ختمت الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في الرباط بمملكة المغرب أعمالها أمس، التي بدأت يوم الأحد الماضي تحت رعاية الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية، وترأس وفد مجلس الشورى المشارك في المؤتمر معالي رئيس المجلس الشيخ د. عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ.
وأكد رؤساء وأعضاء وفود مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المشاركون في أعمال الدورة عبر إعلان الرباط، مسؤولية المجموعة الدولية في تسوية الصراع في الشرق الأوسط، وبالأساس تمكين الشعب الفلسطيني من جميع حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، وذلك وفق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
كما أكد إعلان الرباط أهمية الديمقراطية ودولة المؤسسات في التنمية وصيانة حقوق الإنسان وكفالة احترامها، ودور مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي في ترسيخها، وتيسير المشاركة السياسية للشعوب بما يكفل الاستقرار والتماسك الاجتماعي وبناء ثقة الشعوب بمؤسسات بلدانها، وجعلها تمتلك بناءها من خلال إشراكها في القرارات وفي حوكمة المؤسسات العامة من خلال ممثليها.
واستشعر رؤساء المجالس كما جاء في إعلان الرباط، حجم الخطر الذي يشكله التطرف والإرهاب والتعصب على مجتمعات واستقرار الدول العربية والإسلامية ومستقبلها على الأمن والسلم العالمي، وانعكاس ذلك على صورة العالم الإسلامي.
وأكد إعلان الرباط الأهمية الحيوية للديمقراطية ودولة المؤسسات واحترام حقوق الإنسان وصيانتها، في تقدم مجتمعات الدول الإسلامية وتطويرها وتيسير استقرارها، باعتبارها أفقًا كونيًا وحاجة مجتمعية وهدفًا يتم بلوغه بالتراكم والإصلاح وإشراك مختلف فئات المجتمعات ومكوناتها، والحرص على تعزيز المشاركة السياسية الفاعلة للنساء والشباب.
وجدد رؤساء مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، مركزية القضية الفلسطينية كأولوية في اهتمامات الاتحاد ومرافعاته، مؤكدين التضامن مع الشعب الفلسطيني لإقرار حقوقه المشروعة، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس طبقًا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وعبروا في الوقت نفسه عن إدانتهم بقوة ممارسات سلطات الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني.
وأعرب الرؤساء عن تقديرهم لجهود الملك محمد السادس عاهل المملكة المغربية رئيس لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي ولذراعها الميدانية وكالة بيت مال القدس الشريف للحفاظ على الوضع القانوني للقدس وطابعها الحضاري ومعالمها الروحية ودعم صمود المقدسيين.
وطالب إعلان الرباط الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة بتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني وللمآثر والمعالم العمرانية والثقافية في الأراضي المحتلة، والعمل على إطلاق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ورفع الحصار والظلم عن قطاع غزة، معبرًا عن إدانته للانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية اليومية على الشعب الفلسطيني.
وأكد رؤساء مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، أن الاحتلال الإسرائيلي هو جوهر الصراع في الشرق الأوسط وأصل مشكلاته، مطالبين المجموعة الدولية بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لما تبقى من الأراضي اللبنانية والجولان السوري.
وجدد المجتمعون رفضهم للفكر الإرهابي المتطرف، وإدانتهم للإرهاب الذي يستهدف عديدا من البلدان الإسلامية وغير الإسلامية، داعين إلى التصدي لجذوره وأسبابه، وترسيخ التعاون بين أعضاء المجموعة الدولية لبلوغ هذا الهدف.
ودعا رؤساء مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي إلى التصدي للخطابات المتطرفة والمتعصبة مهما كان مصدرها، مؤكدين رفضهم ربط الإرهاب بالإسلام والمسلمين، واستغلاله في الحملات ضد الإسلام والحضارة الإسلامية.
كما دعوا عبر إعلان الرباط إلى تسوية النزاعات التي تشهدها بعض مناطق العالم الإسلامي بالحوار والتفاوض وبالطرق السلمية، مشددين على ضرورة تجنيب المدنيين آثار هذه النزاعات، وتمكينهم من الحماية الضرورية، وكفالة حقوقهم المادية والمعنوية وفي السلامة والأمن والخدمات الاجتماعية وجميع ضرورات الحياة الكريمة، مؤكدين رفض أخذ المدنيين رهائن أو معتقلين أو أسرى لاستعمالهم كأوراق ضغط في النزاعات.
وشدد إعلان الرباط على أهمية الوقاية من النزاعات في تجنيب العالم الإسلامي اندلاع توترات جديدة، ودعوا إلى الجنوح إلى السلم في تسوية الخلافات، وجعل الحدود بين البلدان الإسلامية آمنة، وقنوات وجسور تعاون ومبادلات والاستثمار الأمثل للتكامل الاقتصادي بين البلدان الإسلامية والمدعوة إلى تقوية المبادلات التجارية والبشرية وفي مجال الخدمات بينها.
وأكد الرؤساء في إعلانهم أهمية الاحتكام في تدبير الخلافات والنزاعات والأزمات، إلى الحكمة والعقل ومنطق المصالح المشتركة، التي تأتي في مقدمتها مصالح الشعوب أولًا في الاستقرار والأمن والتنمية والازدهار، ووقف هدر الثروات والزمن السياسي في الحروب والنزاعات، في الوقت الذي تتوافر فيه جميع إمكانات ومقومات نهضة جديدة، مدركين في الوقت نفسه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالمان العربي والإسلامي.
وأكد رؤساء المجالس العزم على تقوية مبدأ التسامح والتساكن والحوار في التعامل والاستفادة من المؤسسات البرلمانية لدعم هذا التوجه بتعزيز الحوار بين ممثلي الديانات السماوية والحضارات بما يكفل التعايش والاستقرار والسلم والأمن.
كما أكد حماية الجاليات المسلمة في البلدان غير المسلمة طبقًا لمبادئ حقوق الإنسان وحرية المعتقد، ورفض خطابات التخويف من الإسلام، وما يستهدف هذه الجاليات من ممارسات وخطابات عنصرية، معبرًا عن الإدانة لأعمال التطهير التي تستهدف هذه الأقليات في بعض البلدان.
وطالب الإعلان بالمحاسبة الدولية للمسؤولين عن هذه الممارسات، وأن تضطلع الأمم المتحدة وأذرعها الإنسانية والحقوقية بذلك، مشددا على ضرورة كفالة كرامة وحقوق اللاجئين والمهاجرين من مناطق النزاعات، وتمكينهم من الخدمات، خاصة الخدمات التعليمية والصحية الموجهة للأطفال، على أن الهدف يبقى هو العمل من أجل عودة هؤلاء إلى أوطانهم في إطار السلم.
وأكد رؤساء المجالس تمسكهم بالمبادئ التأسيسية لمنظمة التعاون الإسلامي، خاصة ما يرجع إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير، واحترام الوحدة الترابية للدول وسيادتها، وتسوية النزاعات سلمياً عن طريق الحوار، مشددين على العزم على مواصلة المساهمة الناجعة والإيجابية في تطوير عمل منظمة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، خاصة ما يرجع إلى إقرار السلم العالمي والأمن الإقليمي واحترام حقوق الإنسان واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية.