قال عدد من المختصين والمحللين الماليين، إن التراجع الكبير الذي شهده مؤشر السوق السعودي خلال اليومين الماضيين عائد لسيطرة الفرد على السوق وغياب الاستثمار المؤسسي الحقيقي ولغياب صانع السوق القادر على الموازنة بين العرض والطلب، مشيرين إلى أن تبرير التراجع بالمخاوف من هبوط الأسواق الناشئة، أو بالإعلان عن تطبيق البيع على المكشوف مع بداية العام، هو تبرير بعيد عن الواقع في ظل ما يتميز به اقتصاد المملكة من ثبات تدعمه أسعار النفط المتعافية والإصلاحات الاقتصادية المتعددة، بالإضافة إلى ما يتمتع به السوق من أساسيات تنظيمية، بوجود شركات ذات مكررات ربحية مغرية مدرجة فيه.
وقال رئيس لجنة الأوراق المالية والاستثمار بغرفة الرياض، محمد بن غانم الساير، لـ “الرياض”: من المؤسف أن نرى مثل هذه التراجعات الكبيرة وغير المبررة في السوق، والتي لا أجد تبريراً لها سوى سيطرة الفرد على السوق، وضعف ثقافة الكثير من المتداولين إضافة إلى غياب الاستثمار المؤسسي الحقيقي، فاقتصاد المملكة يعيش مرحلة نمو مدعومة بتعافي أسعار النفط وحزم الإصلاحات الكثيرة التي باشرتها الدولة، والتي تلاحظ فوائدها في انخفاض العجز بالناتج المحلي وكثير من الأمور الأخرى.
وأشار الساير إلى أن تبرير هذه التراجعات الكثيرة بالمخاوف من تراجع الأسواق الناشئة أو بالإعلان عن سوق المشتقات المالية وتطبيق البيع على المكشوف، يتعارض مع ما يمتلكه السوق من إمكانيات في ظل وجود قطاعات جذابة مثل البنوك والبتروكيميائيات والتي تعد من الأسهم المؤثرة في قيمة مؤشر السوق.
وبدوره أكد عضو لجنة الاستثمار والأوراق المالية بغرفة الرياض، خالد الجوهر، أن عدم وجود صانع حقيقي للسوق يستطيع الموازنة بين العرض والطلب على وجه الخصوص في الشركات القيادية مثل سابك التي تعد مؤثرة في قيمة السوق، هو السبب في رؤية مثل هذه التراجعات الكبيرة، وباستمرار غياب مثل ذلك الصانع سنرى مثل هذه الحالات تتكرر إذ سيقوم كبار المضاربين ومديرو الصناديق المقننون وغير المقننين باستغلال أي أخبار سلبية وتهويلها للضغط على السوق وتحقيق مراكز شرائية جديدة بأفضل الأسعار الممكنة وذلك على حساب الأفراد ووجود السوق وكل ذلك سلبي على جاذبية السوق.
وأشار الجوهر إلى أن المخاوف من تراجع الأسواق الناشئة أو الإعلان عن تطبيق البيع على المكشوف، مبررات غير كافية لحدوث تراجعات بهذا الحجم في ظل وجود شركات جيدة بالسوق ذات مكررات ربحية منخفضة وذلك على الخصوص في قطاعات مؤثرة كالمصارف والصناعة.
من جهتها قالت شركة جدوى للاستثمار، إن مجموعة عوامل تسببت في انخفاض المؤشر العام لسوق الأسهم السعودية “تاسي” بنسبة 4 % خلال أغسطس الماضي على أساس شهري، وجعل البورصة السعودية تأتي ضمن أسوأ المؤشرات أداء خلال الشهر.
وأضافت: من أبرز تلك العوامل القلق بشأن احتمال انتشار العدوى في الأسواق الناشئة بعد أزمة العملة التركية، واستمرار التوترات التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، إلى جانب انخفاض أسعار النفط، وتفاقم عمليات البيع المكثفة قبيل إجازة عيد الأضحى، كلها تسببت في إضعاف ثقة المستثمرين خلال الشهر.
وكان السوق قد قلص خسائره أمس إلى نحو 31 نقطة مغلقا عند 7688 نقطة بنسبة تراجع تبلغ 0.4 %، مسجلا أدنى إغلاق في ستة أشهر، وسط تداولات بلغت قيمتها نحو 3.7 مليارات ريال، مع الإشارة أنه هبط إلى 7552 كأدنى مستوى له .