طالبت لجنة الإدارة بدعم وتوطين وظائف قطاع التشغيل والصيانة لإحلال العمالة الوطنية المدربة محل العمالة الأجنبية بشكل تدريجي، ودعت صندوق تنمية الموارد البشرية إلى تنفيذ ذلك والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وأوضحت اللجنة الشوريَّة في تقريرها الذي حصلت عليه “الرياض” الذي ينتظر المناقشة تحت قبة المجلس بعد عيد الأضحى، أن قطاع التشغيل والصيانة في مؤسسات الدولة ومنظمات القطاع الخاص لايزال في أغلب فرصه الوظيفية حكراً على العمالة الأجنبية، ورغم تخرج دفعات متتالية من السعوديين من الكليات التقنية والمعاهد المهنية خلال السنوات الماضية، إلا أن هناك عزوفاً عن العمل بقطاع التشغيل والصيانة لأسباب يفترض على إدارة صندوق تنمية الموارد أن تدرسها وتحللها لمعرفة المعوقات، والوصول إلى حلول علمية لتوطينه، وأشار تقرير اللجنة إلى أن سعودة هذا القطاع – تدريجياً – ستمكن السوق من استيعاب آلاف العمالة الوطنية، والاستغناء عن الأجنبية، وستحقق إضافة كبيرة للاقتصاد الوطني.
وقدّرت لجنة الإدارة جهود إدارة الصندوق خلال السنوات الماضية، وما تم طرحه من برامج ومبادرات، إلا أنها رأت أن نسب البطالة في المملكة لم تنخفض، وأشارت إلى أن التغييرات الحديثة المتمثلة في إلغاء هيئة توليد الوظائف، ومكافحة البطالة والشراكات الجديدة التي عقدتها المملكة مؤخراً خلال زيارات ولي العهد الخارجية مع كبرى الشركات العالمية في مجالات الطاقة الشمسية، والصناعات العسكرية، وقطاع النقل والترفيه، وتوجه الدولة إلى تأسيس مشروعات كبرى، مثل “نيوم” و”جزر البحر الأحمر”، و”القدية”، وغيرها من المشروعات التنموية الكبرى، كل ذلك يفرض واقعاً جديداً ومختلفاً، يتطلب من الصندوق أن يتعامل مع هذا الواقع بمبادرات وبرامج مبتكرة غير تقليدية، تدفع عملية توطين الوظائف بقوة وثبات، بحيث يهيّئ المواطنين ليحظوا بأكبر حصة من الفرص الوظيفية الناتجة عن ذلك.
وطالبت توصيات إدارية الشورى صندوق تنمية الموارد البشرية بتطوير شراكات مع الجهات ذات العلاقة بالقطاع الصناعي، بهدف تطوير مبادرات وبرامج نوعية ومبتكرة لدعم توطين الوظائف في القطاع الصناعي، ونبهت على أن التنمية الصناعية واحدة من أهم الخيارات الاستراتيجية لبناء الاقتصاد السعودي وتحقيق رؤية المملكة، وأشارت اللجنة إلى أن المنتظر من إدارة الصندوق أن توجه اهتمامها لتوطين وظائف هذا القطاع الذي يتميز عن غيره من القطاعات بالاستثمار الطويل وديمومة العمل فيه، لذلك على الصندوق عقد شراكات مع جهات ومؤسسات علمية صناعية مثل كلية الجبيل الصناعية ومعهد الجبيل التقني وكلية ينبع الصناعية وأكاديمية سابك وغيرهم، بهدف توفير أرضية صلبة وتفاهم مشترك لتصميم برامج تدريبية وتأهيلية لتوطين الوظائف في القطاع الصناعي والمدن الاقتصادية والصناعية، مع مراعاة المزايا النسبية لكل منطقة في مجال الصناعات التي تناسبها، وتحقق نمو اقتصادها المحلي، ودعم وتشجيع الاستثمار الصناعي فيها.
ولاحظت لجنة الإدارة والموارد البشرية في دراستها للتقرير السنوي للصندوق للعام المالي 38 ـ 1439، أن المبالغ التي صرفت في البحوث والدراسات عالية، ولم يتضمن التقرير أي توضيح تفصيلي لهذه المبالغ، أو عدد الدراسات التي أنجزت أو لم تنجز بعد، والعائد من تلك الدراسات، إضافة إلى أن التقرير لم يشتمل على إيضاح الجهات وبيوت الخبرة التي تم التعاقد معها لإعداد تلك الدراسات والبحوث، وما نصيب المحتوى المحلي في هذا المجال، فطالبت اللجنة الصندوق بتضمين تقريره السنوي المقبل عرضاً تفصيلياً لما تم صرفه في مجال البحوث والدراسات، والجهات التي قامت بإعدادها، والانجازات المتحققة.
وأفردت لجنة الشورى توصية تدعو صندوق تنمية الموارد البشرية إلى رفع كفاءة الإنفاق، بما يحقق ترشيد مصروفاته العمومية والإدارية، ورصدت اللجنة أن المصروفات العمومية والإدارية للصندوق انخفضت إلى502 مليون ريال عام التقرير من 626 مليون ريال عن العام السابق نتيجة المراجعات التي تمت لرفع كفاءة التشغيل وتخفيض المصاريف، وترى اللجنة أن المصاريف العمومية والإدارية ماتزال مرتفعة، ولا تتماشى مع مبدأ رفع كفاءة الإنفاق التي نصت عليه رؤية المملكة، كما أن التقرير لم يشر إلى أثر الاستغناء عن 74 فرعاً للصندوق، ومدى تأثير ذلك على خفض المصاريف.
يذكر أن مجلس الشورى وافق قبل نحو ست سنوات على مشروع نظام توطين وظائف التشغيل والصيانة في المرافق العامة الذي تقدم به عضو المجلس السابق المهندس محمد القويحص للشورى منذ العام 1428، وأكد تقرير المشروع حينها أن تطبيق النظام يحفظ للوطن أكثر من 21 مليار ريال تذهب للعمالة الوافدة كل عام، فيما لم يتجاوز نصيب العمالة السعودية الذين يشكلون أقل من 10 % من نسبة العمالة ملياري ريال، واعتبر الشورى أن قطاع التشغيل والصيانة من أكبر القطاعات التي تعتمد على القوى البشرية في الإدارة والتشغيل والصيانة، وتقدر ميزانية عقود التشغيل والصيانة للمرافق العامة من قبل الدولة حسب تقرير اللجنة للعام 1433 بنحو 50 مليار ريال سنوياً، ويخصص 70 % من المخصصات المالية في عقود التشغيل والصيانة لرواتب العمالة بما يعادل 35 مليار ريال، في وقت تشكل فيه العمالة الأجنبية 90 % من العمالة بهذا القطاع الذي يعد الأضعف في السعودة، ما يجعل إيجاد بيئة نظامية تهيّئ لسعودة هذا القطاع أمراً مُلحاً.