انتهت اللجنة الخاصة المشكلة في الثامن من ربيع الآخر العام الماضي من دراسة مقترح نظام الصندوق الاحتياطي للتقاعد المقدم من عضو الشورى السابق سليمان الحميَّد، وخلصت اللجنة بعد دراسة أمضت فيها نحو العام إلى عدم الموافقة على مشروع النظام، وحسب مبررات تقرير اللجنة الخاصة الذي حصلت عليه «الرياض» وينتظر عرضه على المجلس فإن الصندوق المقترح في حال إقراره سيكون محدوداً لضخامة العجوزات في صناديق أنظمة التقاعد والتي يقدر أن تصل حسب تقرير وزارة الاقتصاد والتخطيط إلى نحو 431 مليارا خلال 30 سنة المقبلة لمؤسسة التقاعد ولن تكفي أصول المؤسسة لتغطية التزاماتها خلال 15 سنة كما أنها لن تكفي لتغطية عوائد واشتراكات مؤسسة التأمينات الاجتماعية خلال 32 سنة المقبلة لتغطية المنافع، وخلال 43 سنة لن تكفي الأصول لتغطية المنافع.
وأكدت اللجنة الخاصة على أن الأمر يتطلب تبني حلول مستدامة لمعالجة الصعوبات التي تواجهها المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية، وهو الأمر الذي تعمل عليه اللجنة المشكلة بموجب قرار مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة وزير الاقتصاد والتخطيط، وقد أوضح ممثلو وزارة الاقتصاد أن دراسة اللجنة وصلت لمراحل متقدمة لمعالجة العجوزات الاكتوارية من خلال إصلاح بنية الأنظمة، وأكدت لجنة الشورى الخاصة على ذلك ضمن المبادرة الخاصة بإصلاح أنظمة التقاعد للمؤسسة العامة للتأمينات والتقاعد لمواجهة العجوزات التي تعاني منها المؤسستين بشكل مستدام.
وبينت اللجنة الخاصة بتقريرها أنها استضافت مندوبين من وزارتي المالية والاقتصاد والتخطيط، والمؤسسة العامة للتقاعد، والتأمينات الاجتماعية، وصندوق الاستثمارات العامة، لمعرفة مرئياتهم بشأن فكرة إنشاء الصندوق الاحتياطي للتقاعد ودعمه بمبلغ 50 مليار كبداية، ومن تلك اللقاءات ذكر أن إنشاء الصندوق لن يكون كافياً لحل العجوزات الاكتوارية الضخمة التي تعاني منها المؤسستين، التقاعد والتأمينات، لذا فالأنسب عدم النظر إلى فكرة إنشاء الصندوق بشكل مستقل بل يؤخذ ضمن الحلول المطروحة لإصلاح أنظمة التقاعد، كما أنه سيكون مشابهاً وتكراراً لما تقوم به مؤسسات التقاعد الأمر الذي يخلق ازدواجية مع تلك المؤسسات كما يعد الحجم المقترح للصندوق ضيئلاً لن يكون له أثر سواء استخدمت عوائده لسد العجز الآني أو لرسملة الصندوق، والأولى أن يتم التركيز على إصلاح أنظمة التقاعد وأداء هذه المؤسسات من الناحية الإدارية والاستثمارية.
وأشار تقرير لجنة الدراسة إلى بعض المحاذير مثل أن يؤدي الصندوق إلى تقليل أداء المؤسستين أو أن يخلق بيئة تنافسية غير إيجابية سواء على مستوى الكوادر المؤهلة لإدارة الصندوق أو على الفرص الاستثمارية المتاحة أو التنافس على تعيين مدراء محافظ خارجيين، وضرورة التنسيق مع الصناديق الاستثمارية الأخرى لتجنب الازدواجية لأن لديها نفس الأهداف ولتقارب سياساتهم الاستثمارية.
وحول موارد الصندوق الاحتياطي المقترح للتقاعد، تبين للجنة أنه يحتاج لموارد ضخمه للمساعدة في معالجة العجوزات التي تعاني منها صناديق التقاعد العسكري والمدني، وفي ظل مبادرات التحول وتحقيق التوازن المالي حتى عام 1444ـ1445 التي حددت المصروفات والإيرادات المتوقعة للخمس سنوات المقبلة لن يكون هناك فوائض يخصص منها للصندوق المقترح، وانتهت اللجنة الخاصة إلى عدم الموافقة على مشروع نظام الصندوق الاحتياطي للتقاعد.
وأوضحت اللجنة في تقريرها المعروض على مجلس الشورى لمناقشته والتصويت على توصية اللجنة بشأنه، أنها استضافت مقدم المقترح لمعرفة مرئياته وفقاً لمستجدات الأنظمة التقاعدية والحلول المطروحة لمعالجة عجز الصناديق التقاعدية، وبين أن جميع الأنظمة التقاعدية تعاني اختلالات هيكلية قد يكون أبرزها سن التقاعد والسماح بالتقاعد المبكر، وأشار إلى أن الاستثمار ضمن سياسات الصناديق المتبعة لا يمثل إلا جزءاً ضئيلاً من المشكلة، وأكد صاحب المقترح أن إنشاء الصندوق الاحتياطي للتقاعد يكون مستقلاً بإدارته عن مؤسسات التقاعد وله ميزانية واستثمارات مستقلة يمثل حلاً جزئياً ولكن ضرورياً ضمن جملة من الحلول لمعالجة مشكلة العجز في صناديق التقاعد الأساسية.
وأفاد الحميد اللجنة الخاصة بأهمية النظر في دمج المؤسسة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية لتصبح مؤسسة واحدة خاصة مع تقارب معظم نصوص النظامين، وقال بأن لاعلاقة للصندوق المقترح بوجود صناديق أخرى كصندوق الاستثمارات العامة، وأن الهدف من إنشائها مختلف تماماً عن الصندوق الاحتياطي المقترح، وأكد على أهمية التحرك سريعاً لإنشاء الصندوق ومعالجة المشاكل التي بدأت تتزايد وقد لا نستطيع مواجهتها مستقبلاً خاصة وأن معالجتها قد تتطلب تخفيضاً للمزايا التقاعدية وما يترتب على ذلك من عواقب اجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية.
ومن المنتظر أن تعرض اللجنة الخاصة تقريرها وتوصيتها النهائية بشأن مقترح نظام الصندوق الاحتياطي للتقاعد على الشورى في جلسة مقبلة ليناقش الأعضاء تقريرها ومبرراتها وما توصلت إليه دراستها والتصويت بعد ذلك على توصيتها.
وكانت «الرياض» قد انفردت بتفاصيل مقترح المحافظ السابق للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وعضو مجلس الشورى سليمان سعد الحميَّد لإنشاء صندوق إحتياطي لدرء مخاطر عجز أنظمة صناديق التقاعد وتحسين المعاشات، وحذر الحميَّد حينها من نفاذ كامل احتياطات نظام التقاعد العسكري بعد سبع سنوات والمدني بعد نحو 23 سنة، واستمرار ارتفاع العجز الاكتواري وعدم تمكن الأنظمة التقاعدية من الوفاء بالتزاماتها ليصل العجز الحقيقي في عام 1459 إلى 191 مليار ريال في النظامين المدني والعسكري.
وأكد الحميَّد «أن أحد الحلول لمواجهة العجوزات التي توقعت الدراسات أن تتعرض لها أنظمة التقاعد الثلاثة المدني، العسكري، التأمينات هو إنشاء «الصندوق الاحتياطي للتقاعد» ليمكن المملكة من الاحتفاظ بجزء من الفوائض المالية الكبيرة بسبب ارتفاع أسعار البترول والإنتاج للأجيال القادمة كما سيمكن الدولة من تحسين المعاشات ودرء المخاطر التي تحدق بدون شك لصناديق التقاعد العسكري والمدني والتأمينات، معبراً عن قناعته بأن المعاشات الدنيا في الأنظمة التقاعدية الثلاثة غير كافية لمواجهة الأعباء الضرورية للمواطن والمواطنة الذين حسب قوله يستحقون أفضل من ذلك، مؤكداً صعوبة رفع الاشتراكات التي تدفع من قبل المشتركين في الأنظمة الثلاثة فمستوى الرواتب والأجور لا يساعد على ذلك لمواجهة العجز المتوقع، مبيناً أن النظام المقترح للصندوق الاحتياطي للتقاعد نص في بعض مواده على قصر الصرف من موارده على الدعم المالي للصناديق التقاعدية وإعفاء موارده من الضرائب والرسوم، وتمتعه بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي.