يختار الشباب السعودي خيار الالتحاق بالوظائف المؤقتة خلال فصل الصيف لعدة أسباب مختلفة، منها زيادة الدخل الشخصي وتحقيق استقلال مؤقت عن موازنة الأسرة، وقضاء أوقات الفراغ الكبيرة التي تواجههم خلال الصيف، واكتساب خبرات ومعارف في عدة مجالات العمل المختلفة، فضلاً عن اكتشاف القدرات الشخصية والمواهب الدفينة نتيجة الاحتكاك وإظهارها، والتعرف على طبيعة بيئة العمل وتحدياتها، وبالنسبة لمن يعمل في إطار تخصصه الدراسي في الجامعات والكليات العلمية والمهنية فإن العمل أثناء فترة الصيف يعد أحياناً متطلباً أكاديمياً ضمن خطته الدراسية، فضلاً عن كون ذلك يساعده في تقريب الفجوة بين النظرية والتطبيق وهو ما ينعكس على مستقبل آمن وضمان لمستقبله الوظيفي في ظل تحديات الكفاءة.
وبالإضافة إلى أن مسألة الاستفادة من هذه الإجازة الطويلة ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر يختلف فيها كثير من الطلبة وحتى الطالبات بمختلف مستوياتهم الدراسية، حيث يستفيد منها البعض من خلال الاستمرار في التعلم من خلال القراءة أو الكتابة والرسم والتقنية وغيرها من الهوايات التي يميلون لها من خلال الانخراط في بعض الدورات التدريبية الصيفية لتنمية المهارات واكتساب مزيد من المعرفة وغيرها.
ومن فرص الاستفادة من هذه الإجازة الطويلة مسألة العمل خلال هذه الفترة الصيفية في أي من الأعمال المتاحة غالبًا في سوق العمل، خصوصًا في بعض القطاعات التي تشهد احتياجًا خلال فترة الصيف مثل السياحة والتجارة بمختلف مجالاتها وبعض الأعمال الأخرى كصيانة الجوالات وأجهزة الكمبيوتر التي تشغل شريحة كبيرة لدى المجتمع في ظل التطور التقني والمهني في وقتنا الحاضر.
ومن خلال ذلك ذكرت رئيسة لجنة سيدات الأعمال في غرفة الرياض ابتسام الباحوث أن التدريب للطلاب خلال إجازة الصيف يعد إحدى الوسائل المهمة لإشغال وقتهم بالنفع وإكسابهم مهارات العمل وما يجري داخل المنشآت من عمليات إنتاجية من خلال الأقسام المختصة في القطاعات الاقتصادية المختلفة بالقطاع الخاص والتدريب يتم على رأس العمل داخل منشآت القطاع الخاص ويعمل فيه الطالب أو الطالبة إلى جانب موظف المنشأة لاكتساب الخبرة وثقافة العمل، وهي تتنوع على مستويين، الأول داخل مقر المنشآت، والثاني خارج المنشاة لدى جهات تدريبية، ولها تأثير إيجابي قوي على سوق العمل سواء على الجهات من إيجاد كوادر مستقبلا جاهزة وقادرة على الانخراط المباشر وأيضا على الطلاب من اكتساب المهارات والعلوم والمعارف التطبيقية.
وأوضحت الباحوث أن شروط الوظائف الصيفية هي أن تكون جنسية المنتسب سعودية وطالبا ويكون عمره فوق 17 عاما، كما أن هذه الوظائف تشمل الجنسين وهذه الوظائف مدعومة من قبل صندوق الموارد البشرية وهي أحد برامجه التنموية المهمة، مبينة أن هذه الوظائف وسيله مهمة لإشغال وقت الشباب فيما يعود عليهم بالنفع وأيضا تنظيم أوقاتهم وأسرهم وتهيئتهم لدخول سوق العمل مبكرا، مشيرة إلى أن وزارة العمل تدعم هذا النوع من الوظائف وتشجع عليها القطاع الخاص والطلاب وتهيئ لهم الحوافز تدفع لهم قبالة أهدافها الإيجابية المتعددة من خلال التقديم الإلكتروني الميسر من خلال بوابة إلكترونية دون عناء.
من جهته أضاف الاقتصادي سليمان العساف أن الوظائف الصيفية مهمة ومفيدة وتسمى وظائف موسمية لأوقات تستغلها الشركات في الإجازات أو سفر أحد موظفيها وهي أنواع كثيرة وظائف مؤقتة تحتاجها الشركات في مواسم مختلفة كثيرة وهنا ليست للوظيفة فقط بل من أجل تعليمهم وتدريبهم، وأيضاً لجذب المميزين منهم وهذه فرصة كبيرة للمنشأة، بالإضافة إلى أن رواتبهم منخفضة باختصار هي فرصة مجانية للشركات، أما الشاب فالوظيفة الصيفية المؤقتة تعود عليه بعدة فوائد أولاً استغلال الوقت بما ينفع، ثانياً التعليم، ثالثاً اكتساب مهارات جديدة، ورابعاً عائد مادي يغنيهم عن الحاجة وكذلك هناك من هو مسؤول عن أسرته وهناك من يريد أن يحقق ذاته وشراء بعض الأشياء التي هو يحتاجها واكتساب علاقات جديدة ومفيدة ويتعرف أيضا على طبيعة سوق العمل من قريب وكيفية إدارة الأعمال والحسابات وطريقة الالتزام بالوقت خلال العمل والقيام به وقيمة العمل والوقت والمال وكيف أن المال ثروة لا بد أن نعرفها ونقدرها ونعمل من أجلها. وأضاف العساف أن المجتمع أيضا يستفيد من شغل بعض الشباب في أمور يستفيد منها كلا الطرفين بعيدا عن الأمور التي يعملها الشباب في أوقات فراغهم قد تزعج وتقلق وتضر الأسرة والمجتمع كله لأن بعض الفراغ مفسدة، كما تقل بعض المشكلات والجريمة ويرتاح رب الأسرة، كذلك من بعض المصاريف التي قد ترهقك خاصة وقت الإجازات، مشيراً إلى أن عمل الشاب ثماني ساعات يومياً أيضا يحمي صحته من السهر وغيره من المشكلات.
ويرى العساف أنه لا بد أن يتم تسهيل الإجراءات بعمل مكافآت للشركات التي تدعم الشباب السعودي والشابات أيضا بهذه الوظائف الموسمية المؤقتة خلال فترة الإجازة الصيفية على أن يكون الترتيب بفترة كبيرة قبل بدء الإجازة بحوالي خمسة أو ستة أشهر على الأقل أي إعداد برنامج كامل وحوافز مادية وتسهيل خدمات للشركات وإعلام الشباب بذلك وأن تكون هذه البرامج أكثر إيضاحاً وبعدد كافٍ لهذه المشاركة الاجتماعية المفيدة للمجتمع والأسرة والشاب نفسه وللدولة أيضا ومن خلال ذلك يتعرف الشاب على نوع التخصص الذي يميل له ويبدع فيه قبل دخوله الجامعة واختيار تخصصه على سبيل المثال بالتالي يكون سهلا عليه القرار في اختيار ما هو مناسب له ويخدم نفسه وبلده وأهله ووطنه قبل أي شيء آخر.
موظفون طموحون
وذكر الشاب فيصل بن أحمد طالب جامعي بالسنة الثانية والذي يعمل لدى متجر كبير في الرياض أن فكرة العمل جاءت قبل بداية الإجازة الصيفية بكثير وهي فكرة جماعية بينه وبين أصحابه وليست عبارة عن فكرة فردية وهي تحدٍ مشترك هل يستطيعون أن يشغلوا أوقات فراغهم ويلتزموا بالعمل والانضباط وهذا الذي أدهشهم بعد مرور أسبوع من العمل، حيث حققوا ذاتهم وشغلوا وقت فراغهم وكسبوا المال.
كما أضاف زميله الطالب الجامعي بالسنة الأولى عبدالله الدوسري أنه بعد انتهائه من الاختبارات وجد أنه من الصعب أن يعمل صيفاً ولمدة ثماني ساعات ولكن بعد عمله في يومه الأول كان الأمر صعبا جدا وجديدا وما أن تأقلم وأحب العمل بالإضافة إلى تنظيم الوقت والأكل.
إلى ذلك أضاف إبراهيم السبيعي وهو طالب بالصف الثاني الثانوي يعمل لدي سوبرماركت شهير بالرياض أن الوظيفة الصيفية علمته حب العمل والوقت والصبر خاصة لأنه يلتقي مع زبائن بعدة شخصيات مختلفة وبعدة جنسيات وبعدة لغات قد لا يفهمها غالبا الأمر الذي جعله يستطيع التعامل وخاصة في أوقات مختلفة باليوم وأوقات الذروة.
ويرى زميله عبدالرحمن التميمي أن العمل خلال فترة الصيف جعل لديه علاقات كثيرة ومهمة وزادت من عالمه الاجتماعي واكسبه مهارات مهنية لم يكن قد اكتشفها، كما أن العمل الموسمي جعله قريبا من نفسه أكثر.