أعلن وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض بن عوف رئيس اللجنة الامنية العليا يوم الخميس عن نهاية حكم الرئيس عمر البشير بعد 30 عاما واعتقاله في مكان آمن، وتشكيل مجلس عسكري إنتقالي يتولي إدارة الحكم لفترة انتقالية مدتها عامين.
وأكد بن عوف في البيان الاول للمجلس تعطيل العمل بدستور السودان الإنتقالي لسنة 2005م، وإعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر وحظر التجوال لمدة شهر من الساعة العاشرة مساءً إلى الرابعة صباحاً.
ومعروف أن اللجنة الأمنية العليا التي تولت مهمة الإطاحة بالبشير ونظامه بعد ضغوط شعبية بدأت باحتجاجات منذ التاسع من شهر ديسمبر الماضي وتحولت إلى اعتصام للمحتجين أمام مباني قيادة الجيش في الخرطوم منذ السادس من ابريل الجاري، تتكون من القوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات وقوات الدعم السريع.
وقال إن اللجنة قررت قفل الأجواء لمدة أربعة وعشرين ساعة والمداخل والمعابر في كل أنحاء السودان لحين إشعار آخر، وحل مؤسسة الرئاسة من نواب ومساعدين ومجلس الوزراء القومي على أن يكلف وكلاء الوزارات بتسيير العمل.
وأفاد أن اللجنة قررت أيضا حل المجلس الوطني ومجلس الولايات وحكومات الولايات ومجالسها التشريعية وتكليف الولاة ولجان الأمن في أداء مهامهم، ويستمر العمل طبيعياً بالسلطة القضائية ومكوناتها، وكذلك المحكمة الدستورية والنيابة العامة.
ووجه الدعوة لحاملي السلاح والحركات المسلحة للانضمام لحضن الوطن والمساهمة في بنائه، وحث على المحافظة على الحياة العامة للمواطنين دون إقصاء أو اعتداء أو انتقاد، أو اعتداء على الممتلكات الرسمية والشخصية وصيانة العرض والشرف.
وأكد الفرض الصارم للنظام العام ومنع التفلت ومحاربة الجريمة بكل أنواعها.
وأعلن عن وقف إطلاق النار الشامل في كل أرجاء السودان وإطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين فوراً وتهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة وبناء الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات حرة نزيهة بنهاية الفترة الإنتقالية ووضع دستور دائم للبلاد.
وأكد بن عوف الالتزام بكل المعاهدات والمواثيق والاتفاقات بكل مسمياتها المحلية والإقليمية والدولية واستمرار عمل السفارات والبعثات والهيئات الدبلوماسية والمنظمات.
وشدد بن عوف على صون وكرامة حقوق الإنسان والالتزام بعلاقات حسن الجوار والحرص على علاقات دولية متوازنة، تراعي مصالح السودان العليا وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.
وأمر بتأمين الوحدات والمناطق الحيوية والجسور وأماكن العبادة واستمرار المرافق والاتصالات والموانئ والحركة الجوية وتأمين الخدمات بكل أنواعها.
وقال وزير الدفاع، في نص البيان: “لقد ظلت اللجنة الأمنية العليا المكونة من القوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز الأمن والمخابرات وقوات الدعم السريع، تتابع ومنذ فترة طويلة ما يجري بمؤسسات الحكم بالدولة، من سوء الإدارة، وفساد في النظم، وغياب عدلي في المعاملات، وانسداد للأفق أمام كل الشعب، خاصة الشباب، فـزاد الفقـير فقـراً، وزاد الغني غنى، وانعـدم حتى الأمل في تساوي الفرص لأبناء الشعب الواحد وقطاعاته المختلفة وعاش أفراد تلك المنظومة الأمنية ما عاشه فقراء الشعب وعامته رغم تعدد وتنوع الموارد التي تجود بها بلادنا”.
وأضاف: “ورغم تلك المعاناة والظلم البائن والوعود الكاذبة فقد كان صبر أهل السودان فوق تحمل البشر، إلا أن هذا الشعب كان مسامحاً وكريماً ورغم ما أصاب المنطقة وبعض الدول، فقد تخطى شعبنا تلك المراحل بمهارة وحكمة أبعدت عنه التفكك والتشرذم والفوضى والانزلاق إلى المجهول إلا أن شبابه خرج في تظاهر سلمي عبرت عنه شعاراته منذ 19 كانون أول / ديسمبر الماضي 2018 وحتى الآن، حيث الأزمات المتنوعة والمتكررة والاحتياجات المعيشية والخدمات الضرورية”.
وأكد أن ذلك لم ينبه “النظام بل ظل يردد الاعترافات المضللة والوعود الكاذبة ويصر على المعالجة الأمنية دون غيرها، وهنا تجد اللجنة الأمنية العليا لزاماً عليها أن تعتذر عن ما وقع من خسائر في الأنفس فتترحم على الشهداء وتتمنى الشفاء للجرحى والمصابين سواء من المواطنين أو الأجهزة الأمنية، إلا أن كل منتسبي تلك المنظومة الأمنية حرصت كل الحرص على إدارة الأزمة بمهنية وكفاءة واحترافية رغم بعض السقطات”.
وأضاف وزير الدفاع: “لقد تابعتم ومنذ السادس من أبريل الجاري ما جرى ويجري بالقرب وحول القيادة العامة للقوات المسلحة وما ظهر من بوادر إحداث شروخ في مؤسسة عــــريقة نبهت به اللجنة الأمنيـة العليا رئاسة الدولة وحذرت من خطورته وظلت تكرر وتضع البدائل وتطالب بها حتى اصطدمت بعناد وإصـرار على الحلول الأمنية”.
وتابع: “رغم قناعة الكـل بتعذر ذلك واستحالته وكان تنفيذ هذه الحلول سيحدث خسائر كبيرة لا يعلم عددها وحدودها ونتائجها إلا الله، فقررت اللجنة الأمنية العليا وقواتها المسلحة ومكوناتها الأخرى تنفيذ ما لم يتحسب له رأس النظام، وتحملت المسؤولية الكاملة بتغيير كل النظام لفترة انتقالية لمدة عامين، تتولى فيها القوات المسلحة بصورة أساسية وتمثيل محدود لمكونات تلك اللجنة مسؤولية إدارة الدولة والحفاظ على الدم الغالي العزيز للمواطن السوداني الكريم”.
وقال بن عوف “وعليه أعلن أنا وزير الدفاع رئيس اللجنة الأمنية العليا اقتلاع ذلك النظام والتحفظ على رأسه بعد اعتقاله في مكان آمن” .
إلى ذلك رفضت قوى معارضة في السودان الخميس ما ورد في بيان القوات المسلحة واعتبرته “انقلابا عسكريا”.
وقالت قوى إعلان الحرية والتغيير في بيان مشترك “ندعو شعبنا للحفاظ على اعتصامه أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة وفي بقية الأقاليم وللبقاء في الشوارع في كل مدن السودان.. حتى تسليم السلطة لحكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة”.
وكان الآلاف قد تدفقوا على موقع احتجاج مناهض للحكومة أمام وزارة الدفاع اليوم الخميس بينما خرجت حشود ضخمة إلى شوارع وسط الخرطوم ابتهاجا بنبأ تنحية البشير وأخذت تهتف بشعارات مناهضة له. وهتف المحتجون “سقطت سقطت.. انتصرنا”.
ودعا المحتجون لتشكيل حكومة مدنية وقالوا إنهم لن يقبلوا بإدارة تقودها رموز عسكرية وأمنية أو مساعدون للبشير.
وقال عمر صالح سنار القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيس للاحتجاجات ضد البشير، في تصريحات لرويترز “لن نقبل إلا بحكومة مدنية انتقالية مكونة من قوى إعلان الحرية والتغيير”.
وقال مصدر كبير في تجمع المهنيين إن التجمع رفض بيان وزير الدفاع ودعا المحتجين لمواصلة الاعتصام الذي بدأ يوم السبت أمام وزارة الدفاع.
وأضاف “ندعو الثوار لمواصلة الاعتصام.. بيان بن عوف استنساخ جديد لنظام الإنقاذ.. نرفض البيان بصورة كاملة”.
وقال كمال عمر، وهو طبيب من المحتجين عمره 38 عاما “سنواصل الاعتصام حتى ننتصر”.