رسمت مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس»، صورة مشرقة للاقتصاد السعودي، وقالت إنه يشهد تحسناً ملحوظاً في قطاعاته المختلفة، في ظل تحقيق ما دعت إليه رؤية 2030، متوقعة أن يحقق هذا الاقتصاد كل ما يطمح إليه من أهداف وطموحات، تحافظ على مكتسبات المملكة كأقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط.
وتناولت «أكسفورد إيكونوميكس»، في أحدث تقاريرها، مشهد الاقتصاد السعودي اليوم، وما شهده من تحولات جذرية، تعزز من مكانته في الفترة المقبلة. وقالت إن مستقبل الاقتصاد السعودي يبشر بطفرات لاحقاً، خاصة في ظل تنامي أسعار النفط من جانب، وتنفيذ المشروعات الاستراتيجية التي جاءت بها الرؤية، متطرقة إلى قطاع العقارات، والترفيه والطاقة..
وقالت مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس، إن «الزيادة في عائدات النفط والتقدم المنجز في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، ساعدت في دفع عجلة الاقتصاد السعودي خلال عام 2018»، متوقعة أن «يصل معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 2.4 % بعدما كان – 0.9 % في عام 2017».
وتابعت المؤسسة «حافظت معدلات التضخم في المملكة على استقرارها نسبياً، حيث استقرت عند متوسط سنوي قدره 3 % بعد ما سجلت زيادة كبيرة في بداية العام على خلفية رفع الدعم الحكومي، وفرض ضريبة القيمة المضافة بواقع 5 %. ومن المتوقع أن يتراجع التضخم في عام 2019 مع تلاشي تأثير هذه الإجراءات». وأضافت «على الرغم من أن معدلات البطالة بين المواطنين السعوديين لا تزال مرتفعة، من المرجح أن يشهد سوق العمل نمواً على المدى المتوسط، إلى الطويل، وذلك على خلفية الإصلاحات المتعددة التي تهدف إلى زيادة نسبة السعودة، ولا سيما في قطاعات التجزئة، وإلى تشجيع المزيد من النساء على المشاركة في القوى العاملة».
ويتوقع أن يشهد عام 2019 – بحسب أكسفورد إيكونوميكس – نشاطاً مستمراً بفضل الزخم القوى للجهود الإصلاحية، والزيادة الكبيرة في حجم الإنفاق الحكومي»، مبينة أن «الميزانية الأخيرة للمملكة، جاءت توسعية لتؤكد عزم الحكومة والتزامها نحو دفع النمو الاقتصادي، وتدعيم بيئة ممارسة الأعمال والتجارة في المملكة، لذا نتوقع أن يكون لهذا انعكاس إيجابي على قطاع العقارات، مع تعافي النشاط التجاري، وزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية».
واعتبر مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس المملكة العربية السعودية «أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، لذا نتوقع أن يلعب الطلب من القطاع الخاص دوراً كبيراً في قطاع العقارات والمقاولات، ولكن هناك بعض التخوف من أن يؤدي أي تراجع في أسعار النفط، إلى تباطؤ معدلات النمو خلال الـ12 شهراً القادمة».
الضيافة والترفيه
وأضافت المؤسسة «لقد كان عام 2018 هو عام التغيير بالنسبة للمملكة، وجاء هذا التغيير مدفوعاً بهدف رؤية 2030 المتمثل في زيادة وتنويع خدمات الترفيه داخل المملكة، وكانت البداية مع الإعلان عن خطة إصدار تأشيرات السياحة عبر الإنترنت، واستضافة سباقات الفورمولا أي في الدرعية، وتنظيم حفلات موسيقية عقب السباق، ويتوقع أن تنعكس جهود ترويج قطاع الترفيه إيجاباً على قطاعي السياحة والضيافة»، موضحة أن «المشروعات الجديدة التي أُعلن عنها في قطاع السياحة، تتضمن مشروع أمالا، الذي يتمحور حول مفهوم السياحة الفاخرة والصحة والاستشفاء، ويقع هذا المشروع على الساحل الشمالي الغربي للبحر الأحمر، وهو أحد المشروعات العملاقة، إلى جانب مشروع نيوم ومشروع البحر الأحمر التي ينفذها صندوق الاستثمارات العامة. وفي الرياض، دشن صندوق الاستثمارات العامة مشروع القدية، وسوف يتضمن المشروع الجديد 6 مدن ملاهٍ، ومراكز ترفيه ومنشآت رياضية ومجموعة من الأنشطة التاريخية والثقافية والتعليمية».
وترى مؤسسة أكسفورد إيكونوميكس أن «هذه الإضافات الجديدة والكبيرة لقطاع الترفيه والسياحة، سوف تسهم بشكل كبير في النمو الآقتصادي غير النفطي للمملكة». وقالت: «نتوقع أن تخلق المزيد من فرص العمل، ومن المحتمل أن تحفز هذه المشروعات عدداً من مشروعات التطوير العقاري الكبيرة، التي ينفذها القطاعان العام والخاص».
صناعات جديدة
وتحدثت «أكسفورد إيكونوميكس» على تأثير المشروعات العملاقة التي دشنت في الفترة الأخيرة، وقالت: «دشنت المملكة في ديسمبر 2018 مشروع مدينة الملك سلمان للطاقة «سبارك» في المنطقة الشرقية، والذي تتولى شركة أرامكو تطويره وتنفيذه، بالتعاون مع الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية، وتضم سبارك خمس مناطق رئيسية، تركز على التصنيع العام، والسوائل والكيمائيات، وتشكيل المعادن، والخدمات الصناعية، ومن المتوقع أن تصل مساهمة سبارك في إجمالي الناتج المحلي إلى 22 مليار ريال بحلول عام 2035 ، لذا نرى أن تدشين هذه المدينة خطوة إيجابية نحو تطوير الصناعات القادرة على النمو وتوفير فرص العمل في المنطقة الشرقية، وهو ما سيؤدي بدوره إلى تعزيز الطلب على العقارات التجارية والصناعية. ومن المنتظر أن تؤدي المنظومة الفريدة للمدينة، والمكونة من بنية تحتية عالمية الطراز وأحدث تقنيات سلاسل التوريد، إلى تحفيز الطلب على المدينة واستقطاب الاستثمارات الأجنبية وتشجيع مشاركة القطاع الخاص».
التجزئة
وتوقعت أكسفورد إيكونوميكس أن «يصل تعداد سكان المملكة العربية السعودية إلى 39.5 مليون نسمة بحلول 2030 ، وقالت: «على الرغم من تأثير الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها الحكومة مؤخراً، ولاسيما تطبيق ضريبة القيمة المضافة ورفع الدعم الحكومي، وفرض رسوم علي الوافدين، على القدرة الشرائية لسكان المملكة، لا تزال لدينا نظرة إيجابية تجاه إمكانات نمو قطاع التجزئة على المدى الطويل، ونتوقع أن يتأقلم تجار التجزئة مع التحول في عادات التسوق لدى المستهلكين الناتجة عن رؤية 2030».
تملك المنازل
وقالت «أكسفورد إيكونوميكس» إن عام 2018 شهد إطلاق عدد من المبادرات الرامية إلى زيادة تملك المواطنين السعوديين للمنازل، إذ دشنت وزارة الإسكان، بالتعاون مع صندوق التطوير العقاري، برنامج «سكني 2» والذي يستهدف توزيع حوالي 300 ألف منتج سكني. وتخطط الحكومة السعودية لإنفاق 120 مليار ريال على القروض العقارية المدعومة، بهدف زيادة نسبة تملك السعوديين للمنازل إلى 60 % بحلول عام 2020 و 70 % بحلول عام 2030 . وتضمن هذه الخطة برنامج ضمان قروض بقيمة 18 مليار ريال، وبرنامج بقيمة 12.5 مليار ريال لدعم مقدمات الشراء». وأضافت المؤسسة «نرى أن هذه البرامج خطوات إيجابية، من شأنها مساعدة المواطنين على امتلاك منازلهم الخاصة، وتدعيم سوق الوحدات السكنية. غير أنه لا يزال من الضروري تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في تطوير المشروعات السكنية».
وأضافت «بادرت الحكومة إلى تشجيع التطوير العقاري من خلال تطبيقها لرسوم الأراضي البيضاء في عام 2017 والتي تهدف إلى تحفيز تطوير الأراضي الخاصة وتعزيز نشاط التشييد والبناء. وتتضمن الحوافز الأخرى توفير الأراضي الحكومية بتكلفة هامشية، وتعديل اللوائح من أجل السماح بزيادة نسبة المساحة الطابقية، وبالتالي زيادة الكثافة السكانية».