أوصى إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ د. صلاح بن محمد البدير – في خطبة الجمعة – :بشكر نعم الله فقد أرسل الرياح المبشرات والسحاب الثقال الهاطلات والغيوث المترادفات المتتاليات على السهول الظامئات والصحاري القاحلات والروابي الهامدات والجبال الصم الصلاب الجامدات التي أهمدها القحط والمحل فاربدت واقشعرت وصوح نبتها.
وقال : اعشوشبت بفضل الله أرضكم وزها بغيثه روضكم واخضرت برحمته جبالكم في عام مخصب غيداق ، في صور جميلة بديعة تدل على قدرة الله وحكمته ورحمته وسعة فضله ورزقه وإحسانه ، فنزهوا أنظاركم في بديع صنع الله تعالى وراعوا آداب التنزه ، ولا تلوثوا أو تنجسوا مكاناً اتخذه الناس ظلاً لهم ومقيلاً أو مناخاً أو روضة معشبة أو شجرة مثمرة أو مورداً للماء أو طريقاً مقروعة بالأقدام أو الدواب أو السيارات .
وأضاف : شرف المرء أدبه ، وشرف الأدب يغني عن شرف الحسب والنسب وإنما الشرف بالهمم العالية لا بالرمم البالية ،مضيفاً فضيلته أن الأدب استعمال ما يحمد قولا وفعلا والأدب فعل الفضائل وترك القبائح والأدب تعظيم من فوقك والرفق بمن دونك والأدب الأخذ بمكارم الأخلاق ، قال الله تعالى : ” وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ “.
وبين أن الأدب تقوى الله تعالى وطاعته والحذر من معاصيه ، وسمي الأدب أدباً لأنه يأدب الناس إلى المحامد وينهاهم عن المقابح ، والأدب حسن العبارة وجمال الخطاب والملاحة في الحديث وحسن التناول والبراعة في التعامل وحسن الهيئة وجمال الروح والخلق .
وأوضح أن الأدب ليس الفصاحة والبلاغة وحفظ العلوم وشعر العرب فحسب ، ولكن حقيقة الأدب التخلق بالخلق الجميل ، والفرح بما ينعم الله على الغير وترك الحسد والسلامة من الحقد ومن تم عقله وزان أدبه قل كلامه وطال صماته وحسن لفظه وظهر حلمه.
وأضاف : وقد اعتنت كتب الصحاح والسنن والمصنفات بجميع الأحاديث ، وما من تلك الأسفار العظام التي تعد عمدة أهل الإسلام إلا أفرد جامعوها للأدب كتاباً وللآداب أبواباً وانظر كتاب الأدب في صحيح البخاري وكتاب الأدب في صحيح مسلم وكتاب الأدب في سنن أبي داود وكتاب الأدب في سنن الترمذي ، فما أعظم الأدب في الإسلام وما أجل مكانته في السنة والشريعة.