حذر إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ د. علي الحذيفي – في خطبة الجمعة – من مظالم العباد واقتراف الذنوب وخبث القلوب والرياء والسمعة كونها من موانع ورود حوض النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال : من اتبعَ في الدنيا شريعةَ النبي صلى الله عليه وسلم وتمسَّك بهديِه وماتَ على ذلك، وردَ حَوضَه جزاء عمله ، موصيا بأن يكون هم المسلم الفوزَ بالشُّرب من حوضِ النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ، سيِّد ولد آدم.

وأضاف : الحوض أولُ شراب أهل الجنة، فمن وفَّقه الله ومنَّ عليه من الشرب منه فلا خوفٌ عليه بعد ذلك، ومن كان ممن يرِدُ على النبي صلى الله عليه وسلم الحوض يسَّر الله عليه الأهوالَ قبل ذلك ، والإيمانُ بالحوض إيمانٌ باليوم الآخر، ومن لم يُؤمن بالحوض فلا إيمانَ له.

وتابع : وسَعةُ الحوض وصفةُ مائِه تواتَرت بها الأحاديث النبوية، وجاء القرآنُ بذكره في سورة الكوثر، ولكل نبيٍّ حوض؛ عن سُمرة – رضي الله عنه -، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الأنبياء يتباهَون أيُّهم أكثر أصحابًا من أمَّته، فأرجُو أن أكون يومئذٍ أكثرهم كلِّهم وارِدَه، وإن كل رجُلٍ منهم يومئذٍ قائمٌ على حوضٍ ملآن، معه عصا يدعُو من عرفَ من أمَّته، ولكل أمةٍ سِيما يعرِفُهم بها نبيُّهم» ، وحوضُ نبيِّنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم أكثرُها وأكبرُها وأحلاها كشريعته ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن حَوضي أبعدُ من أيْلَة إلى عدن، لهو أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، وأبرَدُ من الثلج، ولآنيَتُه أكثرُ من عدد النجوم».

وذكر خطيب الحرم أن من أسباب الشرب من حَوضه – صلى الله عليه وسلم – كثرةُ الصلاة والسلام عليه ، صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم، إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ ).

ودعا إمام الحرم إلى عمل الصالحات وإصلاح الآخرة ، وقال : لا تُبطِلوا الأعمال فتخسَروا أنفسَكم، وأصلِحوا دُنياكم بكسب الحلال، وإنفاقه في أبواب الخير الواجِبة والمُستحبَّة والمُباحَة ، واجعَلوا هذه الدُّنيا زادَكم إلى دار النعيم، ولا تغُرنَّكم بمباهِجها، ولا تفتنَنَّكم عن الآخرة؛ فإنها الدار.

وتابع : اعمل – أيها المُسلم – لإصلاح دُنياك، واعمل لإصلاح آخرتِك، وفي الحديث: «ليس خيرُكم من تركَ آخرتَه لدُنياه، ولا من تركَ دُنياه لآخرته».

وكلٌّ يعلمُ يقينًا بأنه مُرتحِلٌ من هذه الدار، وتارِكٌ ما خوَّله الله في الدنيا وراءَ ظهره، لا يصحَبُه إلا عملُه، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشرٌّ ، فإذا كان حالُ كل أحدٍ مُنتهّيًا إلى هذه الغاية، وقادِمًا على هذا المصير وجبَ عليه أن يقدُم على ربِّه بأفضل ما يقدِرُ عليه من العمل الصالِح، فلا وسيلةَ بين العبد وربِّه إلا به.