أكد خبراء نفط أن التصعيد السياسي في مناطق الإنتاج لا زال يُلقي بالمخاوف على أوساط الصناعة، وأن الرؤية المستقبلية للأرقام المتعلقة بمستويات الإنتاج النفطي ضبابية وغير مؤكدة، إلا أن القدرة الإنتاجية غير المستغلّة لمنظمة الأوبك لا زالت مبعثاً للاطمئنان حيث تقدّر بـ3.5 ملايين برميل يومياً معظمها من المملكة العربية السعودية.
وبينّوا أن مراقبي الأسواق النفطية غير قادرين على استنتاج أرقامٍ دقيقة ووقتية لمستويات الإنتاج النفطي وحجم تراجعه في مختلف الدول المصدرة له؛ من أجل ضمان سرعة التعامل معه وتعويضه، وهو الأمر الذي ربما يجعل مؤشر الأسعار في حالة من التذبذب بين الفينة والأخرى.
في ذات الشأن قال الدكتور محمد الشطي -خبير نفطي- تضمّن تقرير وكالة الطاقة الدولية الإشارة إلى أن الإمدادات العالمية للطاقة تتعرض للضغط في الوقت الذي تكون فيه احتياطات الطاقة الإنتاجية الفائضة قد استنفذت بالكامل، إلا أن المتابع لأسواق النفط يخرج بنتيجة واضحة وهي أن أسواق النفط أقرب للتوازن الذي انعكس بدوره على مستويات أسعار النفط بشكل واضح وجليّ، كما أن تقرير سكرتارية منظمة الأوبك خرج بنتيجة مهمة وهي أن السوق بحاجة إلى أن ترفع أوبك إنتاجها بـ1.1 مليون برميل يومياً خلال النصف الثاني من عام 2018م، لا سيمّا أن الفائض النفطي بالأسواق قد تم استنفاذه من الأسواق نهائياً في الوقت الذي تمتلك في أوبك قدرة إنتاجية غير مستغلة تقدّر بـ3.5 ملايين برميل يومياً غالبها من السعودية، بالإضافة إلى وجود مخزون استراتيجي ضخم من النفط الخام في الولايات المتحدة الأميركية والصين والهند واليابان، كما أن إنتاج النفط الأميركي مازال يحقق ارتفاعاً وذلك لاستفادته من ارتفاع أسعار النفط الخام، إلا أنه لازال مقيداً وذلك لعدم وجود سعة كافية في البنية التحتية والأنابيب التي تضمن حركة نقل النفط إلى المصافي والتصدير لغاية النصف الثاني من عام 2019م.
وتابع حديثه قائلاً ما يثير مخاوف الأسواق هي تصاعد التوترات السياسية التي تشكّل عبئاً ثقيلاً على عامل الأمان الذي يمثّل تحدياً أمام استقرار الأسعار والأسواق وحتى أمام قدرة الأسواق على ضمان أمن الإمدادات بوتيرة أسرع، وذلك في ظل تناقص الاستثمار على مستوى العالم بقطاع الاستكشاف والإنتاج، وبطبيعة الحال فإن نشوء أي ظروف جديدة تهدد الإمدادات النفطية ستؤثر على سرعة الإجابة في تغطية النقص، وهذا يشمل الوضع في ليبيا وفنزويلا والتوقع بالنسبة إلى إيران وأنغولا وغيرها وَمِمَّا يجعل الأمر صعباً هو عدم القدرة تجاه الحصول على أرقام دقيقة ووقتية بالنسبة لحجم الخسارة في الإنتاج وتوقيته، وذلك من أجل ضمان سرعة التعامل معه وهو ما يعني استمرار تذبذب الأسعار، فالمشكلة ليست في عدم القدرة على تأمين إمدادات كافية من النفط في الأسواق ولكنها تكمن في تسارع وتيرة عدم الاستقرار السياسي، وعدم وجود أرقام دقيقة لحجم النقص المتوقّع وتوقيته، لذلك فإن استمرار حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي يجعل المهمة صعبة في استعادة توازن الأسواق خصوصاً أنها ليست بالمهمة التي يمكن إنجازها على وجه السرعة، لكنها تحتاج إلى جهود وتعاون على مدى أشهر لضمان عودة الاستقرار بداخل الأسواق وهي في الوقت ذاته ليست بالمهمة المستحيلة، فهي مسألة فنيّة تحتاج أوبك للتعامل معها بعيداً عن أي تصعيد أو ضغط سياسي.
من جانبه قال أستاذ الطاقة والصناعات بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبدّل على الرغم من زيادة دول منظمة الأوبك وروسيا لمعدل الإنتاج النفطي كنتيجة للاجتماع الأخير الشهر الماضي في فيينا إلا أن أوساط الصناعة النفطية يتابعون بحذر التطورات الجيوسياسية في الخليج ومناطق أخرى كي لا تسبب في حدوث نقصٍ بالإمدادات وبالتالي حدوث ارتفاع كبير في الأسعار يجهض الجهود المبذولة على مدى سنتين لتثبيت مؤشر الأسعار ضمن المدى المثالي ما بين 65-85 دولاراً للبرميل، وبالتالي استقرار الأسواق في هذه الفترة، فمن المعروف أن الطاقة الإنتاجية للسعودية على وجه الخصوص عملت طيلة عقود لاستقرار الأسواق العالمية.
وأوضح الدكتور المبدّل أن الطاقة الإنتاجية الفائضة هذه الأيام أصبحت محط الاهتمام لأولئك الذين ينظرون إلى الأسواق بعمق ورغبة في الاستفادة منها على الدوام، ويرجع القلق لدى منظمات وخبراء الطاقة الدولية غالباً إلى حالات التكهن بالأحداث الدولية المتعلقة بالعقوبات الدولية على إيران التي تتعاظم يوماً بعد يوم، كذلك صعوبات الإنتاج في فنزويلا وليبيا حيث يأمل الجميع وجود طاقة إنتاجية فائضة 2 – 3 مليون برميل يومياً لدى الدول المصدرة الرئيسية مثل روسيا والسعودية؛ كي تكون هذه الطاقة موجودة على الرف وجاهزة للاستخدام الفوري متى ما دعت الحاجة إلى ذلك من أجل موازنة السوق واستقرار الأسعار.