في ظل حالات الانتظار والترقّب التي تطغى على الأسواق العالمية جزم خبراء بنجاح الإدارة النفطية التي تقودها السعودية وروسيا عبر اتفاق الخفض الذي ساهم كثيراً في خفض الفوائض بالأسواق وإعادة مؤشر الأسعار لنقطة التوازن.

وبينّوا خلال حديثهم أن اجتماع منظمة الأوبك خلال الأسبوع الجاري سيخرج بحلول تجارية مناسبة للجميع، وأن فك قيود الإنتاج المفروضة – إن وجدت – ستكون في حدود ضيقة تدور حول النصف مليون إلى مليون برميل يومياً مع المراقبة الدائمة للأسواق، حيث إن أي زيادة كبيرة في الإنتاج (أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً) ستكون عواقبها غير سارة على السوق والأسعار.

يقول الخبير النفطي الدكتور محمد الشطي يحظى اجتماع أوبك في فيينا خلال هذا الأسبوع باهتمام بالغ من قبل المراقبين، لأنه يتزامن مع مرحلة مهمة تتصف بارتفاع المخاوف حول أمن الإمدادات في السوق، كذلك ارتفاع وتيرة التطورات الجيوسياسية التي عادة ما تؤثر على إنتاج النفط الخام، ومن المتوقع أن يخرج هذا الاجتماع بتوصيات ينتظرها السوق تهدف أولاً إلى طمأنة الأسواق بخصوص أمن الإمدادات في أسواق النفط، ثانياً معالم سياسة إنتاجية جديدة تتسم أنها متدرجة في عودة الإنتاج بشكل يضمن استقرار أسواق النفط، وثالثاً إيضاح معالم اتفاق مستدام بين الدول الأعضاء في منظمة الأوبك والدول المنتجة المستقلة حول إعلان التعاون المشترك على أسس تخدم تعافي الأسواق والاقتصاد العالمي، ورابعاً معالم مقاييس تتم متابعتها وتقييمها بقصد التأكد من حالة الأسواق وتوازنها.

وأوضح الدكتور الشطي أن اجتماع دول منظمة الأوبك تنتظره الأسواق وهو من المؤشرات الرئيسة التي سيكون لها تأثيرات إيجابية على الأسواق والأسعار، ولكن تبقى مخاطر تأثر التجارة الدولية بحالة التصعيد وعدم التوافق بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وأوروبا وكندا على معدلات الاقتصاد العالمي، وبالتالي على معدل النمو في الطلب العالمي على النفط حقيقية، كذلك قرار رفع الفائدة في الولايات المتحدة الأميركية وتوقعات أن الدول الأوروبية ستفعل ذلك مما يعني تأثيراً على الاستثمارات على العموم، لكن متانة أساسيات السوق خصوصاً تأثر الإنتاج في فنزويلا، كذلك في ليبيا التي خسرت 200 – 400 ألف برميل لأشهر مقبلة بالإضافة إلى القلق الموجود حول نيجيريا وأنغولا، وانتظار تأثر الإنتاج في إيران خلال الربع الرابع بـ 400 – 500 ألف برميل يومياً كلها تدعم بقاء أسعار النفط قوية عند المستويات الجارية على الأقل.

من جانبه قال أستاذ الصناعات والطاقة بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبدّل لاجتماع منظمة الأوبك المقبل أهمية بالغة من حيث مناقشة التطورات في سوق النفط العالمية، حيث يأمل المنتجون إلى استمرار السعر الجيد للنفط (قرابة الـ 80 دولاراً للبرميل) خلال النصف الأول من هذا العام، ويبدو أن أغلب المنتجين المؤثرين مقتنعون بضرورة زيادة ولو بسيطة في الإنتاج بهدف المحافظة على زخم الاستهلاك الممتاز لهذه السنة، فمن الواضح وجود انتعاش في الاستهلاك اليومي للنفط وهذا يعتبر مكسباً كبيراً نتج عن استمرار التعاون الوثيق بين أكبر منتجيي ومصدرين للنفط في العالم وهما المملكة وروسيا، والاجتماع الأخير بين صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والرئيس الروسي بوتين على هامش افتتاح بطولة كأس العالم في روسيا تم فيه التنسيق وبحث سبل ترسيخ الأسعار الجيدة للنفط عن طريق تعديل أو إنهاء الاتفاق القائم، حتى لا يحدث انهيار آخر للأسعار، وقد بدأ بعض المنتجين فعلاً مثل روسيا والمملكة بزيادة الإنتاج بمقدار مائة ألف برميل يومياً لتغطية الطلب واكتساب حصة في السوق والمحافظة على السعر من الارتفاع الكبير.

واستدرك الدكتور المبدّل قائلاً هناك بعض الدول التي تواجه مشكلات داخلية وخارجية كالتضخم في فنزويلا والعقوبات الإضافية على إيران وغيرها، كما ستحاول بعض الدول الحصول على موافقة من المنظمة في الاجتماع المقبل لزيادة حصصها لتوفير مبالغ نقدية لمواجهة هذه المشكلات ومهما كانت تلك المحاولات إلا أنها لن تستطيع الحصول على حصص إضافية معتبرة، لأن الهدف من الاجتماع لن يكون لفتح الإنتاج والتصدير على مصراعيه للجميع، ولكن للسماح بزيادة إجمالية في الإنتاج والتصدير من نصف مليون إلى مليون برميل يومياً وربما أكثر مع الانتباه إلى أن أي زيادة كبيرة في الإنتاج (أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً) ستكون عواقبها غير سارة على السوق والأسعار.

وأضاف العوائد المتوقعة من استمرار التنسيق بين المصدرين من داخل وخارج أوبك عديدة أهمها استمرار النفط كأهم سلعة حيوية استراتيجية للطاقة والمواد الخام والإنتاج الصناعي، كذلك الحفاظ على مؤشر الأسعار ضمن المجال المعقول والمرضي للمنتجين والمصدرين والمستهلكين على حد سواء (نطاق سعري 60 – 90 دولاراً للبرميل وهو مكسب قوي لجميع الأطراف) بالإضافة إلى المحافظة على نمو أعلى في الناتج الإجمالي المحلي بالدول والمناطق المستهلكة الرئيسة للنفط، ودعم وتشجيع إنشاء صناعات ونشاطات جديدة في هذه الدول لكسب المزيد من العملاء والحصص الإضافية في الأسواق العالمية، ومن المتوقع بمشيئة الله ثم قيادة المملكة من داخل أوبك وروسيا من خارجها عدم حدوث أي خلافات في الاجتماع المقبل وأن تخرج المنظمة بحلول تجارية مناسبة للجميع.