أكد عدد من المحللين الاقتصاديين أهميةَ الصفقة المرتقبة والمتمثلة في استحواذ شركة أرامكو على حصة من شركة سابك، عملاق البتروكيميائيات السعودي، وذلك لكل الأطراف المرتبطة بتلك الصفقة، والسوق السعودي، بغض النظر عن ترجيح كون تلك الصفقة خاصة بين شركة أرامكو كمستثمر مشترٍ وصندوق الاستثمارات العامة كمستثمر بائع، متوقعين أن تسهم الصفقة في عوائد مالية ضخمة لصندوق الاستثمارات العامة الذي يصنف كأبرز المستثمرين في العديد من الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودي، ولا يستبعد تخصيصه جزءًا كبيراً من تلك العوائد في استثمارات محلية وعالمية ستسهم في تمكين الصندوق من تحقيق أهدافه المنشودة ومنها وضع المملكة على خارطة الاستثمارات العالمية.

وقال رئيس لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة تجارة الرياض، محمد بن غانم الساير، لن يكون تأثير استحواذ شركة أرامكو على حصة استراتيجية من سابك مباشراً على سوق الأسهم السعودي ولكنه يحمل كثيراً من الإيجابية لعموم الأطراف وللسوق بشكل غير مباشر، فالصفقة ستكون خاصة بمنآى عن السوق، طرفاها هما صندوق الاستثمارات العامة وشركة أرامكو، وتكمن الإيجابية المتوقعة بالنسبة لأرامكو دعم استراتيجيتها الرامية للتوسع بمختلف مجالات الطاقة بدءًا بالإنتاج ثم التكرير والمعالجة، لتكون الشركة الرائدة في العالم في مجال الطاقة والكيميائيات معاً.

وأشار الساير إلى أن بيع صندوق الاستثمارات العامة لحصته أو لجزء من حصته في سابك التي تزيد قيمتها السوقية على مليار دولار سيحقق له سيولة عالية سيوجهها أو يوجه جزءًا منها للاستثمار عالمياً أو محلياً، ولا يستبعد بأن يكون جزء من ذلك في السوق السعودي ليعزز محفظته الاستثمارية الضخمة بالسوق، وبالنسبة لشركة سابك فإن تملك أرامكو لحصة من الشركة سيتيح لها مزيداً من المرونة في الحصول على منتجات أرامكو التي تعتمد عليها سابك بشكل أساسي في صناعتها وهذا سيكون له دور كبير في توسع سابك وقوتها.

وعن تأثير الاستحواذ المتوقع على الطرح المنتظر لجزء من أرامكو، قال رئيس لجنة الأوراق المالية “من وجهة نظر شخصية ليس لدي أدنى شك بحدوث ذلك الطرح المرتقب وأعتقد بأنه سيبدأ مقتصراً على السوق السعودي، وبعد ذلك ستبادر الشركات المهتمة بأرامكو بالشراء”.

بدوره قال هاني باعثمان، الرئيس التنفيذي لشركة سدرة المالية، إن العوائد الضخمة التي سيجنيها صندوق الاستثمارات العامة والذي يمتلك جزءًا من سابك تقدر قيمته بـ70 مليار دولار، جراء بيعه كامل تلك الحصة أو جزء منها سيخدم بشكل كبير أهداف الصندوق الرامية للتوسع في الاستثمارات غير النفطية حسب مرئيات رؤية المملكة 2030 والتي تسعى لتقليص الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي، ومن المرجح في حال حدوث الصفقة التي أعلن أنها في طور التفاوض والدراسة أن يتحصل الصندوق على عوائد ضخمة سيوجهها في مشروعات عالمية أو محلية لخدمة أهدافه الرئيسية بدءًا بتعميق دور المملكة إقليمياً وعالمياً، وستدعم تلك السيولة دور الصندوق الموكول له ضمن رؤية المملكة 2030، سواء فيما يختص بإطلاق قطاعات جديدة أو توطين التقنية أو زيادة مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد.

وأشار باعثمان إلى أن توجيه الصندوق تلك العوائد أو أجزاء كبيرة منها للاستثمار في السوق المحلي غير مرجح في ظل تملك الصندوق لما قيمته حوالي 150 مليار دولار في السوق 70 مليار منها قيمة ملكيته في سابك و80 مليار موزعة بين شركات أخرى مدرجة في السوق، مبيناً بأنه في حال حدوث الصفقة فسيعتبر هذا أول تواجد ملموس لأرامكو في سوق الأسهم السعودي ولا يستبعد أن يكون بداية قوية لتواجد مؤثر وضخم.

يذكر أن شركة أرامكو سعت خلال الأعوام الماضية إلى التوسع في قطاعات الكيميائيات عبر مشروعات جديدة مثل صدارة وبترورابغ، وعبر الاستحواذ على حصص في شركات مثل شراء 50 % من شركة لانكسيس الألمانية التي تمت قبل سنتين، وتبحث أرامكو كل الفرص الاستثمارية المتاحة على الصعيدين الوطني والعالمي لتنمية أعمالها في مجال الكيميائيات بما يتوافق مع استراتيجياتها. وتأتي في هذا السياق الصفقة المحتملة للاستحواذ على حصة استراتيجية في سابك، وهي الشركة السعودية المرموقة التي تعد الثالثة عالميًّا، والتي تربطها مع أرامكو علاقات مميزة منذ بداية تأسيسها.

وسيكون للصفقة المنتظرة دور كبير في دعم سابك لتحقيق رؤيتها لتصبح الشركة العالمية الرائدة المفضلة في مجال الكيميائيات وتقديم منتجات وخدمات عالية الجودة من خلال الابتكار والتفوق وذلك بدعم خبرات وتجارب أرامكو وقدراتها التسويقية، وستكون الفائدة مشتركة بين الشركتين في ظل التوقعات بنمو قطاع الكيميائيات بمعدل نحو 3 %، وهو معدل أسرع من معدل نمو الاقتصاد العالمي أو الطلب الإجمالي على الوقود، وسينمو القطاع بمقدار 50 % عما هو عليه الآن على مدى الـ25 سنة القادمة.