استأثرت منطقة الشرق الأوسط بالحصة الأكبر من الثروات على شكل أصول قابلة للاستثمار، إذ يُتوقع أن تنمو الثروة القابلة للاستثمار في المملكة العربية السعودية بمعدل سنوي مركب يبلغ 5 بالمئة بحلول العام 2022، وفقاً لتقرير جديد صدر عن بوسطن كونسلتينج جروب.
وواصلت الثروات الشخصية تحقيق معدل نمو إيجابي بين العامين 2016 و2017 (8 %)، ومن المتوقع أن يستمر هذا النمو بوتيرة ثابتة على مدار السنوات الخمس المقبلة وفقاً للتقرير الصادر بعنوان «الثروة العالمية 2018: الاستفادة من مزايا وإيجابيات التحليلات».
ووفقاً للتقرير، فقد نمت الثروة المالية الشخصية حول العالم بنسبة 12 % في العام 2017 لتصل إلى 201.9 تريليون دولار أميركي.. وكانت أبرز العوامل الرئيسة المحركة لهذا النمو هي الأداء القوي للأسواق المالية في جميع الاقتصادات الرئيسة -مع تسجيل الثروات على شكل استثمارات في الأسهم وفي صناديق الاستثمار أقوى معدل نمو- فضلاً عن الارتفاع الواضح على أسعار معظم العملات الرئيسة مقابل الدولار.
وارتفعت الثروة الشخصية في منطقة الشرق الأوسط بنسبة 11 % لتصل إلى 3.8 تريليونات دولار في العام 2017، وهو نمو ملحوظ مقارنةً بمعدل النمو السنوي المركب في السنوات الخمس السابقة. وفي السعودية، نمت الثروة الشخصية بنسبة 3 % بين العامين 2016 و2017. وكانت المحركات الرئيسة وراء هذا النمو في الفترة بين العامين 2016 و2017، هي التطورات الإيجابية التي شهدتها الأصول في الخارج.
ومن المتوقع أن يتسارع نمو الثروة الشخصية في السعودية بمعدل سنوي مركب بواقع 5 % مع توقعات أن تبلغ قيمة الأصول القابلة للاستثمار 1.1 تريليون دولار بحلول العام 2022. وكانت المحركات الرئيسة وراء هذا النمو في الفترة بين العامين 2016 و2017، هي التطورات الإيجابية التي شهدتها الأصول في الخارج.
واستندت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب في تقريرها السنوي الثامن عشر الخاص بإدارة الثروات العالمية، إلى وجهات نظر عالمية وإقليمية في دراسة وتحليل موضوعات مهمة مثل تطور الثروة المالية الشخصية، واتساع فجوة الإيرادات وسبل المؤسسات إلى تضييق نطاقها، وحالة الأعمال التجارية في الخارج، ويقدم التقرير رؤية شاملة حول كيفية تعزيز التنافسية في السوق من خلال مبادرة مهمة: تعظيم الفائدة من التحليلات المتقدمة.
وقال برنت بيردسلي، وهو شريك أول لدى مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب وخبير إدارة الثروات ومشارك في إعداد التقرير: «إن الحلول والعروض الموحّدة لم تعد تفي باحتياجات العملاء. ولذلك بدأ مديرو الثروات بالاستثمار في حلول وعروض مخصصة، إلا أن العديد منهم لا يزالون يبحثون عن حلّ للمعادلة الصعبة التي تمكّنهم من تقديم تجربة أفضل لعملائهم مع عدم إغفال ما تنضوي عليه من إدارة للبيانات والعمليات والتنظيم والمهارات والحوكمة والتغيرات السلوكية. إن الشركات التي لا تتخذ الخطوات اللازمة في هذه المجالات قد تعرض نفسها لخطر التخلف عن ركب الشركات الأخرى».
ومن جانبه قال الدكتور ماركوس ماسي، وهو شريك أول ومدير مفوّض في مجال الخدمات المالية لدى بوسطن كونسلتينج جروب الشرق الأوسط: «تشير أبحاث مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب إلى أن أكثر من 70 % من عملاء شركات إدارة الثروات ينظرون إلى الخدمات المخصصة على أنها العامل الحاسم في تحديد قرارهم بالاستمرار مع هذه الشركات أو البحث عن شركة أخرى، ونرى أن فرص خلق القيمة تلامس كافة مجالات قطاع إدارة الثروات ويعتمد النجاح من عدمه على وجود أو تطوير أسس متينة من القدرات الإدارية الرئيسة، ونتوقع أن تتمكن الشركات الرائدة من تمييز نفسها عن الشركات الأخرى في السنوات القليلة القادمة، عندها سيكون ردم هذه الفجوة عملية متزايدة الصعوبة بالنسبة للشركات التي تتقاعس عن التكيف مع التغيرات الحاصلة».
وأضاف ماسي: عند النظر بتمعّن على توزيع الثروة في السعودية، من المتوقع أن تنمو كلتا الأصول القابلة للاستثمار والأصول غير القابلة للاستثمار بوتيرة ثابتة، وستنمو الأصول القابلة للاستثمار بمعدل سنوي مركب يبلغ 6 % في الخمس سنوات المقبلة، في حين من المتوقع أن تنمو الأصول القابلة للاستثمار بمعدل سنوي مركب يبلغ 5 %».
وأضاف: «عندما يتعلق الأمر بتوزيع الأصول، فقد استحوذت الأصول في الخارج على النسبة الأعلى من الأصول السعودية في العام 2017، إذ بلغت 49 %، تليها العملة والودائع بنسبة 26 %، والأسهم وصناديق الاستثمار بنسبة 19 %، والتأمين على الحياة والمعاشات التقاعدية بنسبة 6 %. ومن المتوقع أن يشهد توزيع الأصول هذا نمواً طفيفاً بحلول العام 2022، مع توقعات بأن تبلغ نسبة «الأصول في الخارج» و»العملة والودائع» و»الأسهم والصناديق الاستثمارية» 50 % و26 % و 18 % على التوالي».
وفي المملكة ايضاً تصّدرت الأصول في الخارج العوامل التي عززت النمو حسب فئة الأصول بين العامين 2016 و2017 محققة نسبة 5 %. ومن العوامل الأخرى التي ساهمت بالنمو حسب فئة الأصول: التأمينات والمعاشات التقاعدية 4 % والأسهم وصناديق الاستثمار بنسبة 3 %.. وبينما شهدت السندات انخفاضاً عالمياً ملحوظاً بلغ 10 %، لم تشهد السندات السعودية أي تأثير في الفترة من 2016 إلى 2017.
وبالنظر إلى المستقبل، سيشهد النمو حسب فئة الأصول نمواً طفيفاً في فئة التأمينات والمعاشات التقاعدية، بمعدل نمو سنوي مركب عند 6 %، والعملة والودائع بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 5 % في السنوات الخمس المقبلة. وفي نفس الفترة، ستحافظ فئات الأصول الأخرى على ثباتها ومنها الأصول في الخارج بمعدل نمو سنوي مركب 5 % والأسهم وصناديق الاستثمار بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3 %.
ومن المتوقع أن تنمو الأسهم السعودية في الخارج بمعدل ثابت في السنوات الخمس القادمة بمعدل سنوي مركب يبلغ 5 % لتصل إلى 10 ترليونات دولار.
يشار إلى أن حجم الثروة العالمية في الخارج بلغ في العام 2017 حوالي 8.2 تريليونات دولار، مُحققة ارتفاعاً بنسبة 6 % مقارنة بالعام السابق. وحافظت سويسرا على موقعها كأكبر مركز للثروات الخارجية، إذ استحوذت داخلها على 2.3 تريليون دولار من الثروات الشخصية، ومن بين المراكز الأخرى هونغ كونغ (1.1 تريليون دولار) وسنغافورة (0.9 تريليون دولار)، إذ شهدت نمواً في الثروات الشخصية بمعدلات سنوية بلغت 11 % و 10 % على التوالي، أي أكثر بثلاث مرات من معدل نمو الثروات في سويسرا (3 %) في الخمس سنوات السابقة.. وبلغ إجمالي التدفقات الخارجية من العام 2012 حتى العام 2017 أكثر من 800 مليار دولار، وكانت الوجهات الرئيسة هي هونغ كونغ وسنغافورة.. وشهدت بعض المراكز الخارجية لا سيما جزر القنال وجزيرة آيل أوف مان تدفقات خارجة في نفس الفترة.
وخلص التقرير إلى إن الشركات التي تقدم منتجات وخدمات وأسعارا ذكية ومخصصة -سواءً بطرق رقمية أو عن طريق مديري العلاقات أو المستشارين الماليين- ستتمكن من تعزيز نمو أرباحها وموقعها في السوق، ولكن الاستفادة من هذه الفرصة تتطلب امتلاك قدرات متطورة في التحليلات المتقدمة تشمل عدة عناصر مثل منصات التكنولوجيا الجديدة وقدرات التنمية الجديدة وأنظمة التكنولوجيا والبيانات من الجيل القادم إضافة إلى البيانات المحدثة والهيكليات والمهارات التنظيمية الرقمية وتحسين الوصول إلى البيانات الداخلية والخارجية. ويمكن للتحول الكامل في هذه العناصر كافة أن يساهم بتحقيق معدل نمو يتراوح بين 15 كافة و30 كافة ورفع مكاسب الكفاءة بنسبة تتراوح بين 10 كافة و15 كافة.