بدأت بوادر الجهود الضخمة المضنية لإعادة هيكلة وتطوير قطاع المعادن في المملكة والاستغلال الأمثل للثروة المعدنية ضمن أهم مرتكزات التحول الاقتصادي 2020 والرؤية 2030 والتي تستهدف تحقيق نحو 100 مليار ريال سنوياً من قطاع المعادن وتوفير 90 ألف وظيفة، بدأت نتائجها مطمئنة ومبشرة جداً في تحسن ومضاعفة أداء قطاع التعدين بالمملكة وعوائده خلال النصف الأول من 2018 حيث تضاعفت أرباح شركة معادن لتصل إلى 1,1 مليار ريال مقارنة بفترة 2017 البالغة 632 مليون ريال، حيث سعت الشركة جاهدة لرفع قيمة مبيعاتها للنصف الفائت لتصل إلى سبعة مليارات ريال مقارنة بقيمة 5,7 مليارات ريال للنصف المماثل العام السابق.

وجاءت هذه الوثبة لقطاع المعادن كانتفاضة فعلية وعاجلة في أعقاب ما كشفه قائد التحول الوطني الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عن تدني مخرجات قطاع التعدين الذي لم ينجح في استغلال سوى نحو 5 % من الثروات الهائلة التي تكتنزها المملكة من مدخرات المعادن والاحتياطات الضخمة جداً التي حبا الله بها البلاد من ثروة اليورانيوم الذي يمثل 6 % من إجمالي احتياطات الكرة الأرضية، واصفاً سموه هذه الثروة بنفط آخر غير مستغل، إضافة إلى ثروات الذهب والفضة والنحاس وغيرها من المعادن التي لم تستغل بشكل صحيح في حين تنظر الدولة لقطاع المعادن بوصفه الركيزة الثالثة للصناعة السعودية إلى جانبِ النفطِ والغاز والبتروكيميائيات، في حين تبرز شركة معادن ضمن المحركين الاستراتيجيين والقادة لمفهوم التحول الوطني الخاص بجزئية تنمية الإيرادات غير النفطية برفع قيمتها بنسبة 224 % لتصل إلى 530 مليار ريال في 2020.

ونجحت شركة معادن في انتفاضتها في تطوير قطاع الذهب ومعادن الأساس الذي تمتلكه بنسبة 100 % وتدير مناجم الدويحي، والأمار، والسوق، وبلغة، ومهد الذهب، والصخيبرات وتنتج خام الذهب ومركزاته حيث بدأت معادن تفرض منافسة في قطاع المعادن النفيسة والأساس وتمكنها من رفع إنتاجها إلى 18 مليون أونصة وتحقيق أكبر المبيعات في تاريخها بقيمة 12,08 مليار ريال في 2017 مقارنة مع 9,5 مليارات ريال في 2016. في حين ارتفع إنتاج الذهب بنسبة 47 % ليصل إلى 332 أوقية، وهو أعلى إنتاج سنوي نحققه حتى الآن. وتمضي «معادن» قدماً لرفع إنتاجها السنوي في مناجم الذهب ليصل إلى مليون أوقية لتواصل الشركة رفع الاستثمار في الاستكشاف والذي يشمل المواقع الحالية والمواقع الجديدة لتوفير الموارد المعدنية الجديدة الإضافية. ولهذه الغاية استثمرت «معادن» في العام 2017 مبلغ 55 مليون ريال في أنشطة الاستكشاف في المملكة، وتتوقع أن تنفق جزءاً كبيراً من ميزانيتها على استكشاف الذهب ومعادن الأساس في العام 2018 وقد شملت الأنشطة الرئيسة في العام 2017 م التنقيب في المواقع القائمة، وتقييم مشروعات البوتاسيوم، وتقييم أهداف المواقع الجديدة المحتملة، ومواصلة التنقيب في أكثر من 28 موقعاً مستهدفاً.

وتعكف شركة معادن حالياً على تطوير إنتاجية منجم الدويحي للذهب وهو أحدث وأكبر منجم للذهب في المملكة إذ بلغ إنتاجه 163 ألف أوقية من الذهب تم استخلاصها من 2.1 مليون طن من الخام في العام 2017، في حين تعمل الشركة جاهدة على زيادة إنتاج الذهب في العام 2018 ليعادل إنتاجه نسبة تزيد على النصف من إنتاج مناجم السعودية من الذهب.

واستثمرت «معادن» في بناء وتأسيس المنجم والبنى الأساسية والمرافق من طرق وتمديد خط مياه معالجة وإنشاء المعمل وغيرها بنحو 1,5 مليار ريال وبمتوسط إنتاج 180 ألف أوقية سنوياً من الذهب. في حين يقع المنجم في منطقة مكة المكرمة، فيما يُعرف جيولوجياً بمنطقة وسط الدرع العربي، وهي من أغنى المناطق الجيولوجية بالمعادن في المملكة حيث رفع المنجم إنتاج «معادن» إلى نحو 300 أونصة من الذهب سنوياً. ونجحت «معادن» في ابتكار طريقة لتوفير المياه اللازمة للتشغيل وللأغراض الصناعية من خلال تنفيذ مشروع أنابيب نقل مياه الصرف الصحي المعالجة التي تمتد بطول 450 كلم من مدينة الطائف إلى موقع المنجم، وبلغ استثمار معادن في هذا المشروع فقط 600 مليون ريال، وساهم المشروع في توفير 150 فرصة عمل مباشرة للشباب السعودي، 70 % منهم من أبناء القرى والهجر المجاورة للمنجم، وما يقارب 200 فرصة وظيفية غير مباشرة عن طريق مقاولي التشغيل والتموين. وبدأ العمل في المنجم بشكل تجاري إبريل 2017، وتبلغ القدرات التصنيعية له مليوني طن سنوياً من الذهب الخام.  وقد أكمل منجم الدويحي أول عام كامل من الإنتاج التجاري في العام 2017 مما أدى إلى زيادة كبيرة في إنتاج الذهب ليساهم في جزء كبير من إنتاج «معادن» من الذهب وإيراداتها على مدى السنوات الخمس المقبلة حيث تقدر احتياطاته بـ 1.9 مليون أوقية من الذهب، ويحتل مساحة تقدر بنحو 1 كم2. وساهم منجم الدويحي وحده بما مقداره 163٫104 أوقية من إجمالي إنتاج «معادن» ومع هذه الزيادة في الإنتاج ارتفعت حصة الذهب في الإيرادات السنوية، لتشكل 13 % العام 2017 مقارنة بـ 11 % في العام 2016، في وقت ساعدت زيادة الإنتاج في انتعاش الأسعار العالمية ورفع أرباح الشركة حيث بلغ متوسط السعر العالمي 1274 دولارا للأوقية العام 2017 وهو متوسط أعلى من توقعات الشركة البالغة 1100 دولار للأوقية. وقد لامس الإنتاج والعوائد مستوى عالياً جديداً وقدرة أسعار الذهب على البقاء فوق أدنى مستوى سجلته في نهاية العام 2016 بمبلغ 1130 دولارا للأوقية وستكون حاسمة في تحديد الطلب على الذهب والمجوهرات والعملات الذهبية خلال العام 2018.