تخوض المملكة معترك صناعة الطاقة المتجددة بتنافسية عالمية وحراك استثماري قوي مدفوع بالشراكة الضخمة التي أسسها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بين مجموعة “سوفت بانك” وصندوق الاستثمارات العامة، والتي تتضمن “إستراتيجية خطة الطاقة الشمسية 2030” حيث تستهدف إنتاج 200 جيجاواط بقيمة إجمالية تبلغ 200 مليار دولار بحلول العام 2030.
وفي هذا الاتجاه تقول سارة بنت محسن العتيبي الباحثة بمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية في دراسة أعدتها حول “تطور السياسات الحكومية في دعم قطاع الطاقة المتجددة السعودي”: يرى البعض أن إنتاج 200 جيجاواط أي ما يعادل نصف الطاقة الشمسية في العالم تقريباً يعد رقماً ضخماً، وسيكون له تأثير كبير ليس على استثمارات قطاع الطاقة المتجددة في المملكة فقط الذي لا يزال يخوض مسيرة تحول وإصلاحات مستمرة بل على المستوى الدولي أيضاً.
وأشارت إلى أن الرؤية الجديدة اتخذت التنقيب في اقتصادات الثروات الطبيعية الأخرى غير النفطية كالطاقة المتجددة والذرية لتكون حلاً لمشكلة ارتفاع مستويات الاستهلاك المحلي للطاقة والتي يُتوقع أن تبلغ ثلاثة أضعافها بحلول 2030، مشددة أن هذا التوجه لم تتخذه المملكة عبثاً بل حددت المخاطر والتحديات ملفتة إلى النتائج التي لم تكن في المستوى المأمول من مخرجات مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والتي تأسست العام 2010، حيث أشارت بعض الدراسات إلى أن المقترح الأولي كان يدرس تحقيق نسبة 41 جيجاواط من الطاقة الشمسية الكهروضوئية، والطاقة الشمسية المركزة، والطاقة النووية، وتصل التكلفة الإجمالية بحسب الوارد في الخطة إلى 360 مليار دولار، والتي اعتُبرت غير واقعية ومكلفة للغاية فضلاً عن الخلافات التي كانت تدور حول الجهة المسؤولة عن تولي ملف الطاقة المتجددة والتي زالت بعد إعادة هيكلة القطاع وأصبحت المدينة تحت مظلة وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية في مايو 2016.
وقيّمت الدراسة إطلاق مبادرة الملك سلمان للطاقة المتجددة في 2017 والتي كان لها الدور الأبرز في تعظيم قيمة القطاع الخاص ودور المحوري في تنمية مشروعات الطاقة المتجددة واستثمارها، فضلاً عن ارتكاز المبادرة على اتباع الشفافية في طرح مشروعات الطاقة المتجددة، واحتضان وتطوير صناعة الطاقة المتجددة والصناعات ذات الصلة محلياً، ونقل وتوطين التقنيات المناسبة وبناء القدرات البشرية.
وتنبأت الدراسة بنقلة جذرية هائلة لقطاع الطاقة السعودي وتحول مختلف وميزة تنافسية جديدة تعتزم سياسة المملكة المضي فيها لتقديم نموذج طاقة متنوع ومستدام وجاذب للاستثمارات حيث يُتوقع أن تسهم المشروعات الطاقوية المبتكرة في خفض 130 مليون طن من الكربون بحلول 2030. إلا أن عملية التحول ما زالت تتطلب دعماً أكبر لتحسين وضع القطاع، كتعزيز دور هيئة تنظيم الكهرباء في سن القوانين واللوائح التنظيمية، لتنظيم القطاع وتشجيع نمو الاستثمارات عبر تقديم الضمانات الأساسية لحماية السوق، في ظل التحول من مخاطر الاحتكار، أو الإغراق وغيرها والذي سيخلق أسواقاً جديدة تزيد من نسبة الطلب على المنتجات على مستوى القطاع الصناعي، ومن ثم يكون القطاع قادراً على الاستفادة من فرص الاستثمار الأجنبية وزيادة فرص العمل من خلال فتح المجالات الجديدة المرتبطة بالقطاع وكيفية الاستفادة من الفرص التي يجذبها السوق السعودي دون صدها من خلال تهيئة القطاع لإحداث النقلة النوعية المأمولة في مستقبل استثمارات الطاقة المتجددة في المملكة، والاستفادة من دخول مثل هذه الشركات الكبيرة دون أن تكون تهديداً لنمو الشركات العاملة في القطاع المحلي.