تتطور استخدامات النفط مع مرور الوقت وتطور العلم في مجال الطاقة، في البدء كان استخدام النفط ينحصر بتوليد الطاقة ثم تحول إلى وقود أساسي لوسائل النقل وها هو يتوسع ليصبح مصدرا رئيسا لصناعة المواد الاستهلاكية لحياتنا اليومية.
ينمو استهلاك العالم للبتروكيميائيات بصورة متصاعدة متخطيا نمو طلب العالم على البنزين والديزل والكيروسين وزيت الوقود، وينتج النفط ومشتقاته حاليا حوالي 60 % من المواد البتروكيميائية المنتجة بالعالم والباقي ينتجها سوائل الغاز والفحم.
وهذا يعني أن مستقبل نمو الطلب على النفط بعد 2030م سيحدده الطلب العالمي على البتروكيميائيات وليس نمو الطلب العالمي على وقود وسائل النقل المختلفة، وبحسب غولدمان ساكس فإن عدد السيارات الكهربائية سيرتفع في 2030م إلى 83 مليون سيارة، والجدير بالذكر أن عددها الآن 1 – 2 مليون سيارة. وأما وود ماكينزي فترى أن طلب العالم على وقود الديزل وبنزين السيارات سيصل إلى القمة في 2030م. وعليه فلقد أجمعت معظم المؤسسات الاستشارية بالعالم أن نمو طلب العالم على البتروكيميائيات سيكون المحرك الأساسي لنمو الطلب على النفط.
وبحسب التقارير المختصة فإن الطلب العالمي على المواد الأساسية للبتروكيميائيات من الإيثلين والبروبلين سيرتفع بحوالي 130 مليون طن بين 2017 – 2030م. وأما ارتفاع الطلب على البتروكيميائيات العطرية من بنزين وبارازيلين فسيرتفع بحوالي 50 مليون طن لنفس الفترة، هذا غير المواد الأخرى مثل أولفينات البيوتان وغيرها، باختصار يحتاج العالم في 2030م أن يرفع إنتاجه للبتروكيميائيات الأساسية بحوالي 200 مليون طن، ولعمل ذلك يحتاج العالم إلى بناء 70 مصنعا حراريا لإنتاج الإيثلين والبرويلين وحوالي 60 مصنعا لإنتاج البروبلين PDH.
وأما بالنسبة لإنتاج البتروكيميائيات العطرية فيحتاج العالم إلى تشييد 25 وحدة صناعية لإنتاج البنزين العطري المستخدم لإنتاج بلاستيك البولي ستايرين وحوالي 35 وحدة لإنتاج مادة البارازيلين المستخدمة بإنتاج قوارير المياه الشفافة والبوليستر لصناعة المنسوجات.
ولعمل مقارنة مع زيادة طلب العالم على الوقود -وبحسب وود مكينزي- فإن طلب العالم على وقود الطائرات سيرتفع في 2030م بحوالي 4 ملايين برميل وأما الطلب على بنزين السيارات سيبقى ثابتا في 2030م عند 26.5 مليون برميل باليوم وأما استهلاك العالم للديزل فسيرتفع بحوالي مليوني برميل باليوم وسيصل إلى القمة وهي 30 مليون برميل باليوم بسبب منافسة السيارة الكهربائية وقوانين أوروبا وآسيا الصارمة ضد الديزل حيث إن كثيرا من هذه الدول أعلنت عزمها على حظر استخدام الديزل بعد 2030م.
وخلاصة القول قد يرتفع الطلب العالمي على الوقود «بسبب وقود الطائرات» بحوالي 6 ملايين برميل باليوم في 2030م أو ما يعادل 300 مليون طن. وهذا يقودنا إلى استنتاج أن إجمالي زيادة الطلب العالمي على البتروكيميائيات يقترب من زيادة طلب العالم على الوقود، ولكن وبالنظر إلى حجم إنتاج الوقود الحالي وحجم إنتاج البتروكيميائيات نجد أن النمو بإنتاج الوقود في 2030م بالكاد يصل إلى 0.8 % سنويا بينما سيصل النمو بإنتاج البتروكيميائيات الأساسية في 2030م إلى 6 % سنويا أي أن نمو طلب العالم على البتروكيميائيات الأساسية يعادل 7 أضعاف نمو طلبه على وقود النقل.
وفي الختام سيستمر الطلب العالمي على النفط بالارتفاع ولكن ستتغير نوعية الطلب ويبدو أن المستقبل سيركز أكثر على تحويل النفط إلى منتجات أولية للصناعة البتروكيميائية ولذلك يجب الإسراع بالتوسع بصناعة البتروكيميائيات بالمملكة سواء بتحويل مشتقات النفط كالنافثا إلى بتروكيميائيات أو بتحويل النفط نفسه وبشكل مباشر إلى بتروكيميائيات.
وبهذا ستحجز المملكة لنفسها حصة من إنتاج الزيادة المتوقعة بالطلب العالمي على البتروكيميائيات وهذا يتفق مع رؤية المملكة 2030م في التركيز على البتروكيميائيات كمصدر أساسي لرفع الناتج الوطني ولخلق مزيد من الوظائف للشباب السعودي.