تعتزم الولايات المتحدة لأول مرة في تاريخها، اتباع طرق أكثر حزماً ستمتد لتشمل أعلى النافذين وصناع القرار في لبنان، لاجبار الساسة على تغيير الأمر الواقع القائم على وجود دولة داخل الدولة اللبنانية تفرضها ميليشيا حزب الله الايرانية منذ عقود.
وبحسب مصادر أميركية، فإن حزمة العقوبات التي ستصنف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية في واشنطن، ستقوم أيضاً بشمل بعض صناع القرار اللبنانيين الذين ارتبطوا مع الميليشيات الإيرانية ودعموها لسنوات طويلة، ومن المرجح أن يكون أحد المعاقبين رئيس البرلمان اللبناني “نبيه بري” لما تصفه أميركا بمساعدته (القديمة) لحزب الله وارتباطاته بإيران.
وقالت مصادر صحفية إن اثنين من نواب نبيه بري وصلوا إلى واشنطن، للتوسط عند الإدارة لتخفيف نطاق العقوبات على حزب نبيه بري السياسي ومؤيديه والمرتبطين معه مالياً.
وكان بومبيو قد قدم هذا المقترح أثناء زيارته الأخيرة إلى بيروت، مما دفع بري إلى إرسال مبعوثيه إلى أميركا لمحاولة تخفيف وطأة العقوبات.
ويعتبر نبيه بري سادس أغنى رجل في لبنان بثروة تقترب من المليار دولار، ومنشآت تنتشر في طول البلاد وعرضها، ما يعنيه هذا أن العقوبات المالية على بري سيكون لها أثر شديد على اقتصاد لبنان، إذ تضرب العقوبات كل هذه الأصول والعاملين فيها والمتعاملين معها مالياً إذا أقدمت الإدارة الأميركية على هذه الخطوة.
ويشرح رئيس ومؤسس التيار الشيعي الحر في لبنان، السيد محمد الحاج حسن لجريدة «الرياض» تبعات العقوبات الأميركية على اقتصاد لبنان وموقعه السياسي.
ويؤكد على أن العقوبات الأميركية حتى حين كانت محدودة بالجانب الإيراني، أثرت سلباً على الاقتصاد اللبناني التأثير الذي تصاعدت سلبيته مع ضرب حزب الله بالعقوبات، فبات الشارع اللبناني والمواطنين حتى من غير المرتبطين بالحزب يلمسون هذه الانتكاسة الاقتصادية.
وعن طبيعة الإمبراطورية الاقتصادية لنبيه بري يقول الحاج حسن، إن الجسم المالي لحركة أمل قائم على هيكلة مؤلفة من رجال الأعمال الشيعة اللبنانيين، والذين وظفوا أموالهم في حركة أمل منذ سنوات طويلة، وهذا يعني أن تبعات العقوبات سيكون لها أثر يصيب الطائفة الشيعية في لبنان ومقدراتها في الصميم، إضافة إلى الضرر الذي سيلحق بعموم اللبنانيين لتعمق ارتباطات ثروة “نبيه بري” بمؤسسات الاقتصاد اللبناني والتي تشكل الجزء الأكبر من دعم الاقتصاد اللبناني.
ويستبعد الحاج حسن، أن يقوم نبيه بري بالتفريط بإرثه السياسي والاقتصادي وعمره أكثر من 40 عاماً، لأجل التحالف مع إيران، لأن انهيار الهيكل الاقتصادي لحركة “أمل” يعني انهيار تأثيرها السياسي كذلك، وقد تقوم الحركة إذا ما كان أمر العقوبات -جاداً- بخطوات ضد حزب الله قد تصل إلى طرده من الحكومة.
ويضيف الحاج حسن، هناك اليوم مسبقاً نفور في الشارع الشيعي اللبناني يسبق هذه العقوبات نتيجة ما طال حزب الله من عقوبات أميركية ودفعه الى تقليص معاشات المرتبطين به، والخدمات الطبية، وحتى سحب شقق سكنية كان يمنحها لمواليه، الأمر الذي يتفاعل ويخلق بلبلة في الشارع الشيعي اللبناني يصفها الحاج حسن بأنها وصلت إلى “الذروة”.
انهيار متسارع
يسمي الحاج حسن ما جرى في سورية من تسليم لرفات الجندي الإسرائيلي بـ”صفقة الصفعة” لمحور “الممانعة” المزعوم، الصفقة التي كان أداتها بكل علانية “بشار الأسد”، لتخدم أهداف عدة تصب بتيار معاكس تماماً لكل ما يدعيه الحلف “الممانع”، فالصفقة أولاً أفادت نتنياهو قبل الانتخابات، وثانياً أفادت اليمين الأميركي ويمثله اليوم “ترمب” فالجندي صاحب الرفات يحمل الجنسية الأميركية أيضاً وكانت فرصة ليتباهى ترمب بهذا، أما الباب الأخير والأكثر وجعاً لادعياء المقاومة فهو أن روسيا بخروجها العلني واعترافها بإتمامها هذه الصفقة قالت للعالم أجمع أن النظام السوري وغيره من (بندقيات للإيجار) ليسوا إلا أدوات وبوتين هو الحاكم الفعلي الوحيد لسورية، وهو بوتين ذاته الذي رفعت صوره في ضاحية لبنان وأطلق عليه اسم “أبو علي بوتين”.
ويرى الحاج حسن أن هذه الصفعات الموجعة، معنوياً ومادياً تضع حلف “الممانعة” على أبواب التفكك والانهيار، فحالة الإذلال التي تقودها روسيا لنظام الأسد و”الممانعين” غير مسبوقة، فكان تسليم الرفات قد جرى بإقناع النظام بأن البديل هو ضمان عدم استهداف الأسد، لتخرج وزارة الخارجية الأميركية خلال أقل من 24 ساعة بتصريح من غير مناسبة يقول “هذا الأسد لا يصلح للاستمرار في الحكم”.