أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. حسين آل الشيخ -في خطبة الجمعة- على أن التوكل على الله عز وجل يبدد جميع المخاوف مهما عظمت، وأن المتوكل على الله واثق بأنه لا يفوته ما قسم له فإن حكمه لا يتبدل ولا يتغير.
وقال: في هذا الزمن الذي تكاثرت تحدياته وعظمت مخاطره لبني الإنسان، مخاطر للأنفس، مخاوف على الذرية، صعوبات في تحصيل الأرزاق، إلى ما لا ينتهي من المخاوف التي تمرّ بالإنسان مما لا يحصى ولا يخفى، وإن الإنسان متى فوّض أمره إلى الله، وقطع قلبه عن علائق الخلق، وقام بما شرعه الله له من الأسباب الحسية والشرعية صار ذا همةٍ عاليةٍ قد وطأ نفسه على ركوب المصاعب وهانت عليه الشدائد مادام قلبه مفرغاً إلاّ من التوكل على الله والاعتماد عليه؛ لأنه على يقين جازم بوعد الله «ومن يتقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه».
وتابع: المتوكل على الله واثق بالله تعالى بأنه لا يفوته ما قسم له، فإن حكمه لا يتبدل ولا يتغير قال تعالى: «وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون»، ومن معاني هذه الآية أنه سبحانه وتعالى لم يكتفِ بضمان رزق المخلوق بل أقسم على ذلك، قال الحسن: «لعن الله أقواماً أقسم لهم ربهم فلم يصدقوه»، وروي أن الملائكة قالت عند نزول هذه الآية هلكت بنو آدم أغضبوا الرب حتى أقسم لهم على أرزاقهم.
وأضاف: من حقق التقوى وصدق في التوكل على المولى فقد تحصل على أعظم المطالب وأجل المآرب، فمن فوض أموره إلى ربه وتوكل على خالقه موحداً له منيباً أواهاً تائباً ممتثلاً طائعاً جعل له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى عن العبد الصالح: «وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب»، وقال صلى الله عليه وسلم «من قال إذا خرج من بيته: بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له هديت وكفيت ووفيت، وتنحى عنه الشيطان».
وتابع: أيها المسلم فوض أمرك إلى الله واصدق في الاعتماد عليه، واعمل بما شرع من الأسباب وثق أن الذي يدبر الأمر من السماء إلى الأرض العالم بالسرائر والضمائر المحيط بالأمور من جميع الوجوه القادر القدرة التامة وذو المشيئة الكاملة يحيطك بلطيف علمه وحسن تدبيره بما لا يبلغه علم مخلوق ولا يدركه فهم حاذق، فاشتغل بشأنك وتفرغ لعبادة ربك وتيقن أن من توكل عليه كفاه وكان آمناً من الأخطار مطمئن البال.