اتفق عدد من المختصين في المجال الاقتصادي والمالي على أننا اليوم بحاجة ماسة إلى إيجاد تصنيف تجاري يتعلق بواقع الشركات والمؤسسات التجارية على أن يتضمن سجلا وطنيا تصنيفيا تجاريا للكثير من المعلومات عن هذه الشركات تستطيع الجهات الحكومية والشركات الراغبة في التعامل مع هذه الشركات الرجوع لها للاطلاع على تعاملات هذه الشركة من حيث الإنجاز والمبادرات الوطنية والخيرية التي قدمتها، وتاريخها من حيث الجودة مع الاطلاع على رصد وزارة التجارة لأداء هذه الشركة والمخالفات التي سجلت عليها والإنجازات بهدف تقييمها من حيث الأداء ووضعها في التصنيف المناسب لها.

تصنيف حكومي

يرى فضل البوعينين المستشار المالي والمصرفي أن مثل هذه السير الذاتية للشركات والمؤسسات ترتبط بالتصنيف للشركة وهي مرتبطة بالمعلومات التي تقدمها الشركة وكل ما أنجزته من مشروعات سابقة وكل ما أنجزته في القطاع الذي تعمل به، ومثل هذه التصنيفات تعتمدها الشركات الكبرى كأرامكو وسابك على سبيل المثال لذلك فإن التصنيف يغني عن إيجاد مثل هذه القائمة التي يذكر فيها سيرة الشركة أو المؤسسة، موضحا أن الجهة المسؤولة عن مثل هذه التصنيف فإنها كل جهة لها علاقة بالأشغال والمشروعات يفترض أن يكون لها علاقة ولكن يمكن للحكومة أن يكون لها مركزية في مثل هذه التصنيف بأن يكون لها قاعدة بيانات للتصنيف الوطني وتكون جميع الشركات في المملكة العربية السعودية مصنفة داخل قاعدة البيانات التي تعتمدها الجهة المختصة، ويكون لها إمكانية الدخول من قبل المستفيدين من القطاعات الحكومية وهذا يمكن تحقيقه بسهولة، كما يمكن أيضا نقل تجربة أرامكو السعودية في التصنيف إن كان من حيث آلية التصنيف أو قاعدة البيانات من القطاع الحكومي بمواصفاته؛ لأنه أثبت نجاحا كاملا في هذا الجانب وبالتالي يمكن للحكومة أن تكون مسؤولة عنه في قطاع الأشغال.

وأشار أن مجلس الشورى الاقتصادي لديه برنامج قياس هذا البرنامج قد يكون جزءاً مهماً فيما يتعلق بقياس أداء هذه الشركات، وإن كان هذا القياس مرتبطا بالقياس الحكومي ولكن يفترض أن يكون هناك تطوير أكبر لوضع هذا القياس حتى على القطاع الخاص بما يوفر المعلومة النقية الواضحة للمنشآت العاملة في المملكة وفق تصنيف الأشغال المحلي إضافة إلى البيانات المهمة، مشيرا إلى حاجتنا الكبيرة إلى ما يعرف بالقائمة السوداء لاسيما في القطاعات الحكومية التي تعاني من التعسف الشديد لأنه للأسف الشركات غير الجيدة تستطيع أن تحصل على مشروع آخر دون وجود قائمة سوداء تمنعها من الحصول على مشروع جديد ما لم تكن قادرة على تنفيذ هذه المشروعات وفق الاتفاقية التي تم الاتفاق عليها، ومثل هذه القائمة تساعد على رفع كفاءة الأشغال والجودة وأيضا إلى وقف هدر الأموال التي تهدر نتيجة ارتباطها بتعثر الأعمال أو فشل هذه الشركات التي تحصل على مشروعات أكبر من قدرتها وبالتالي تخسر وتخسر الجهة التي قدمت المشروع.

وذكر البوعينين أنه لا يوجد ما يعيق تنفيذ مثل هذا التصنيف؛ لأنها مهمة وطنية وضرورة لا بد أن تحقق، فجميع المشروعات المتعثرة في الحكومة التي حدثت في العقود الماضية كانت لأسباب مرتبطة لعدم وجود قاعدة بيانات للتصنيف التي يمكن أن تصنف الشركات الرديئة من الشركات الجيدة، والشركات القادرة على تنفيذ مشروعات معينة في مقابل الشركات التي لا تستطيع تنفيذ هذه المشروعات فالأساس في التقدم لمثل هذه المشروعات السجل التجاري والسعر وهذا أمر خاطئ أثبت خلله، فاليوم نحن بحاجة إلى أن يكون أساس التقدم قدرة الشركة على تنفيذ مثل هذا المشروع ومثل هذه القدرة لا يمكن إثباتها إلا من خلال التصنيف الحكومي الذي نرجو بأن يتحقق وفق ما هو متحقق في أرامكو السعودية.

العدل والحيادية

ويرى د. صالح السلطان المختص في الاقتصاد النقدي والمالي أنه يمكن للغرف التجارية أن تضع سِيرَ ذاتية للأعضاء الذين هم مشتركون لديهم إلا أن مثل هذه الخطوة تحتاج أن يذكر عن مثل هذه الشركات والمؤسسات الإيجابيات والسلبيات فحتى في حال تغير ملاك مثل هذه الشركات فإنه يجب أن يذكر ذلك في هذا السجل إلا أن مثل هذه الخطوة يخشى عليها من عدم الحيادية والموضوعية في هذا السجل التجاري الذي يتضمن السيرة الذاتية لكل شركة، كما أنه يمكن أن يثير الكثير من الخلافات والإشكاليات مع الشركة التي تم تقييمها بحيث إنها تشكك في المعلومات التي ذكرت عنها فتطلب جهة محايدة للفصل كجهة قضائية وهذه من ضمن العقبات التي يمكن أن نواجهها في مثل هذا التصنيف، مبينا أن الإشكاليات التي تقع فيها بعض الجهات الحكومية بتسليمها لبعض المشروعات لشركات تعطل من إنجاز هذا المشروع عائدة إلى مسؤولية كلا الطرفين، فربما يكون العقد ناقصا من قبل الجهة الحكومية التي قدمت هذا المشروع لذلك فضبط مثل هذا السجل صعب إذا لم يقترن بالحيادية والموضوعية ففي مثل هذه الأحوال يجب أن يذكر عن هذه المؤسسات والشركات الأحكام التي صدرت بحقها والقرارات بحيث يمكن الاطلاع عليها بما فيها الغرامات والمخالفات مع ضرورة توخي العدل في مثل هذا التصنيف.

وأشار السلطان إلى ضرورة أن يتم الاستفادة من تجربة شركات التأمين في ذلك فمثل هذه الشركات في حال تم التقديم عليها من قبل أحد الأفراد من أجل التأمين على سيارته فإنها تطلب تتبع المخالفات التي عليه فإذا ما وجدت بأن مخالفاته كثيرة فإنها ترفع التأمين عليه كنوع من الردع فمثل هذه التجربة من الممكن أن تعمم على مستوى تعاملات الشركات والمؤسسات تستفيد منه بعض الجهات الرسمية أو الأهلية.

تنسيق الوزارات

وترى مضاوي الحسون عضو مجلس الغرف التجارية بجدة أن مثل هذا التصنيف هو في صالح الشركات التي تسير وفق النظم والإجراءات التي تسمح بها الدولة ومثل هذه الخطوة توثيق لعمل الشركات يساعد على قفل الثغرات وحلها، كما أنه يعزز من مكانتها لاسيما أن هناك شركات كبيرة لا تقدم الجودة في عملها وهنا لا بد أن نفرق بين الشركات الكبيرة والشركات المتوسطة والصغيرة، مبينة أن مثل هذا يتطلب بأن تقل الإجراءات التي تتبع مع الشركات الصغيرة عن تلك التي تتبع مع الشركات الكبرى، فليس من العدل أن تتساوى الشركات الكبرى مع الشركات الصغيرة في النظم والقرارات والمخالفات فلا بد أن يكون هناك فرق ومثل هذا التصنيف مفيد جدا لتحديد المستويات وتحمل الأعباء المالية.

وأشارت الحسون أن الغرف التجارية لديها القدرة على تنفيذ مثل هذا التصنيف التجاري إلا أنه بحاجة لتضافر جهود الجهات التجارية الرسمية كوزارة التجارية، فلا بد من التنسيق بين الكثير من الوزارات كوزارة التجارة ووزارة العمل وغيرها؛ لأن الشركات والمؤسسات لديها أكثر من أب كالأمانة ووزارة التجارة والعمل ووزارة الشؤون الاجتماعية فالكل لديه مسؤولية ولا بد هنا من التنسيق.