نجحت شركة أرامكو السعودية في إنجاز أضخم توسعة لحقول النفط في تاريخها في حقل خريص النفطي وهو رابع أكبر حقول الزيت الخام في العالم حيث تمت زيادة طاقة إنتاج النفط الخام من هذا الحقل من 1.2 مليون برميل إلى 1.5 مليون برميل في اليوم من الزيت الخام العربي الخفيف وهي كمية تعادل إنتاج دول في منظمة «أوبك» في ظل تحديات إنشائية تم تجاوزها دون مشكلات فنية. في حين أكدت أرامكو أن الهدف الرئيس من توسعة حقل خريص النفطي لم يكن بغرض زيادة القدرة الإنتاجية للمملكة وهي المصدّر الأكبر للبترول عالمياً فحسب، بل تهدف لتلبية الطلب العالمي المتزايد على البترول والتأكيد القوي باستعداد المملكة للاستجابة لتلك المطالب في الوقت الراهن، ولعقود عديدة قادمة، في وقت تعالج مرافق الغاز في مجمع خريص الغاز المصاحب، و70 ألف برميل في اليوم من المكثفات و320 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم من الغاز.

وشملت التوسعة إنتاجا إضافيا يبلغ 300 ألف برميل في اليوم وطاقة إضافية لحقن المياه تبلغ 500 ألف برميل في اليوم، في حين توظف آبار خريص أحدث تقنيات الحقول الذكية، بما فيها القياسات الآنية للمعدلات، والتحكم عن بعد، وإمكانات المراقبة، في وقت تطلب إنجاز التوسعة تنفيذ مشروعات عملاقة مصاحبة منها توسعة وتحديث أكبر معامل معالجة مياه البحر على مستوى العالم بمعدل 4.5 ملايين برميل يوميًا، وتركيب أكثر 1200 كم من خطوط أنابيب توزيع وحقن مياه البحر، وبناء معمل جديد لحقن المياه في خريص.

وتضمنت أعمال التوسعة أربعة معامل أخرى في كل من عين دار، والعثمانية، والحوية، وحرض، وبناء أكثر من 900 كم من خطوط الزيت الرئيسة، وخطوط التدفق، والخطوط الفرعية للآبار، وبناء أكثر من 1000 كم من خطوط الكهرباء العلوية، ونصب 3000 برج كهربائي من الصلب، يتراوح طول كل واحد منها بين 12 و27 مترًا.

وتم دعم الحقل ببناء مرفق معالجة مركزي مع أربعة معامل لفصل الغاز عن الزيت شاملة مرافق لتركيز الزيت ومعملين لمعالجة الغاز والمكثفات ومرافق للإنتاج والتخزين ومنافع متنوعة ونظام كهربائي مع تسع محطات فرعية، وأنظمة الأجهزة والتحكم، وبناء مرافق للنقل، تشمل أكثر من 170 كيلو مترًا من خطوط الأنابيب متنوعة المقاسات لنقل الزيت الخام، وسوائل الغاز الطبيعي، والزيت المر، والغاز المسال، وبناء مقار سكن مؤقتة لنحو 30 ألف عامل، وأخرى دائمة تستوعب 1200 موظف، إضافة إلى مرافق صناعية ومطار محلي لدعم عمليات الإنتاج، ويبلغ طول حقل خريص 110 كيلومترات، ويغطي ما مساحته 1200 كم.

وشهد حقل خريص الذي اكتشف العام 1957م تحديات كبيرة في بداية الإنتاج والتوسعات المصاحبة حيث بدأ بإنتاجية ضئيلة لم تتجاوز 190 ألف برميل يومياً، وفي العام 1982م زاد معدل الإنتاج من الحقل إلى 300 ألف برميل يومياً من خلال إضافة مرافق معالجة الخام المحتوي على الماء، غير أن الشركة قررت إيقاف العمل في حقل خريص العام 1993م نظراً لمستويات إنتاجه المتدنية وانخفاض مستوى الضغط فيه، ووقوعه في منطقة نائية تصعب عمليات النقل والشحن مما دفع أرامكو لتأجيل عمليات تطويره وإخضاع الحقل لإعادة دراسة بالرغم مما يحتوي عليه من إمكانات هائلة. واضطرت أرامكو لاستئناف تنفيذ المشروع أوائل 2005م والتي صاحبت ارتفاع الاستهلاك العالمي من البترول لمستويات غير مسبوقة والتي تطلبت مزيد من إمدادات الطاقة لتشرع أرامكو بتنفيذ برنامج ضخم وبالغ التعقيد يتضمن تصميم وشراء وتركيب خطوط الأنابيب، والتوسع في معالجة مياه البحر، ومرافق معالجة الزيت الخام والغاز الطبيعي، وكذلك حفر آبار إنتاج للزيت وأخرى لحقن المياه، ونجحت الشركة في التغلب على مشكلة بعد الحقل عن مصادر المياه والذي يتطلب ملايين البراميل من مياه البحر المعالجة يومياً لحقنها في الحقول مما تطلب الأمر مد خطوط أنابيب جديدة من الخليج إلى حقول الزيت. وبدأ الإنتاج الفعلي في مشروع خريص منتصف 2009م ليضيف 1.2 مليون برميل من الزيت العربي الخام الخفيف يوميا إلى مجمل ما تنتجه أرامكو مجسداً دور أرامكو الاستراتيجي في تلبية الطلب العالمي المتزايد على الطاقة.