بدأ وزراء مالية دول مجموعة العشرين وحكام مصارفها المركزية في بوينوس آيرس اجتماعاً تخيم عليه أجواء توترات تجارية حادة بين الولايات المتحدة وسائر الدول، وخلافات حول إيران. وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الجمعة أنه مستعد لفرض رسوم جمركية على مجمل الواردات الصينية التي بلغت قيمتها عام 2017 نحو 500 مليار دولار.

وركزت الحمائية الأميركية في وجه المنتجات الصينية حتى الآن على الفولاذ والألمنيوم، احتجاجاً على المساعدات والقروض التي تقدمها بكين لتنشيط الصادرات. وقال ترامب بهذا الصدد «لست أقوم بذلك لغايات سياسية بل لما هو في مصلحة بلادنا»، متهماً الصين بأنها تستغل الولايات المتحدة منذ زمن طويل عبر ممارسات «غير قانونية» و»سرقة الملكية الفكرية».

وإلى النزاعات التجارية، تُضاف التوترات المالية.

واعتبر الرئيس الأميركي أن «الصين والاتحاد الأوروبي ودولاً أخرى تتلاعب بعملاتها عبر خفض معدلات الفائدة في حين ترفعها الولايات المتحدة مع دولار يزداد قوة يوماً بعد يوم ما يضعف قدرتنا التنافسية». وانتقد ترامب أيضاً الاحتياطي الفيدرالي الأميركي لرفعه معدلات الفائدة.

وتتهم بكين واشنطن بأنها تريد التسبب بـ»أسوأ حرب تجارية في تاريخ الاقتصاد»، وردت بفرض ضرائب جديدة على المنتجات الأميركية. وقال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأميركية إن الوزير ستيفن منوتشين الذي أوفد إلى الأرجنتين السبت والأحد، «سيردّ على المخاوف بشأن السياسة التجارية».

ومن المتوقع أن تُعقد محادثات ثنائية بين منوتشين ونظرائه الفرنسي والألماني والياباني والكندي والكوري الجنوبي والإيطالي والمكسيكي.

وأبقى صندوق النقد الدولي هذا الأسبوع على تقديراته للنمو العالمي بنسبة 3,9 % لعامي 2018 و2019 لكن مديرته العامة كريستين لاغارد أشارت إلى أن هذه الأرقام قد تشكل سقفاً.

واعتبر كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي موريس اوبستفلد أن التوترات التجارية تشكل «التهديد الأكبر على المدى القريب للنمو العالمي». لا سيما أن السياسة الحمائية للبيت الأبيض لا تؤثر فقط على بكين بل على شركائها الرئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي وكندا والمكسيك.

إلى ذلك يتوجه رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر الأربعاء إلى واشنطن حيث سيلتقي الرئيس الأميركي، في محاولة لتهدئة التوترات مع الولايات المتحدة.

وحذرت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل من جهتها، من أن أوروبا «مستعدة» للردّ في حال فرضت الولايات المتحدة مزيداً من الرسوم على وارداتها من السيارات الأوروبية، الأمر الذي يشكل قلقاً كبيراً بالنسبة لمصنعي السيارات الألمان.

ومن بين المسائل التي توتّر العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أيضاً، رفض الأوروبيون طلب واشنطن عزل أيران اقتصادياً، وقد تبنوا آلية قضائية تعرف باسم «قانون العرقلة» تتيح حماية الشركات الأوروبية الموجودة في هذا البلد من العقوبات الأميركية.

وسيدخل قانون العرقلة حيز التنفيذ في السادس من أغسطس، وهو تاريخ بدء تنفيذ الشريحة الأولى من العقوبات الأميركية.

وبموجب مبدأ عالمية القانون الأميركي لتطبيقه خارج حدود الدولة، تنوي واشنطن فرض عقوبات على شركات وأفراد يقيمون علاقات تجارية مع إيران. وقد قرر عدد من الشركات الأوروبية الكبيرة مثل مجموعة توتال النفطية، الانسحاب من إيران إذا لم يتم إعفاؤها من العقوبات الأميركية. وترفض واشنطن حتى الآن إعفاء الشركات الأوروبية من العقوبات.

وسيناقش وزراء مالية مجموعة العشرين أيضاً في عطلة نهاية الأسبوع التهديدات التي تخيّم على النمو العالمي ومخاطر اندلاع أزمة في الدول الناشئة.

ومن المقرر أن يلتقي رؤساء دول وحكومات مجموعة العشرين في بوينوس ايرس في 30 نوفمبر والأول من كانون الأول ديسمبر لمناقشة مستقبل الاقتصاد العالمي.