أصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) خلال الأشهر الماضية العديد من الإجراءات المرتبطة بحماية عملاء القطاعات المالية التي تشرف عليها (المصارف، التأمين والتمويل)، مما ساهم بشكلٍ كبير في زيادة الوعي المالي والمصرفي لعملاء تلك القطاعات وتعريفهم بحقوقهم المالية وأيضاً بمسؤولياتهم وواجباتهم تجاه تلك القطاعات.

حماية الحقوق

وهدفت الضوابط والإجراءات في المقام الأول إلى تنظيم عملية التحصيل وتوحيد إجراءاتها بشكل واضح ومحدد لحماية حقوق جميع الأطراف في عملية التمويل، وراعت المؤسسة في هذه الإجراءات النظر والأخذ بعين الاعتبار مختلف فئات الأفراد المتعثرين، والتفريق بين العملاء المتعثرين الذين تغيرت ظروفهم بشكل إجباري خارج عن إرادتهم وبين آخرين كان تغير ظروفهم راجع إلى قراراتهم الاختيارية التي اتخذوها بكامل إرادتهم، وهو ما ساهم في جعل مبدأ العدل والإنصاف في التعامل مع العملاء حقيقة واقعة.

واشتملت تلك الضوابط واللوائح على مجموعة من النقاط الصارمة التي ألزمت “ساما” كافة البنوك والمصارف وشركات التمويل الخاضعة لإشرافها بتنفيذها وعدم الحيد عنها، والتي حرصت فيها على عدم إطلاق يد تلك الجهات في التعامل مع حسابات العملاء المتعثرين أو اتخاذ أي إجراء من شأنه التأثير على الوضع المالي للعميل المتعثر دون أن يكون ذلك بحكم أو قرار قضائي.

التسرع في مقاضاة العميل

وحرصت تلك الضوابط على منع جهات التمويل من التسرع في التقدم للجهات القضائية المختصة حال ثبت لديها تعثر العميل، بل اشترطت عليها بذل العناية اللازمة للتواصل مع العملاء للوقوف على أسباب التعثر، وذلك عن طريق وسائل الاتصال الموثقة والمحددة والتي لا يجوز تعديها بأي حال من الأحوال حتى لا يكون هناك ما يشبه المطاردة أو الملاحقة من قبل جهة التمويل للعميل، وهذه الوسائل هي البريد الإلكتروني، البريد المسجل، الرسائل النصية، الاتصال الهاتفي، وآخرها هو التواصل عبر العنوان الوطني، كما وضعت حدا أقصى لهذا التواصل بحيث لا يزيد على الاتصال عشرة مرات هاتفيا كل ثلاثين يوما، مع ضرورة توثيق جميع تلك المكالمات والاحتفاظ بسجلاتها.

الوضع المهني

وألزمت “ساما” في ضوابطها، جهات التمويل بتزويد العملاء بالمعلومات الصحيحة بكل مهنية عن وضعهم الحالي في التعثر والإجراءات النظامية التي يحق لجهة التمويل اتخاذها، خاصة وأنها أمور مالية وإدارية معقدة يغفل عنها كثير من العملاء ولا يعرفون خباياها وتفاصيلها، كما وألزمت المؤسسة جهات التمويل بوضع معايير واضحة لضمان التزام موظفيها بهذه بما تضمنته تلك الضوابط لإجراءات وخطوات تهدف إلى تحقيق العدالة في التعاملات والتعزيز من مبدأ الشفافية والإفصاح.

شكاوى العملاء

وتضمنت الضوابط كذلك عدة نقاط للتعامل مع شكوى العميل المعترض على المبلغ المطالب به، حيث ألزمت جهات التمويل بتوثيق هذا الاعتراض وتزويد العميل بفترة زمنية متوقعة لمعالجة الشكوى، وفي حال عدم رضاه عن نتيجة شكواه ورغبته في التصعيد فعلى جهة التمويل تزويده بالآلية المتبعة وتوجيهه إلى الجهة المختصة في هذا الشأن، وذلك كله بهدف توفير أكبر قدر من الحماية لإثبات حقوق العميل.

التحصيل من الحسابات

أما إجراءات التحصيل من حسابات العملاء، فكانت أكثر النقاط التي شددت عليها “ساما” في ضوابطها حماية للعميل، وفرضت مجموعة من المحظورات على جهات التمويل لا يجب عليها إتيانها إلا في أضيق الحدود وفي حالات محددة، حيث حظرت عليها استقطاع أي مبالغ من حسابات العميل دون وجود حكم أو قرار قضائي أو دون الحصول على موافقة مسبقة من العميل أو شمولية عقد التمويل على ذلك، كما منعتها من الحجز على حسابات أو أرصدة العملاء ولو بشكل مؤقت وعدم تمكينهم من الاستفادة من المبالغ المتوافرة في الحسابات دون وجود حكم أو قرار قضائي كذلك.

استقطاع أكثر من قسط

وشملت قائمة المحظورات المفروضة على جهات التمويل، استقطاع أكثر من قسط شهري واحد لكل تمويل خلال دورة إيداع الراتب الواحدة ما لم يكن هناك حكم أو قرار قضائي أو الحصول على موافقة مسبقة من العميل، أو استقطاع القسط الشهري في تاريخ يسبق تاريخ الاستحقاق المتفق عليه، كما ومنعت عليها حجز أو خصم مستحقات نهاية الخدمة للعملاء المواطنين ما لم يكن هناك حكم أو قرار قضائي.

جدولة المديونية

ومن النقاط اللافتة أيضا التي تضمنتها الضوابط، إجبار جهات التمويل بإعادة جدولة المديونية في حال ثبوت تغير ظروف العميل “إجباريا” دون منح تمويل جديد ودون أي رسوم إضافية ودون أي تغيير في كلفة الأجل، ولكن بشرط أن يكون ذلك بناء على طلب العميل، وأن يتم تنفيذ الجدولة خلال فترة لا تتجاوز الثلاثين يوما من تاريخ تزويد العميل بالمستندات اللازمة.

إجراءات نظامية

وبالرغم من كافة التسهيل التي وضعت لحماية العميل في هذه الضوابط، إلا أن العميل لم يكن وحده محل اهتمام “ساما” حيث اشتملت الضوابط واللوائح على ما يضمن حقوق الطرفين، لذا أكدت هذه الضوابط على حق جهات التمويل في البدء باتخاذ الإجراءات النظامية على العميل المتعثر عن السداد مع الجهات القضائية المختصة، ولكن شريطة أن يكون العميل قد تخلف عن السداد لأكثر من ثلاثة أشهر متتالية أو خمسة أشهر متفرقة طوال فترة التمويل، مع ضرورة التزام جهة التمويل التام بنص القرار أو الحكم الصادر من الجهة القضائية المختصة ضد العميل المتعثر، إلا في حالة اتفاق الطرفين على خلاف ذلك.

كما لم تغفل هذه الضوابط الجانب الإنساني، حيث طالبت جهات التمويل بمراعاة ظروف العملاء الصادر بحقهم قرارات تنفيذ قضائية لصالحها وذلك عند تقديمهم للضمانات اللازمة، بحيث تلتزم بإتاحة خيار إعادة جدولة المديونية مع إمكانية تغيير كلفة الأجل ودون أي رسوم إضافية.