تضمن المحور الثاني من رؤية المملكة 2030 «تحقيق اقتصاد مزدهر»، وقد ركز هذا المحور على توفير الفرص للجميع، عبر بناء منظومة تعليمية مرتبطة باحتياجات سوق العمل، وتنمية الفرص للجميع من روّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة إلى الشركات الكبرى، والعمل على تطوير الأدوات الاستثمارية، لإطلاق إمكانات قطاعاتنا الاقتصادية الواعدة وتنويع الاقتصاد وتوليد فرص العمل، مع الإيمان بدور التنافسية في رفع جودة الخدمات والتنمية الاقتصادية، وتركيز الجهود على تخصيص الخدمات الحكومية وتحسين بيئة الأعمال، بما يسهم في استقطاب أفضل الكفاءات العالميّة والاستثمارات النوعيّة، وصولاً إلى استغلال موقع المملكة الاستراتيجي الفريد.
وتعد مهارات أبنائنا وقدراتهم من أهم مواردنا وأكثرها قيمة، ما يجعل المملكة تسعى إلى تحقيق الاستفادة القصوى من طاقاتهم من خلال تبنّي ثقافة الجزاء مقابل العمل، وإتاحة الفرص للجميع، وإكسابهم المهارات اللازمة التي تمكّنهم من السعي نحو تحقيق أهدافهم، وهذا الأمر يتطلب التأكيد على أهمية إنشاء المراكز العلمية السعودية التي تعد نموذجاً فريداً لارتباطها بالتعليم.
ولتحقيق هذه الغاية، سوف تعزز رؤية المملكة 2030 قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل متنوعة، كما ستفتح فصلاً جديداً في استقطاب الكفاءات والمواهب العالمية للعمل والإسهام في تنمية اقتصادنا.
وقد قامت وزارة التعليم أخيراً بعقد مؤتمر التميز الثالث في تعليم وتعلم العلوم والرياضيات، والذي نظمه مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات بجامعة الملك سعود تحت شعار: «جيل مثقف علمياً لاقتصاد مزدهر».
تبادل خبرات
وبيّن الدكتور سعيد الشمراني – مدير مركز التميز البحثي في تطوير تعليم العلوم والرياضيات بجامعة الملك سعود – أنه تضمن المؤتمر العديد من الفعاليات، حيث أقام سبع جلسات علمية، وأربع محاضرات رئيسة، وجلسة للملصقات العلمية، بجانب 15 ورشة عمل تدريبية وبمشاركة 68 بحثاً، مضيفاً أنه يهدف مؤتمر التميز الثالث في تعليم وتعلم العلوم والرياضيات، الذي يقام بالرعاية مع شركة تطوير للخدمات التعليمية والشراكة مع مكتب التربية العربي لدول الخليج وقسم الطفولة المبكرة بجامعة الملك سعود، إلى تطوير تعلُّم وتعليم العلوم والرياضيات من خلال إتاحة الفرصة لالتقاء جميع الفئات العاملة والمهتمة بتعليم العلوم والرياضيات للتحاور والنقاش وتبادل الخبرات والتطور المهني.
ثقافة علمية
وقد شارك في هذا المؤتمر، عدد من الخبراء من خارج المملكة، وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات، والباحثون في تعليم العلوم والرياضيات، والقيادات التربوية في وزارة التعليم وإدارات التعليم، ومنهم الدكتور أحمد بن عبد الله الشبل – مدير عام مركز STEM الوطني ومدير مشروع المراكز العلمية في شركة تطوير للخدمات التعليمية وعضو وممثل المملكة في المنظمة العالمية الملست (Milset) -، الذي أكد على أهمية المراكز العلمية والتي لها دور كبير في نشر الثقافة العلمية وبناء الاتجاهات نحو العلوم، لذا كان التوجه لإنشاء المراكز العلمية بصفتها مشروعاً استراتيجياً لتطوير تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات وفق منهجية «STEM»، وذلك من خلال ربط التعليم الرسمي بغير الرسمي بتنفيذ من شركة تطوير للخدمات التعليمية.
تسلح بالعلم
وشارك أيضاً في المؤتمر الدكتور سليمان بن محمد بن سليمان البلوشي – عميد كلية التربية بجامعة السلطان قابوس الحاصل على جائزة «المحكم المتميز» من المجلة الدولية في تعليم العلوم والرياضيات الممولة من وزارة العلوم والتكنولوجيا في تايوان -، حيث رأى أن تدريس العلوم اليوم أصبح حاجة ملحة وليس ترفاً في ظل التقدم التكنولوجي والمعرفي الكبير الذي يشهده القرن الحالي، مضيفاً أن العلوم مع الرياضيات يشكلان ثنائياً في مجال تقدم المجتمعات وتطورها ونموها واستمراريتها في التنافس، ولقد آمنت بذلك كل المجتمعات المتقدمة منها والنامية، وترجمت ذلك الإيمان إلى واقع ملموس من خلال اهتمامها بتدريس العلوم والرياضيات بطرائق وأساليب تعكس طبيعة تلك المواد وتساعد على تخريج أجيال متسلحة بالعلم والمعرفة والمهارة والقيمة، مشيراً إلى أن الأجدر بنا ونحن في العالم العربي أن نهتم أيضاً بذلك فنعمل على تطوير طرق تدريسنا للعلوم من خلال تطوير المحتوى والوسائل والأساليب التدريسية والتقييم والمعلم الذي يدرس هذه المادة.
وتحدث الدكتور ناصر صلاح الدين منصور – من جامعة إكستر بريطانيا، ورئيس مجموعة التطور المهني لمعلمي العلوم والرياضيات في مركز التميز – عن أهمية دور الثقافة العلمية في بناء اقتصاد مزدهر.
وتناولت الدكتورة إيمان المطيري – مساعد وزير التجارة والاستثمار – ما تضمنته رؤية المملكة 2030 لجيل مثقف علمياً، كما قدمت الدكتورة هبة فتحي الدغيدي ورقة عمل حول هذا الأمر.
تدريب مهني
وتواصل المملكة الاستثمار في التعليم والتدريب، وتزود أبناءها الطلاب بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل، لتحقيق هدف رؤية 2030، وهو أن يحصل كل طفل سعودي – أينما كان – على فرص التعليم الجيد وفق خيارات متنوعة، وسيكون التركيز الأكبر على مراحل التعليم المبكّر، وعلى تأهيل المدرسين والقيادات التربوية وتدريبهم وتطوير المناهج الدراسية، لذا تعزز الرؤية مواءمة مخرجات المنظومة التعليمية مع احتياجات سوق العمل، والتوسع في التدريب المهني لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، مع تركيز فرص الابتعاث على المجالات التي تخدم الاقتصاد الوطني وفى التخصصات النوعيّة في الجامعات العالميّة المرموقة، إضافةً إلى التركيز على الابتكار في التقنيات المتطورة وفى ريادة الأعمال، وتنمية الفرص حيث يمنح الاقتصاد الفرص للجميع، رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا، لكي يسهموا بأفضل ما لديهم من قدرات.