تواصل الدول الآسيوية الناشئة اعتمادها على الغاز الطبيعي في صناعة البتروكيميائيات والأسمدة للاستفادة من مزاياه التنافسية ومدخراتها الهائلة منه لتعزيز منافستها العالمية وإثبات الوجود في ظل ثورة الغاز الصخري في العالم وتوجه عدة دول في مقدمتها المملكة لاستخدام بدائل للغاز الطبيعي في صناعة البتروكيميائيات، وكشف تقرير وكالة الطاقة الدولي في تحليل لاقتصاديات الغاز 2018 بأن الصين تعد المستورد الرئيس في العالم من الغاز الطبيعي، مدفوعًا بالنمو الاقتصادي المستمر والدعم السياسي القوي للحد من تلوث الهواء.
وتمثل الصين 37 % من الزيادة العالمية في استهلاك الغاز الطبيعي بين العامين 2017 و2023 أكثر من أي بلد آخر حيث إن الإنتاج الصيني المحلي لا يمكن أن يواكب حجم الطلب وبالتالي تتجه الصين لأن تصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم بحلول العام 2019 مع نسبة 171 مليار متر مكعب من الواردات بحلول العام 2023، في الغالب من الغاز الطبيعي المسال.
ومقارنة بالعقد السابق، أخذ القطاع الصناعي القيادة من توليد الطاقة كالمحرك الرئيس للنمو العالمي في الطلب على الغاز الطبيعي، وتمثل الأسواق الناشئة ولا سيما في آسيا، الجزء الأكبر من هذه الزيادة والتي تستخدمه لقيما للعمليات الصناعية وكذلك كمادة خام لإنتاج الكيميائيات والأسمدة.
ويشهد الطلب على الغاز الصناعي نموا أيضا في المناطق المنتجة الرئيسة مثل أميركا الشمالية والشرق الأوسط لدعم التوسع في قطاعات البتروكيميائيات في وقت تعد الولايات المتحدة مصدر النمو الكبير لإنتاج الغاز الطبيعي ومعظمها من صادرات الغاز الطبيعي المسال حيث تعد الولايات المتحدة بالفعل أكبر منتج في العالم بما يقرب من 45 % من النمو في الإنتاج العالمي وما يقرب من ثلاثة أرباع من صادرات الغاز الطبيعي المسال.
وكان العام 2017 عامًا من النمو القوي للغاز الطبيعي والذي كان مدفوعًا بالدرجة الأولى من الصين، وشهد الطلب العالمي نموا بنسبة 3 % أعلى زيادة منذ العام 2010، في حين نما الطلب في الصين بنسبة 15 %، تمثل ما يقرب من ثلث الزيادة العالمية، مدفوعا بجهد سياسي صارم لتحسين جودة الهواء من خلال عملية تحويل الفحم إلى غاز في القطاعات السكنية والصناعية مما أدى إلى ارتفاع واردات الغاز الطبيعي المسال مما يجعل الصين ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد اليابان.
وتشير التوقعات إلى تجاوز السوق العالمي للغاز الطبيعي أربعة تريليونات متر مكعب بحلول 2022 مع متوسط معدل نمو سنوي مرتقب 1.6 %، وتمثل الأسواق الناشئة التي تقودها الصين أكثر من نصف الزيادة في استهلاك الغاز الطبيعي العالمي إلى 2023.
ويشهد الطلب الصيني نموا بمعدل 8 % سنوياً وهو ما يمثل أكثر من ثلث الزيادة في الطلب العالمي حيث ترتفع حصة الواردات في الإمدادات الصينية من 39 % إلى 45 %، في حين تزيد الدول الآسيوية الناشئة الأخرى من استهلاك الغاز الطبيعي المخصص للصناعة بما في ذلك الأسمدة والبتروكيميائيات وتوليد الطاقة، وتطوير أسواقها المحلية والبنية التحتية لاستيراد المزيد من الغاز الطبيعي المسال.
في حين تشهد المناطق الغنية بالغاز الطبيعي بقيادة الشرق الأوسط وأميركا الشمالية نمواً مستمراً في الاستهلاك حيث تشهد منطقة الشرق الأوسط نمواً مستمراً وهو ما يقف وراء تزايد الاحتياجات في الصناعة وتوليد الطاقة وتحلية مياه البحر، وفي الولايات المتحدة تشجع وفرة إمدادات الغاز الطبيعي المحلي على زيادة استخدامه في قطاعات المواد الكيميائية وغيرها من الصناعات، في حين أن انتعاش توافر الغاز الطبيعي واستخدامه في مصر يلعب دوراً كبيراً في زيادة الاستهلاك في أفريقيا، بينما تعمل أسواق أميركا اللاتينية على الإصلاح لتطوير دور الإنتاج المحلي، فيما تراجع الاستهلاك في أوراسيا بشكل طفيف بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي، ومن المتوقع أن تشهد الأسواق المستوردة المتقدمة مثل أوروبا واليابان وكوريا ركودًا في الطلب على الغاز الطبيعي.
وتمثل الأسعار التنافسية وإصلاحات السوق الحسم بالنسبة لاستدامة نمو الطلب على الغاز الطبيعي في الأسواق الناشئة والتي تعد أكثر حساسية لمستويات الأسعار من المشترين التقليديين حيث إن القدرة التنافسية للغاز الطبيعي سواء المصدر من الإنتاج المحلي أو المستورد يشكل عاملاً حاسما في الحفاظ على هذا النمو في الطلب.
وتكرس المناطق الأخرى الرئيسة المنتجة مثل الشرق الأوسط والصين ومصر الزيادة في إنتاج الغاز للأسواق المحلية، وخارج الولايات المتحدة، تعد أستراليا وروسيا المساهمان الرئيسان لنمو التصدير في حين تسعى روسيا إلى تنويع منافذها التصديرية من خلال البنية الأساسية التصديرية الجديدة، مع خط أنابيب للغاز الطبيعي المسال إلى الصين وإلى محطات التصدير.