قبل انطلاق بطولة كأس العالم كانت منتخبات البرازيل وألمانيا وإسبانيا وفرنسا وكذلك الأرجنتين قد هيمنت على قائمة أقوى المرشحين للمنافسة على اللقب، لكن المفاجآت والصدمات التي شهدها دور المجموعات قد عززت أحلام طموح فرق أخرى لتحقيق المجد بالمونديال.
فربما كانت اللحظة الأبرز طوال منافسات الدور الأول، قد تمثلت في الإطاحة بالمنتخب الألماني حامل اللقب ليكون الخروج الأول له من الدور الأول للمونديال منذ 80 عاماً، كما انتزع كل من المنتخب الإسباني بطل العالم 2010 والمنتخب البرتغالي بطل كأس الأمم الأوروبية الماضية (يورو 2016) بطاقة التأهل لدور الستة عشر بشق الأنفس.
كذلك لم يحقق أي من المنتخبين الفرنسي والأرجنتيني التوقعات، حيث غاب الفريق الفرنسي عن القوة الهجومية الهائلة التي كانت منتظرة من كتيبة النجوم التي يضمها، بينما وقف المنتخب الأرجنتيني على بوابة الخروج من الدور الأول قبل أن يحالفه الحظ لينتزع بطاقة التأهل بعد عناء.
أما المنتخب البرازيلي، فلم يستعرض أفضل مستوياته بعد في البطولة الحالية، رغم حسم التأهل من صدارة المجموعة الخامسة.
أما أفضل عروض الدور الأول، فقد كانت من نصيب منتخبات إما لم يسبق لها اعتلاء منصة التتويج في تاريخ المونديال أو لم تعتل المنصة منذ عشرات الأعوام.
فقد انتزعت منتخبات أوروجواي وإنجلترا وبلجيكا وكرواتيا بطاقات التأهل إلى دور الستة عشر عن جدارة، وبعد عروض كانت هي الأفضل في منافسات المجموعات.
ولم يظهر أي من المنتخبات التي تحمل تاريخاً كبيراً في المونديال بالشكل المقنع واستطاعت بالكاد أن تتأهل للدور الثاني في بطولة تبدو فيها المنافسة مفتوحة بشكل كبير، وهو ما عزز آمال المنتخبات التي لم تكن في إطار الترشيحات قبل انطلاق المونديال.
وقال مدرب فرنسا يديديه ديشان: «الوضع صعب على الجميع. فقد عانى منتخبا إسبانيا وألمانيا، رغم شهرتهما الكبيرة بكرة القدم الهجومية.»
وتجسدت معاناة المنتخب الألماني بشكل واضح في خروج الفريق من الدور الأول للمونديال للمرة الأولى منذ عام 1938.
وينتظر خروج اثنين آخرين من «المنتخبات العملاقة» في وقت مبكر حيث تستهل منافسات دور الستة عشر اليوم السبت بلقاء المنتخب الأرجنتيني نظيره الفرنسي ولقاء المنتخب البرتغالي نظيره الأوروجوياني.
وخاض المنتخب الأرجنتيني البطولة معتمداً بشكل كبير على رغبة نجمه الأبرز ليونيل ميسي في قطع مشوار طويل بالبطولة، أملا في اعتلاء منصة التتويج باللقب الذي ربما يشكل القطعة الناقصة في صورة وصفه بالأسطورة.
لكن نجم برشلونة الإسباني واجه معاناة في حمل آمال الفريق، وتأهلت الأرجنتين بصعوبة بالغة إلى الدور الثاني مستفيدة من فوز نيجيريا على أيسلندا 2- صفر في الجولة الثانية من مباريات المجموعة الرابعة.
أما المنتخب البرازيلي الأكثر تتويجاً في تاريخ كأس العالم برصيد خمسة ألقاب والذي يلتقي نظيره المكسيكي في دور الستة عشر، فلا يزال يعتبر مرشحاً قوياً للقب، لكن مباراة البرازيل في دور المجموعات أمام سويسرا والتي انتهت بالتعادل 1 – 1 قد ألقت الضوء على نقاط ضعف في صفوف الفريق خاصة في الجانب الدفاعي كما واجه منتخب راقصي السامبا معاناة في مباراته أمام كوستاريكا قبل أن يحسمها بثنائية نظيفة في الوقت القاتل.
وتصب الترشيحات لمصلحة المنتخب البلجيكي في لقائه مع اليابان بدور الستة عشر بعد أن تأهلت بلجيكا من صدارة مجموعتها إثر الفوز على إنجلترا 1-صفر في ختام دور المجموعات.
وتثير السجلات قلق المنتخب البلجيكي وجماهيره، حيث تظهر معاناته أمام الفرق الأعلى في سجلات التاريخ وهو ما تجسده هزمتيه أمام الأرجنتين في مونديال 2014 وأمام البرازيل في مونديال 2002.
ورغم هزيمة المنتخب الروسي أمام نظيره الأوروجوياني صفر- 3 في الجولة الثالثة الأخيرة من مباريات دور المجموعات، يتمسك منتخب أصحاب الأرض بالأمل في تجاوز منتخب إسبانيا والتأهل على حسابه إلى دور الثمانية.
وإلى جانب الدعم الجماهيري الكبير يستمد المنتخب الروسي الثقة من تسجيل ثمانية أهداف خلال مباراتيه الأوليين اللتين انتهيتا بالفوز على السعودية 5 -صفر ومصر -3 1 .
ورغم أن المنتخب الإسباني كان من المرشحين بقوة للمنافسة على اللقب، واجه حالة من الارتباك في الأيام الأولى من المونديال إثر الإقالة المفاجئة للمدير الفني جولين لوبيتيجي، عشية المباراة الافتتاحية.
وتزامناً مع القوة الهجومية والتهديفية الممثلة في نجوم أبرزهم إيسكو ودييجو كوستا، يعاني المنتخب الإسباني من خلل في التنظيم الدفاعي وبات عرضة للهزيمة أمام أي شراسة هجومية من المنافس، علما بأنه لم يخسر أي مباراة خلال مشواره بالتصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال.
وربما جنى المنتخب الكرواتي ثمرة تأهله من صدارة المجموعة الرابعة، بمواجهة المنتخب الدنماركي في دور الستة عشر، وسيلتقي الفائز منهما، في دور الثمانية الفائز من مباراة إسبانيا وروسيا.
ونحى النجمان الكرواتيان لوكا مودريتش (ريال مدريد) وايفان راكيتيتش (برشلونة)، صراعهما في الدوري الإسباني جانبا، وتعاونا بشكل هائل في خط وسط المنتخب الكرواتي ليقودا الفريق إلى التأهل بالعلامة الكاملة محققاً ثلاثة انتصارات.
أما المنتخب السويدي الذي فجر مفاجأة بتأهله من صدارة المجموعة السادسة فيواجه نظيره السويسري في مباراة تشكل فرصة رائعة لكلا الفريقين لقطع خطوة جديدة بالمونديال لم تكن متوقعة لأي منهما.
أما المنتخب الإنجليزي المتأهل من المركز الثاني خلف بلجيكا فيواجه نظيره الكولومبي متصدر المجموعة الثامنة في مباراة تبدو فيها الفرص متقاربة نسبياً.
وفي النهاية، قد يشهد المونديال الحالي بطلاً جديداً في ظل المنافسة المفتوحة والمفاجآت المدوية والتي أغلقت الباب أمام التكهنات بطرفي النهائي المقرر في العاصمة موسكو.