كشف عدد من المحللين أن نظام التمويل الجديد الذي أعلنته مؤسسة النقد مؤخراً سيخفض القيمة الفعلية للقروض بعد التطبيق نتيجة لتقليص مبالغها، كما سيسهم في الدفع ببرامج التمويل العقاري إلى الأمام، مبينين أنه سيساعد في تقليل العبء المالي عند السداد الشهري.
وأوضح د. سالم باعجاجة أستاذ المحاسبة في جامعة الطائف أن النظام الجديد للقروض يعتمد على توفير الخدمات المختلفة من أجل بناء المشروعات الخاصة للمواطنين، وأن هناك الكثير من التسهيلات من أجل إقامة المشروعات يساعد المقترض على الحصول على قرض وفق راتبه وطريقة السداد، وقيمة المشروع والمهارات والخبرات لمقدم المشروع، مبينا أن هذا النظام يصب في مصلحة المواطن أولا وأخيرا، كما أنه سيكون داعما للأسر في كيفية معرفة الادخار.
فيما اعتبر المحلل عبدالرحمن الجبيري أن نظام التمويل الجديد المسؤول للأفراد والذي أعلنته مؤسسة النقد العربي السعودي “ساما” ليدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من 12 اغسطس اتجاهاً مهماً بهدف إعطاء المستفيد مساحة واسعة للحصول على القروض بما يحقق حاجته الفعلية وبما يسهم في تقليل العبء المالي عند السداد الشهري، مبيناً أن النظام الجديد ينطبق على كافة أنواع الإقتراض، كالقروض التمويلية للعقار والقروض الشخصية وقروض شراء المركبات والبطاقات الائتمانية والتي قد يعاد في هذه الأخيرة (البطاقات الائتمانية) تحديدات جديدة للحد الائتماني المتاح بها، كما أنه وفق النظام الجديد سيكون الالتزام الائتماني الشهري لها مساوياً للحد الأدنى للسداد من السقف الائتماني لكل بطاقة.
وأشار إلى أن “ساما” أكدت أيضاً في النظام الجديد على أهمية اتباع أسلوب علمي ومعايير واضحة بين البنوك والعملاء لتكون أكثر شفافية وتخضع تلك التعاقدات لمراجعات وتقييمات مستمرة مع العمل على تحديثاتها وستشتعل العقود الجديدة على بنود واضحة ومحددة للمستفيد، معتبرا هذه الخطوة من المؤسسة حماية فعلية للمستفيدين وفق متابعات وأداء دقيق وفعال ومنهجية في قدراته المالية الفعلية تحافظ على استقراره وأمانه المعيشي، حيث سيُمنح القرض بعد أن يتم الأخذ في الاعتبار وضع المصاريف الأساسية من دخله الشهري وفق ما أعلنته المؤسسة تشمل تلك المصاريف التعليم، الأغذية، أجور العمالة المنزلية، مصاريف السكن كالإيجارات والخدمات ومصاريف الرعاية الصحية والنقل والاتصالات والتأمين وأي مصاريف متوقعة.
وأضاف أن مبالغ التمويل التي سيحصل عليها المستفيد بعد التطبيق ستكون أقل عن السابق حيث كانت البنوك تمنح القروض بناء على إجمالي الراتب الكلي المدفوع للعميل دون النظر إلى أي مصروفات أخرى وهو ما شكل عبئاً باستقطاع ثلث الراتب تقريبا قبل أن يستقطع المستفيد نفسه ما هو ملتزم به من مصاريف أخرى حيث أن دخله يتآكل نتيجة لذلك، وتابع أن التمويل الجديد مفيد من الناحية الاقتصادية للأفراد حيث سترتفع القوة الشرائية في الجانب الاستهلاكي من جهة ومن جهة أخرى ستحافظ على تحقيق توازن في الاستهلاك وتُشجع في توجيه الاقتراض إلى شراء المساكن بدلا من القروض الاستهلاكية.
وقال الجبيري إن النظام قد حدد قياس تلك المصاريف الأساسية حيث سيقوم للممول باستخدام نماذج وأدوات مالية لقياس إمكانية تحمل تلك المصاريف وملاءمتها لظروف العميل وحسابه الجاري ومصروفات ذلك الحساب المستدامة وكذلك من خلال معلومات محاسبية تُقدم للممول وأيضا عدم احتساب الإعانات الحكومية الأخرى وشمولها على الدخل الشهري والأخذ بها عند الاقتراض مثل برنامج حساب المواطن والضمان الاجتماعي، أما نسب التحمّل فقد أوضح النظام ذلك بحيث أن من يبلغ دخلهم الشهري 15 ألف ريال فأقل فإن الاستقطاع سيكون ما نسبته 33.33 % والمتقاعدين 25 % من إجمالي الراتب وهذا ينطبق أيضا على من يتجاوز دخلهم الشهري 15 ألف ريال وأقل من 25 ألف ريال، إلا أن هناك نسبا مختلفة في جانب التمويل العقاري، إضافة إلى استمرار مدد التمويل كالسابق والمحددة بخمس سنوات في التمويل الشخصي باستثناء التمويل العقاري وبطاقات الائتمان.
ولفت الجبيري إلى ارتفاع القروض العقارية التي منحتها البنوك التجارية للأفراد والشركات بنهاية الربع الأول 2018 إلى نحو 217.3 مليار ريال بنسبة ارتفاع قدرها 3 % مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي، ووفقاً للبيانات المحدثة التي نشرتها مؤسسة النقد السعودي فقد بلغت قيمة القروض الاستهلاكية الممنوحة للأفراد نحو 125.6 مليار ريال بارتفاع قدره 3 % مقارنة بالربع الذي سبقه إذ بلغت آنذاك 121.4 مليار ريال.
وحول التوقعات المستقبلية في حجم القروض توقع الجبيري أن تنخفض القيمة الفعلية لتلك القروض بعد التطبيق نتيجة لتقليص مبالغها، إلا أن ذلك سيسهم في الدفع ببرامج التمويل العقاري قُدماً وبما سيتحقق خلال ذلك من خلق قدرات اقتصادية وتوازنات مالية قادرة على توجيهها نحو الحاجات الفعلية الضرورية وتلبية متطلباتها في جميع الجوانب الائتمانية المُلحة للأفراد.
من جهته ذكر المحلل د. عبدالله المغلوث وعضو الجمعية السعودية للاقتصاد أن هذا النظام الجديد يحمي المقترضين من التعثرات وأخذ أموال كثيرة تضر في اقتصاد الأسرة وبالتالي سكون هناك التزامات على المقترض لا يمكن الوفاء بها.
وأضاف المغلوث أن هذا النظام من الاقتراض هو بمثابة توازن بين الممول والمقترض مع مراعاة جميع التزامات المقترض من مصاريف والتزامات مالية واستهلاكية من كهرباء وماء وفواتير أخرى، وبالتالي تعمل البنوك على دراسة بعد خصم تلك الالتزامات ومن ثم يقدم القرض حتى لا يكون هناك عبئا ماليا على المقترض.