ يظهر التقرير الربعي للميزانية السعودية عن ارتفاع ملحوظ في الإيرادات غير النفطية خلال الربع الأول من العام 2018م.

كما توقع خبراء الصندوق النقد الدولي تحسناً في النمو الاقتصادي للسعودية خلال العام الحالي، وعلى المدى المتوسط، كما أنهم توقعوا في الوقت ذاته تقدماً في تنفيذ الإصلاحات الطموحة في إطار رؤية 2030م، وأكدوا أن تطبيق بعض مبادرات الإيرادات غير النفطية، يمثل إنجازاً بارزاً في المملكة، كما أن تحسين مناخ الأعمال يشهد تقدماً كبيراً من خلال تحديث نظام المشتريات الحكومية، وتسهيل إجراءات ترخيص مؤسسات الأعمال وتنظيمها.