بعد سنوات طويلة من الخلاف بين الهيئة العامة للزكاة والبنوك حول طريقة احتساب الوعاء الزكوي جاءت اللائحة الجديدة بطريقة مبسطة تمكن البنوك من احتساب الوعاء الزكوي بكل دقة وبذلك يسدل الستار على الخلافات السابقة التي أخرت تأدية الزكاة وتراكمت على أثرها المخصصات في القوائم المالية للبنوك سواء التي تم تحميلها على بند مطالبات أخرى أو التي أدرجت في بند احتياطيات أخرى بحقوق المساهمين لمدد وصلت الى 10 سنوات حتى تدخل سمو ولي العهد بعد أن تفاقم الخلاف وأصبح مؤثراً على الصناعة المصرفية حيث أمر بتشكيل لجنة من الأطراف ذات العلاقة وأسفرت عن تسوية نهائية باحتساب المطالبات السابقة بما فيها عام 2018 على أساس 10 % من صافي الأرباح على أن تُقسط المبالغ المستحقة على 5 سنوات 20 % عن كل سنة لكي لا تتأثر مستويات السيولة لدى البنوك وخصوصاً أن الدولة مقبلة على مشروعات واستحقاقات مهمة جداً لتحريك عجلة الاقتصاد والبنوك هي الداعم الرئيس للحركة الاقتصادية من خلال نشاطات التمويل أو الاستثمار في السندات والصكوك الحكومية ولذا تحملت الدولة الزكاة وضريبة الدخل على الاستثمار في الصكوك والسندات التي تصدرها وزارة المالية محلياً بالريال السعودي من أجل جذب الاستثمارات إليها، وأصدرت الهيئة العامة للزكاة بعد دراسة مستفيضة الأسبوع الماضي اللائحة الجديدة والتي تضمنت قواعد وعمليات حسابية للوصول إلى الوعاء الزكوي لأنشطة التمويل سواء البنوك أو الشركات التي تقدم خدمات التمويل حيث قسمت اللائحة أرقام القوائم المالية إلى أربعة أقسام القسم الأول يتضمن مصادر الأموال للبنك مثل حقوق المساهمين والديون التي على البنك ويحل موعد سدادها أو جزء منها بعد سنة أو أكثر كذلك المشتقات بالقيمة العادلة السلبية المستحقة بعد سنة أو أكثر، القسم الثاني حدد الأصول غير الزكوية والتي تضمنت ثمانية أصول منها الأصول الثابتة والوديعة النظامية لدى مؤسسة النقد السعودي والتمويل الذي استحقاقه أكثر من سنة والقيمة العادلة الإيجابية للمشتقات وكذلك السندات والصكوك التي تتحمل الدولة زكاتها والعقارات التي آلت إلى البنك من تنفيذ الرهن والاستثمارات في شركات داخلية أو خارجية، وبعد خصم هذه الأصول غير الزكوية من إجمالي الأصول ينتج عنها القسم الثالث ألا وهي الأصول الزكوية وبذلك يتم استخراج الوعاء الزكوي بقسمة الأصول الزكوية على القسم الرابع في المعادلة الزكوية وهي إجمالي الأصول ضرب مصادر الأموال، وتتم عملية تحديد الزكاة بضرب الوعاء الزكوي بنسبة 2.5 % وهي نسبة الزكاة المقررة شرعاً، وحددت اللائحة حد أدنى للوعاء الزكوي بحيث لا يقل عن أربعة أضعاف صافي الربح ولا يزيد عن ثمانية أضعاف صافي الربح، أما البنوك التي لم تحقق خلال العام أرباح فان الوعاء الزكوي يجب ان لا يقل عن أربعة أمثال عشرة بالمئة من اجمالي الربح ولا يزيد عن ثمانية أمثال عشرة بالمئة من اجمالي الربح، وبهذا تحافظ اللائحة على جاذية الاستثمار في القطاع المصرفي وخصوصاً مع عدم وجود ضرائب أخرى تتحملها البنوك.
في الجدول المرفق تم إجراء عملية حسابية لاستخراج الوعاء الزكوي حسب اللائحة الجديدة من أجل المزيد من الإيضاح وقد اخترت القوائم المالية للبنك الأهلي كأحد أكبر البنوك في المملكة وأكثرها تنوعاً في الأنشطة وتنطبق عليه جميع البنود التي ذكرت في لائحة الزكاة، قد لا تكون الأرقام المدرجة في البنود دقيقة 100 % ولكنها أقرب للأرقام الفعلية أما طريقة الاحتساب فهي صحيحة ومطابقة للائحة، ومع صدور اللائحة الجديدة يمكن للبنوك بدءاً من الربع الأول تحديد مبلغ الزكاة الفعلي في قوائمها المالية بعد أن حُجبت بسبب اختلاف طرق الاحتساب بين البنوك والهيئة.
من المتوقع أن ترتفع الزكاة على البنوك خلال العام الحالي 2019 عن المبلغ المقدر في عملية التسوية الأخيرة والذي قُدر بـ 10 % من صافي أرباح البنك وقد تتراوح نسبتها ما بين 12 % إلى 15 % وبهذا قد تدفع البنوك زكاة في العام الحالي حوالي 6.6 مليارات ريال بناء على تقديرات أن تحقق البنوك هذا العام نمواً في الأرباح بحوالي 10 % وهذه الأرقام الجيدة التي سوف تحصلها الهيئة سوف تدفع بها إلى العمل الاجتماعي لمساعدة الفقراء والمحتاجين والأرامل والأيتام وتنفيذ جميع برامج التكافل الاجتماعي التي تحتاج إلى تنمية الدخل من أموال الزكاة.
ومن التغييرات التي سيكون لها أثر إيجابي كبير جاء في المعالجة الزكوية للعقارات تحت التطوير الأمر الذي سيدعم صناعة تطوير العقار ويشجع الاستثمار في هذه الصناعة لما لها من أهمية بالغة في توفير المزيد من الوحدات العقارية وخفض التكاليف لتمكين المستفيدين من تملك عقاراتهم وتحقيق تطلعات الدولة إلى زيادة نسبة تملك المواطنين لمساكنهم وهي كذلك تصب في مصلحة البنوك المناط بها تقديم التمويل لتملك المواطن للعقار ومثل هذه التسهيلات سوف تحفز المطورين العقاريين إلى طرح المزيد من الوحدات العقارية.