أكد رئيس شركة أرامكو السعودية أمين الناصر أن برنامج أرامكو للتحول الإستراتيجي الذي بدأته الشركة في العام 2011 وضع هدفًا بأن تتحول الشركة من كونها الشركة الأولى الرائدة في العالم في مجال الطاقة إلى أن تكون الشركة الرائدة في العالم في مجال الطاقة والكيميائيات، لافتاً إلى أن إستراتيجية أرامكو السعودية تضمنت إعادة موازنة مجموعة أعمالها التي كانت تركز في العقود الماضية على إنتاج النفط والغاز بحيث تتوسع بشكل كبير في قطاع التكرير والمعالجة والتسويق والكيميائيات، وأن نكون الشركة العالمية الرائدة في الطاقة والكيميائيات، وهذا التحول يتضمن الكثير من مزايا التكامل وفرص النمو والقيمة المضافة وتنويع مصادر الدخل. وقامت الشركة بعدة إنجازات كبرى خلال الخمس سنوات الماضية لتنمية قطاع الكيميائيات منها مشروعات عملاقة تم إنشاؤها مثل مشروعي صدارة وبترورابغ ومنها مشروعات تم الاستحواذ على حصة إستراتيجية منها مثل شركة لانكسيس المشهورة بتميزها في صناعة المطاط الصناعي.

وعن توجه أرامكو السعودية لشراء حصة إستراتيجية في سابك بما أننا ما زالنا في المراحل الأولى للمباحثات فإن الإطار الزمني للصفقة سيتم تحديده بعد التوصل إلى اتفاق، وسيكون ذلك في وقت لاحق بإذن الله رهنًا بما يتحقق من تقدّم في المناقشات.

وشدد الناصر على «أننا في مرحلة مبكرة للغاية وما زالنا في المراحل الأولى للمباحثات وسوف يتم تحديد الإطار الزمني للصفقة بعد التوصل إلى الاتفاق، والمناقشات مع صندوق الاستثمارات العامة بشأن الاستحواذ على حصة إستراتيجية في شركة سابك، وعادةً في هذه المرحلة الأولية لا يمكن الجزم أن الصفقة سوف تتم. مشيراً إلى أن أرامكو السعودية ما زالت بصدد تقييم فرص استحواذ أخرى».. وبخصوص الكيميائيات فإن هناك خيارين عن طريق إنشاء مشروعات جديدة (مثل مشروع صدارة) أو عن طريق الاستحواذ.

وقبل حوالي سنة ونصف تم الإعلان عن مشروع عملاق مشترك مع سابك بطاقة 400 ألف برميل في اليوم لتحويل النفط إلى كيميائيات، وكذلك أعلنت الشركة عن استثمارها في مشروع تقني سيحقق نقلة نوعية بتحويل النفط الخام مباشرة إلى كيميائيات بنسبة 70 الى 80 %.

وبين الناصر أن جميع مشروعات أرامكو السعودية العالمية في مجال التكرير تتضمن هدفًا كبيرًا يتمثل في تحويل نسبة عالية من النفط الخام إلى كيميائيات، مثل المشروع المشترك في الهند وماليزيا، وكذلك استثمارات شركة موتيفا المستقبلية في الولايات المتحدة الأميركية. وبالتالي فإن الصفقة المحتملة للاستحواذ على حصة إستراتيجية في سابك تأتي ضمن خطة بدأتها الشركة منذ عدة سنوات وتنظر فيها إلى جميع الخيارات المحلية والإقليمية والعالمية.

مستقبل قطاع الكيميائيات

وكشف أمين الناصر أن قطاع الكيميائيات واعد على المستوى العالمي؛ حيث ينمو بمعدل نحو 3 % وهو أسرع من معدل نمو الاقتصاد العالمي أو الطلب الإجمالي على الوقود، وسوف ينمو بمقدار 50 % عما هو عليه الآن على مدى 20 إلى 25 سنة المقبلة.. ولذلك فإن الاستثمار في الكيميائيات هو إحدى السبل لدعم أعمال شركة أرامكو في مجالي التكرير والتسويق التي تشهد هي الأخرى نموًّا.

وبين أن لدى الشركة تطلع طموح للغاية ضمن إستراتيجياتها على المدى البعيد وهو تحويل 2 إلى 3 مليون برميل من إنتاجنا من النفط إلى كيميائيات. هذا الهدف له عدة فوائد منها: زيادة القيمة المضافة من كل برميل وتنويع مصادر الدخل، وتأمين مصدر لتسويق إنتاجنا الضخم من النفط على المدى البعيد خارج قطاع النقل. حاليًا غالبية استهلاك النفط العالمي يتم في قطاع النقل، واستحداث أثر إيجابي فيما يتعلق بالتغير المناخي لأن الاستخدام النهائي للنفط في مجال الكيميائيات وليس في مجال المحروقات يساعد في خفض انبعاثات الكربون.. لذلك فإنه من أجل تحقيق الخطط والتطلعات الإستراتيجية سعت أرامكو على مدى السنوات الماضية إلى النمو في مجال الكيميائيات من خلال طريقين: مشروعات جديدة مثل صدارة وبترورابغ. وصفقات الشراء والاستحواذ مثل شراء حصة 50 % من شركة لانكسيس الألمانية التي تمت قبل سنتين.

وأوضح رئيس الشركة إلى أن أرامكو تبحث كل الفرص الاستثمارية المتاحة على الصعيدين الوطني والعالمي لتنمية أعمالها في مجال الكيميائيات بما يتوافق مع إستراتيجياتها، وتأتي في هذا السياق الصفقة المحتملة للاستحواذ على حصة إستراتيجية في سابك، وهي الشركة السعودية المرموقة التي تعد الثالثة عالمياً والتي تربطها مع أرامكو السعودية علاقات متميزة منذ بداية تأسيسها.

وعن مدى تأثير الصفقة المتوقعة على طرح شركة أرامكو، شدد الناصر على أن الشركة لاتزال مرحلة أولية ومبكرة جداً في المناقشات.. ولا شك في أن إجراءات الاستحواذ تأخذ وقتها خاصة إذا كانت الصفقة كبيرة. وهناك مناقشات الصفقة لا بد أن تأخذ إجراءاتها ومراحلها، كما أن هناك أنظمة سوق المال ذات العلاقة بعمليات الاستحواذ وينبغي أخذها في الاعتبار.. ولكن إذا ما اكتملت الصفقة المحتملة؛ فإن ذلك حتماً سيكون له تأثير على الإطار الزمني لخطة طرح جزء من أرامكو السعودية للاكتتاب. وكما أشرت في لقاءات سابقة متى ما كانت أرامكو السعودية جاهزة يبقى توقيت طرح جزء من أرامكو للاكتتاب قرارًا من الدولة.

وعن مدى تأثير الصفقة عل الموقع التنافسي لأرامكو السعودية، قال رئيس الشركة: ستعزز الصفقة المحتملة مع سابك أو غيرها بإذن الله موقع أرامكو السعودية التنافسي لأنها تدعم أكثر من هدف إستراتيجي للشركة، وعلى رأسها موازنة التقلبات بين عوائد قطاع التنقيب والإنتاج وعوائد قطاع التكرير والكيميائيات. فعوائد قطاع التنقيب والإنتاج تتأثر سلباً لدى انخفاض أسعار النفط العالمية بينما عوائد قطاع التكرير والكيميائيات تحقق عوائد جيدة مع انخفاض أسعار النفط الخام العالمية. وهذا ما نسعى له حين تحدثنا عن إعادة توازن محفظة الأعمال لدى أرامكو السعودية بين قطاع إنتاج الزيت والغاز وقطاع التكرير والكيميائيات.

وبالإضافة لذلك تعزز الصفقة المحتملة مع سابك أو غيرها من الشركات الملائمة في مجال الكيميائيات موقع أرامكو السعودية التنافسي في زيادة الابتكار وتعميق سلسلة التصنيع إلى المنتجات المتخصصة عالية القيمة، وتحقيق أعلى قدر ممكن من القيمة المضافة على كل برميل نفط وكل قدم قياسية مكعبة من الغاز تنتجها الشركة.

يشار إلى توجه أرامكو السعودية لتنمية قطاع الكيميائيات يخفض من المخاطر التالية:

  • تغير أنماط الطلب في قطاع النقل على المدى البعيد. قطاع النقل في السيارات الصغيرة يعتمد على منتجات النفط المكررة. ومع أن ذلك سيستمر على المدى البعيد إلا أن نمو السيارات ذات المحركات الكهربائية يتطلب تأمين أسواق للنفط في قطاعات جديدة لا تستهلك النفط كمحروقات بل تستهلكه كلقيم مثل الصناعات الكيميائية والصناعات اللامعدنية.
  • خفض النمو في البصمة الكربونية المرتبطة بتحديات التغير المناخي. فنسبة الانبعاثات الكربونية تكون أقل حينما يتم استهلاك النفط كلقيم في الصناعات الكيميائية والصناعات اللامعدنية مقارنة باستخدام النفط كوقود ومحروقات.

    هذا وتتيح الصفقة المحتملة فرصًا كبيرة للتكامل مبنية على نقاط القوة المميزة لدى أطراف الصفقة، ومن المعروف أن أرامكو السعودية هي الشركة الأقوى عالميًا في إنتاج الطاقة ومن الأبرز عالميًا في مجال الموارد البشرية المؤهلة ومراكز البحوث والتطوير والابتكار وانخفاض تكلفة الإنتاج. وهي نقاط قوة تعزز فرص نجاح الاستثمار والتكامل في قطاع الكيميائيات. ومن المتعارف عليه أن شركات النفط والغاز تكون له صلات قوية وتكاملية مع شركات الكيميائيات.