يمثل مشروع وعد الشمال في محافظة طريف، الذي دشّن خادم الحرمين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، أول أمس المرحلة الأولى من منظومة مشروعاته بحضور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، حافزًا كبيرًا للتنوّع الاقتصادي في المناطق، من خلال تطوير قطاعات جديدة للتعدين والمعادن، وإنشاء صناعات تكرير ومعالجة عالية للقيمة بفضل استثمار 85 مليار ريال.
وستشهد “وعد الشمال” ميلاد مدينة صناعية جديدة تبعُد 30 كيلومترًا غرب مدينة طريف، التي من المقرر أن تصبح مركزًا لقطاع التعدين. وستصبح مدينة وعد الشمال التي تمتد على مساحة 440 كيلومترا مربعا، وتضم حاليًا مرافق لمعالجة الفوسفات، نواةً لمشروعات عملاقة من شأنها أن تُسهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي والصناعي في المنطقة النائية شمال المملكة، وذلك من خلال تطوير أعمال جديدة في قطاع التعدين والمعادن، وإنشاء صناعات تكرير ومعالجة ذات قيمة مضافة، كصناعة الزجاج والمواد البلاستيكية.
وتشير التقديرات إلى أن مشروعات وعد الشمال ستؤدي إلى تحقيق زيادة في إجمالي الناتج المحلي من القطاعات غير النفطية، تصل إلى 24 مليار ريال سنويًا، ما يعادل 3 في المئة في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة. ومن المتوقع توليد نحو 30 ألف فرصة عمل للشباب السعودي، خاصة من أبناء المنطقة.
وبمناسبة التدشين، قال رئيس “أرامكو السعودية” وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين حسن الناصر: “نحن في غاية السعادة بتشريف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، منطقة الحدود الشمالية، لتدشين المشروع الصناعي العملاق “وعد الشمال” بالقرب من مدينة طريف. و”أرامكو السعودية” أحد شركاء النجاح في هذا المشروع التنموي الهائل.
وذكر المهندس أمين الناصر أن إسهام “أرامكو السعودية” تركَّز في هذا المشروع باستثمارات بلغت أكثر من 10 مليارات ريال لتطوير أول منظومة في المملكة وفي المنطقة العربية لإنتاج وتوريد الغاز غير التقليدي. هذه المنظومة بدأت بإنجاز أول معمل في مايو 2018 بطاقة تقدر بنحو 55 مليون قدم مكعبة قياسية يوميًا، وسيتم خلال الشهور المقبلة خلال العام 2019م إضافة أربعة معامل كي يرتفع الإنتاج تدريجيًا إلى أكثر من 190 مليون قدم مكعبة قياسية في اليوم. ويُستخدم الغاز بشكل أساسي في مشروع وعد الشمال لتوليد الكهرباء، كما سيتم استخدام حصة من الإمدادات المستقبلية وفقًا للترتيبات مع وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية كلقيم للصناعات التحويلية في وعد الشمال. لذلك فإننا نعتبر هذا اليوم، الذي شرفنا فيه خادم الحرمين الشريفين، يومًا تاريخيًا بمعنى الكلمة، بما في ذلك اعتزازنا العميق بأن طاقة الغاز غير التقليدي التي حباها الله للمملكة تتدفق لأول مرة على نطاق تجاري داعمة للتنمية والازدهار.
وأكد المهندس أمين الناصر أن هناك عدة عناصر رائدة تُميِّز مشروع تطوير منظومة الغاز غير التقليدي لوعد الشمال، منها على سبيل المثال أنه أول مشروع للغاز في المملكة يتم فيه استخدام كامل أنابيب خطوط الجريان، وهي بطول 300 كم من مواد لامعدنية، وهذه المواد لها ميزة في الاستدامة وخفض تكاليف الإنشاء والصيانة. كما تتم أعمال التحكم والسيطرة لمنظومة إنتاج الغاز عبر تقنيات غاية في التطور الرقمي، وتشمل شبكة تتضمن 50 بئرًا ومرافق إنتاج ومعالجة تنتشر على أبعاد تتراوح بين 70 إلى 120 كم من مجمع وعد الشمال. ومما يسعدنا أن جميع مرافق منظومة غاز وعد الشمال يتم تشغيلها وصيانتها بكفاءات سعودية 100 في المئة، وغالبيتها من أبناء المنطقة. كما أن المشروع تم إنجازه قبل الجدول الزمني وبأقل من التكاليف المتوقعة وبمعايير متميزة.
ويشير الإنتاج التجاري للغاز الطبيعي إلى أول مرحلة مهمة من مراحل تنفيذ “أرامكو السعودية” لبرنامج استخراج الموارد غير التقليدية، وقال مدير عام الموارد غير التقليدية في “أرامكو السعودية” خالد عبدالقادر: “لقد حققت الشركة إنجازات كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية باعتمادها على ثلاث ركائز أساسية، وهي: استراتيجية تجنّب المخاطر، وخلق نماذج أعمال ذات أهداف محددة، وبناء قدرات الأفراد والإمكانات التقنية.
وأضاف العبدالقادر: “نجحت الشركة في مناطق كشمال المملكة في تسويق إمدادات الغاز لدعم مشروعات وعد الشمال الصناعية، وتعويض الزيادة في حرق السوائل لتوليد الطاقة الكهربائية في المنطقة”.
وقد تمكّنت دائرة الموارد غير التقليدية من إنجاز عدد من الآبار، وتمديد خطوط أنابيب يزيد طولها على 300 كيلومتر، وبناء مرفق سطحي للمعالجة، إضافة إلى البنية التحتية الخاصة به، في حين ستدخل مرافق المعالجة السطحية المتبقية، والبالغ عددها أربعة مرافق، حيّز التشغيل مع نهاية العام 2018.
يُشار إلى أن إنتاج الغاز غير التقليدي بالقرب من مدينة طريف سيكون بديلًا لحرق المواد الهيدروكربونية لأغراض توليد الطاقة الكهربائية. وسيؤدي ذلك إلى خفض الانبعاثات الكربونية، وسيوفر في الوقت ذاته مخزونًا من المواد الهيدروكربونية للتصدير بهدف تحقيق قيمة أكبر. علاوة على ذلك، ستستفيد فرق تطوير الموارد غير التقليدية الأخرى في المملكة، ومنها حقلا جنوب الغوار والجافورة، من أفضل الممارسات والخبرات المطبقة في هذا المشروع، وستسهم هذه المساعي في زيادة إنتاج المملكة من الغاز الطبيعي، تماشيًا مع رؤية السعودية 2030.
وقد بلغت صادرات مشروع وعد الشمال الواقعة “شمال المملكة” عن طريق ميناء رأس الخير منذ بداية تشغيله، 1.7 مليون طن من مادة الفوسفات، عبر 50 سفينة رست على الأرصفة.