يواصل عدد من المستثمرين في قطاع النقل الثقيل اعتراضهم على اللائحة الجديدة للنقل البري على طرق المملكة، والتي أصدرتها هيئة النقل العام مؤخراً، ومن أبرز النقاط التي يعترضون تضمنها هذه اللائحة وهي محل تذمرهم، إيقاف تراخيص الناقلات من موديلات 1998 وما دون ذلك، فضلا عن عدم الموفقة على إضافة ناقلات جديدة يكون موديلها خمس سنوات فأكثر، ويشدد المستثمرون في هذا القطاع على أن هذه الفترة تشهد صعوبات اقتصادية وتأثيرا كبيرا على نشاطهم في كل مناطق المملكة جراء المتغيرات الاقتصادية المعروف، مما سبب نوعا من الركود في نشاطهم، ثم جاءت هذه اللائحة لتضيف لهم هموما إضافية، وسوف يكون لها أثر سلبي كبير على المنشآت المتوسطة والصغيرة العاملة في هذا المجال، فهناك من سوف يتوقف نشاطه ويتجه للاستثمار في مجالات أخرى، أو يظل يعاني من الخسائر المتراكمة في ظل عدم تجاوب هيئة النقل العام لمطالب المتضررين في هذا النشاط المهم لمواصلة النمو الاقتصادي في أي بلد بالعالم، وتوفر في الوقت نفسه خدمات نقل بأسعار مقبولة لربط أنشطة الشركات في نشاط التجزئة وفي مختلف المناشط التي هي بحاجة لنقل بري موثوق بأسعار منافسة.

لائحة مجحفة

بداية تحدث لـ”الرياض” نايف الدعجاني المستثمر في مجال النقل البري، قائلا “كنا نتابع ومنذ ستة أشهر مع هيئة النقل العام صدور لائحة النقل التي تتضمن نقاطا مهمة وجديدة للنقل البري، وقدمت لنا مسودة فيها العديد من النقاط الجديدة، حيث كانت الأمور سابقا فيها الكثير من العشوائية، حيث نجد تسترا وأجانب يعملون في هذا المجال من دون رقيب أو حسيب، فضلا عن شركات غير سعودية تدخل شاحناتها إلى المملكة من دبي وتعمل فترة أسبوعين من دون ضوابط تنظم عملها ثم تذهب إلى دبي مرة أخرى وتدخل من جديد، وجاءت هذه اللائحة ببعض الجوانب الإيجابية التي تخدم النشاط في المملكة، ولكن بالمقابل زفت لنا أنظمة جديدة تعد كارثية للعاملين في هذا النشاط، ومن أهمها ما يتعلق بعمر الشاحنات، حيث سيتم إيقاف الشاحنات التي يصل عمرها إلى 20 عاما، والأكثر ضررا إيقاف ضم الناقلات الجديدة التي عمرها خمس سنوات فأكثر، وللعلم أغلب الشاحنات العاملة في سوقنا من موديلات قديمة وهي من شركات أوروبية كبرى ومعروف عن عمرها الافتراضي لا يقارن بالشاحنات الصغيرة أو السيارات الخاصة، لكونها بمواصفات عالية وتكلفتها وصيانتها غالية جداً، ولا مانع لدينا من إيقاف أي شاحنة ليست ملائمة للبيئة أو مؤثرة على الطرق، وهناك أنظمة تستطيع هيئة النقل فرضها وإخراج أي شاحنة أو عربة غير مناسبة للعمل من غير ربط ذلك بالموديل، فهذا يسبب خسائر كبيرة لنا، فمن سوف يشتري منا شاحنات يعلم أن الأنظمة في المملكة ترفض الترخيص لعملها”.

من جانبه يقول العامل بنشاط النقل العام فايز الفايز “لدينا اعتراض معلن على لوائح هيئة النقل العام، والتقينا برئيسها الذي تفهم موقفنا، ولكن لم نجد الحلول المناسبة لمشكلتنا حتى الآن، وقامت غرفة الرياض مؤخراً بالتنسيق مع لجنة النقل باستضافة لقاء ضم أكثر من 200 مستثمر بهذا النشاط للمطالبة بتغيير بنود اللائحة التي سيكون لها ضرر كبير على النشاط، وخاصة الشركات المتوسطة والصغيرة، التي تجد دعما من الدولة، ثم نرى مع الأسف من يناقض هذا التوجه، ويعتمد لوائح تؤثر على هذه الشركات، وقد يخرجها من السوق ويسبب لها خسائر كبيرة، ونحن كنا خلف وجود تنظيمات تخدمنا في هذا النشاط، ووجود الهيئة بمرسوم ملكي أسعدنا، ولها إيجابيات ولدينا فيها آمال كبيرة، لكن بعض نقاط اللائحة قاصمة للظهر وهي تلائم التطبيق في دول أوروبية مصنعة للشاحنات، ولكن ليس في منطقتنا حيث إن أسعارها غالية جداً، وهيئة الموصفات والمقاييس لدينا في المملكة لديها ضوابط جيدة للشاحنات، ويمكن التركيز على إيقاف أي ناقلة غير صالحة للنشاط وعدم النظر لسنة التصنيع”.

وأشار الفايز إلى أن إجبار مؤسسات النقل على شراء الشاحنات الجديدة من وكلاء محليين، سيكون سببا في ارتفاع أجور النقل، وسينعكس سلبا على ارتفاع قيمة البضائع المنقولة، كما سيحجب عن الدولة الاستفادة من الموارد المالية، التي يدفها مستوردو الشاحنات من قيمة جمارك وأجور موانئ وقيمة مواصفات ومقاييس تدر مئات الملايين سنويا، وهذا لا يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وإغلاق مستوردي الشاحنات معارضهم فيه ضرر باستثماراتهم كونهم معتمدين على الاستيراد، كما ستتوقف الرسوم الحكومية المدفوعة من قبلهم، إضافة إلى زيادة متوقعة في نسب البطالة إذا توقف نشاطهم أو أصبح محدودا جدا.

خدمة وكلاء الشاحنات

محمد الدوسري مستثمر قديم في نشاط النقل البري، يقول إن هذه اللائحة الجديدة تضمنت 37 بنداً، وفيها نقاط وبنود سلبية، ومؤثرة جداً للنشاط، فنحن كنا، ولا نزال مستبشرين بهيئة النقل العام، وسوف نظل نعمل بكل الطرق النظامية لوقف النقاط المجحفة بحقنا في ما يخص وقف الشاحنات وربطها بالموديل، وخاصة عدم إضافة شاحنة موديلها يزيد على السنوات الخمس الأخيرة، فهذا القرار لا يخدم أحدا سوى أصحاب الوكالات الجديدة، ونظام الجمارك يتيح استيراد شاحنات موديلات آخر عشر سنوات، وكذلك شركة أرمكو المعروفة بصرامة أنظمتها واهتمامها بأمور السلامة والصيانة العالية لمركباتها وشاحناتها تتيح عمل موديلات آخر عشر سنوات ضمن أسطولها الذي يجوب المملكة كل يوم، ومع الأسف من عمل هذه اللائحة الجديدة خدم أصحاب الوكالات الجديدة التي تجمع شاحنات داخل المملكة وتعفى من الكثير من الرسوم بهذه الطريقة، وستجد الطريق معبدا لها الآن للبيع على من كدحوا في هذا المجال منذ سنوات طويلة بأسعار مبالغ فيها، في ظل أن هناك اشتراطات لهيئة النقل تخدم مصالحهم.

ويؤكد الدوسري في ختام حديثه على أن القضاء على التستر كان شماعة لاعتماد هذه اللائحة، ولكن مع الأسف أن استمرار العمل بها سوف ينهي السعوديين، وخاصة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي عمل فيها سعوديون مخضرمون من الصفر.