اقتربت المملكة من السيادة العالمية في صناعة النفط والبتروكيميائيات إنتاجاً وتسويقاً من خلال التحالف القوي بين قائدتي الصناعتين في العالم شركتي “أرامكو” و”سابك” في ظل خطط أرامكو بعيدة المدى لتكون الشركة الأولى في العالم للطاقة والبتروكيميائيات معاً بحلول العام 2030 من خلال مشروعات الاستحواذ الضخمة للبتروكيميائيات ودمجها بالمصافي، وذلك بعد أن نجحت يوم الأربعاء بتوقيع اتفاقية شراء غالبية أسهم ثالث أكبر شركة للبتروكيميائيات في العالم شركة سابك مقابل 259.1 مليار ريال. في وقت تعكف شركتا “أرامكو” و”سابك” حالياً على تشييد أكبر مشروع في العالم لتحويل حصص من إنتاج المملكة للنفط الخام من المنبع وتوجيهها مباشرة للمصب لإنتاج الكيميائيات في ظل استراتيجية أرامكو المتمثلة في استخدام النفط كلقيم رئيس للبتروكيميائيات في مشروعاتها المستقبلية.
وأعرب رئيس سابك التنفيذي أ. يوسف البنيان عن بالغ سروره لهذه النقلة التحولية التكاملية بين شركتي أرامكو السعودية وسابك حيث تلتقي قوى الشركتين لتضع المملكة في صدارة دول العالم كأكبر منتج ومصدر للنفط والكيميائيات. وقال أ. البنيان بهذه المناسبة لموظفي الشركة في رسالة إليكترونية: إنه لمن دواعي سروري أن أحيطكم أن أرامكو السعودية وقعت اتفاقية شراء أسهم للاستحواذ على حصة نسبتها 70 % في “سابك” من صندوق الاستثمارات العامة في المملكة، ولا تمثل الأسهم المتداولة في “سابك” البالغة 30 % جزءا من الصفقة، مشيراً إلى أن أرامكو أعلنت أنه ليس لديها أي نية للاستحواذ عليها، ملفتاً إلى أن هذه الخطوة تمثل نقطة تحول تمكن “سابك” من توحيد أهدافها نحو التكامل من خلال الجمع بين مواطن قوتها وتلك الخاصة بأرامكو السعودية.
وكشف أ. البنيان بأن هذه النقلة تعمل على تحفيز النمو المشترك، وتعزيز العديد من المزايا المشتركة التي أوجزها في ثلاثة محاور أولها ستحقق هذه الصفقة الاستراتيجية لأرامكو السعودية مزيدا من التوافق بين مصالح شركتين عالميتين رائدتين يعمل لديها موظفون على مستوى عالمي، كما ستعمل على تعزيز إسهام “سابك” المشترك في قطاع الطاقة والصناعات الكيميائية العالمية.
مضيفاً أن الصفقة تمنح الشركتين أيضاً فرصة العمل معا بشكل أوثق، لتكونا أكثر قدرة وتنافسية، في ظل امتلاك الشركتين الخبرات الهندسية العميقة، والريادة في التقنية، والتميز التشغيلي، فضلاً عن التقاء الشركتين واشتراكهما في القيم الأساس، والتزامهما ببذل الطاقات التي تتجاوز الحدود من أجل تحفيز النمو من خلال العمل المشترك معا وتعزيز قدراتهما لصنع إمكانات أكبر للإسهام في تشكيل مستقبل الطاقة، وبالتالي صنع فرص وظيفية أهم وأوسع لجميع موظفي الشركتين، ويتوقع أن تسهم المشروعات الجديدة، وأعمال النمو في بناء تحديات إضافية كبيرة تتطلب مزيدا من الخبرات والمواهب.
وأشار أ. البينان إلى محور آخر من المزايا المشتركة لهذه الصفقة المتمثل بالعمل جاهدين على خلق الفرص لتحقيق النمو في قطاع الكيميائيات مع الحصول على إمدادات آمنة من المواد الأولية واتباع نهج متكامل لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات، في وقت تنتج أرامكو السعودية اليوم واحدا من بين كل ثمانية براميل نفط خام يتم إنتاجها في العالم وتبلغ حصتها من الطاقة التكريرية العالمية 4.9 ملايين برميل في اليوم، فيما تبلغ طاقتها الإنتاجية من البتروكيميائيات 16,8 مليون طن متري، فيما تعكف أرامكو السعودية على تسريع وتيرة نمو أعمالها في قطاع الكيميائيات وتعزيز التكامل لخلق القيمة عبر كافة مراحل سلسلة المواد الهيدروكربونية، في حين تمثل “سابك” واحدة من كبرى شركات البتروكيميائيات على مستوى العالم بما لديها من أصول ممتازة وإمكانات وقدرات رائعة، ما يجعلها في وضع جيد يمكنها من الاستفادة مما ستحققه أرامكو السعودية من توسع في نطاق الأعمال وما توفره من إمكانات استثمارية.
وأكد أ. البنيان في توضيحه لثالث محاور المزايا المشتركة للصفقة بتعزيز القدرة على التنافس عالميا في الأسواق سريعة النمو في وقت يشهد قطاع البتروكيميائيات زيادة في معدلات الطلب وتنافسية أكبر على المواد الخام، والوصول إلى الأسواق، وفي الوقت نفسه، فمن المتوقع أن تكون البتروكيميائيات أسرع القطاعات نموا من حيث الطلب على النفط حتى العام 2040م. وقال: “سوف تمكننا اتفاقية اليوم من النمو والتنافسية ضمن إطار أكثر فاعلية من خلال تعزيز قدرات “سابك”، وأصول البتروكيميائيات التي تملكها، وإمكانية الوصول إلى الأسواق والاستفادة من قوة أرامكو السعودية وأصولها التكريرية، وقدرتها على الوصول إلى المواد الخام، والاستثمار من أجل تحقيق النمو على نطاق واسع جدا، وكل هذه المزايا تدفعنا إلى التطلع قدما، وبكل حماس نحو هذا التكامل”.
ولم ينسَ أ. البنيان التلويح إلى العناصر المشتركة التي تجمع الشركتين في التزامها بتحقيق الكفاءة وتقليل البصمة الكربونية، والتنمية المستدامة، فضلاً عن خططهما الرامية إلى تطوير مجمع رائد لتحويل النفط الخام إلى كيميائيات في ينبع الذي يسلط الضوء على أهداف الشركتين المشتركة. وأوضح أن هذه الصفقة تخضع إلى شروط إغلاق معينة، بما في ذلك الموافقات النظامية، والعمل على بناء فريق مشترك لتطوير خطط للمرحلة القادمة بعد اكتمال صفقة الاستحواذ.