وقّع رئيس أرامكو السعودية وكبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين الناصر، ورئيس مجلس إدارة شركة توتال الفرنسية وكبير إدارييها التنفيذيين باتريك بويان، أمس في الظهران، اتفاقية تطوير مشترك لتنفيذ الأعمال الهندسية والتصميمية الأولية لمجمع ضخم للبتروكيميائيات في مدينة الجبيل الصناعية.

وسيتم إنشاء المجمع الجديد، الذي أُعلن عنه في أبريل الماضي بمواصفات عالمية، مقابل مصفاة ساتورب التي تعد من المصافي الرائدة في تطورها، وتشغّلها أرامكو السعودية (بحصّة 62.5 %) و «توتال» (بحصّة 37.5 %). وسيسهم المشروع الجديد في إضافة القيمة وتحقيق الاستفادة المثلى من أوجه التكامل والتعاون التشغيلي بين المصفاة والمجمع.

ويتكوّن المجمع من وحدة تكسير مختلطة اللقيم (50 % من غاز الإيثان والغازات المنبعثة من المصفاة) – وهو المجمع الأول من نوعه في منطقة الخليج العربي الذي يُدمج مع مصفاة – ويتمتّع بطاقة إنتاجية تبلغ 1.5 مليون طن سنويًا من الإيثيلين ووحدات مواد بتروكيميائية ذات قيمة مضافة عالية. ومن المقرر أن يبدأ تشغيل المجمع الذي يبلغ حجم الاستثمار فيه نحو 5 مليارات دولار في العام 2024. وفي خطوة تهدف إلى تعزيز النمو في قطاع البتروكيميائيات في المملكة، سيوفر المشروع اللقيم لمعامل بتروكيميائية وكيميائية متخصصة وصناعات تحويلية أخرى داخل مدينة الجبيل الصناعية وخارجها، باستثمار إضافي قدره 4 مليارات دولار من خلال طرف ثالث، ما يعود بالفائدة على الاقتصاد السعودي. وبذلك، تصل قيمة الاستثمارات الإجمالية في المجمع إلى حوالي 9 مليارات دولار، ومن المتوقع أن يوفر 8,000 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة.

وبهذه المناسبة، ذكر المهندس أمين الناصر: «كما هو معلوم فإن قطاع الكيميائيات ينمو عالميًا بشكل كبير وهو أحد محركات النمو المستقبلي. ضمن ذلك السياق فإن مشروع «أميرال» البتروكيميائي العملاق يمثل المرحلة الثانية من توسعة مجمع ساتورب وهو إضافة نوعية كبيرة للاستثمارات الصناعية في المملكة. ونحن نعتز بأننا نقوم بالمشروع مع شريك عالمي مرموق تربطنا به علاقة عمل مميزة وهو شركة توتال وهي من الشركات العالمية العملاقة والرائدة في مجال الطاقة. ونحن نعتبر الاستثمار في هذا المشروع علامة فارقة في استراتيجية أرامكو السعودية الرامية للنمو الهائل والتكامل العميق لقطاع التكرير والكيميائيات بما يعزز عوائد الشركة عالميًا، ويرسخ المكانة الرائدة للمملكة كمركز عالمي للصناعات الكيميائية. وأعتقد أن هذا المشروع بموارده الوطنية واستثماراته الأجنبية الكبيرة يترجم على أرض الواقع جهود تحقيق التنوّع الاقتصادي بما يتناسب مع رؤية المملكة 2030. ونسعى لكي تحقق الاتفاقية التي تم توقيعها اليوم عددًا من الأهداف، بدءًا من تطوير أنواع وقود ومنتجات بتروكيميائية عالية الجودة كثير منها سيتم إنتاجه وتصنيعه في المملكة للمرة الأولى، مع تركيزنا على زيادة الصادرات الكيميائية للمستهلكين في ثلاث قارات، وصولًا إلى إيجاد فرص عمل نوعية للشباب والفتيات السعوديين، وتطوير المحتوى المحلي». ومن جهته، قال باتريك بويان: «نحن سعداء بكتابة صفحة جديدة من تاريخنا المشترك من خلال إطلاق مشروع ضخم جديد، يقوم على أعمال التطوير الناجحة لمصفاة ساتورب، المصفاة الأكبر والأكثر كفاءة حول العالم. كما يتواءم المجمع العالمي مع استراتيجيتنا للتوسّع في قطاع البتروكيميائيات من خلال الاستفادة من أوجه التعاون بين منصاتنا الرئيسة، واستخدام اللقيم منخفض السعر، والاستفادة من سوق البوليمرات الآسيوية سريعة النمو». وبعد توقيع مذكرة التفاهم في أبريل 2018، أكدت أرامكو السعودية و»توتال» أمس، التزامهما بالتطوير المشترك لأعمال بيع الوقود بالتجزئة في المملكة.

يُشار إلى أن شركة أرامكو السعودية توتال للتكرير والبتروكيميائيات (ساتورب) – المشروع المشترك الأول بين الشركتين – تأسست في يونيو 2008 بهدف إنشاء مجمع تكرير وبتروكيميائيات في مدينة الجبيل الصناعية الثانية. وتمتاز المصفاة بأنها أحد المصافي الأكثر كفاءة في العالم، وقد نجحت في رفع طاقتها الإنتاجية من 400,000 برميل يوميًا في بداية عملها إلى 440,000 برميل يوميًا.

وأشار م. أمين الناصر خلال مؤتمر صحفي على هامش الحفل إلى أن التوسعة الجديدة للمشروع سوف تضيف ثمانية آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وستعزز استراتيجية أرامكو السعودية في التكرير والمعالجة والانتاج والتسويق غلى المدى الطويل، ما يزيد من القيمة المضافة لمنتجات الشركة ويعزز المصادر التكريرية، لافتا إلى أن مشروع التجزئة الذي أعلن عنه سابقا مع توتال سيعلن عن تفاصيله قبل نهاية هذا العام. وبخصوص استحواذ «أرامكو» على «سابك» أكد أن كثيرا من مصادر المعلومات عن سابك أعطيت لأرامكو تتعلق بالاستثمارات في الداخل والخارج، وهي خاضعة للدراسة وهناك من قبل خبراء للنظر في إمكانيات الاستحواذ.

ولفت إلى أن «أرامكو» تطلع إلى رفع إنتاجها من مشتقات البترول إلى عشرة ملايين برميل يوميا خلال العشر سنوات المقبلة من خمسة ملايين حاليا من خلال استثمراتها في المصافي داخليا وعبر شراكاتها الخارجية. وأوضح الناصر أن المشروع المشترك مع سابك في تحويل النفط الخام إلى بتروكيماويات يسير وفق المخطط له حيث تم البدء بالأعمال الهندسية للمشروع، مشيرا إلى أن المشروع بعد اكتماله سيستخدم 400 ألف برميل من النفط الخام لتحويل 45 % منها إلى بتروكيماويات، فيما سيتم تحويل الباقي إلى منتجات أخرى. وفي رده على سؤال «الرياض» حول بدء الأعمال الإنشائية في مدينة الملك سلمان للطاقة أشار الناصر إلى أن الأعمال الإنشائية بدأت بالفعل، حيث أبدت الكثير من الشركات العالمية التي تتعامل مع أرامكو رغبتها بالاستثمار في المدينة، كما سيتم ضمن حفل برنامج اكتفاء السنوي الذي سيقام في نوفمبر المقبل دعوة الشركات الأجنبية للاستثمار، حيث سيكون الهدف رفع المحتوى المحلي هذا العام إلى نسبة 70 % بعد أن كان 50 % في العام الماضي.