لطالما ظلت قراءات أسواق الطاقة العالمي متأججة منذ عدة أشهر وهي في طريقها للمزيد من الارتجاج والتذبذب السريع ما بين ارتفاع قياسي وانخفاض لافت طغت علية الظروف السياسية في بلدان عدة في ظل تنبؤات بتفاقم أوضاعه صعوداً في السعر لدرجة يصعب رأبها وقد تقود لتنازلات عن عقوبات مفروضة على دول سعياً لمنع تطاير الأسعار والمحافظة على مخزونات نفط متوازنة مستقرة.
وفي حين توقع وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية م. خالد الفالح إعادة الاستقرار والتوزان للسوق، إلا أن محللون استراتيجيون ذهبوا خلاف تفاؤل الوزير منذرين بأن أسواق النفط مقبلة على مرحلة تاريخية بمزيد من الاضطرابات والمخاوف وعدم اليقين بشأن الظروف السياسية في ليبيا والعقوبات المفروضة على فنزويلا وإيران والأزمة التجارية الأميركية – الصينية والخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وغيرها من الظروف الساخنة الراهنة القابلة للتأجج والتي من المؤكد تأثيرها المباشر على أسعار النفط.
وشهدت أسعار النفط ارتفاعا إلى مستويات قياسية جديدة خلال الأسبوع الجاري مع استمرار المكاسب في فترة ما بعد الظهر من ساعات التداول الآسيوية ليوم الثلاثاء لترتفع أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في عدة أشهر في ظل تحذيرات من خوضها معترك أكبر وأكثر إثارة في الفترة القادمة.
وفيما ذهبت تحليلات تنذر من ارتفاعات كبيرة وشيكة لأسعار النفط في ظل تفاقم الأوضاع السياسية الأمنية الداخلية في ليبيا بصفتها من المنتجين الرئيسين للنفط في أوبك ومخاوف قيام حرب أهلية مما يضيف مزيدا من القلق والقيود إلى السوق بعد الهجوم المفاجئ لقوات المتمردين التي تسيطر فعليًا على شرق البلاد الانفصالي على منزل الحكومة الليبية المعترف بها في الأمم المتحدة مما يعقد الصراع في ليبيا ويعقد الأجواء في أسواق النفط العالمية.
فيما تشكل الأزمة الفنزويلية – الأميركية نزاعاً دولياً أكبر من النزاع الليبي الداخلي كون الدولتين من كبار المنتجين للنفط في العالم في ظروف متناقضة حيث تقلص الأولى إنتاجها لأدنى المستويات بالقوة في حين الأخرى تزيد من إنتاجها النفطي التقليدي وغير التقليدي.
وفي الوقت ذاته تواصل واشنطن تصعيد خناقها على صادرات النفط الإيراني والقضاء التام عليها إلا أن الارتفاع في أسعار النفط سيفتح منافذ حتمية غير شرعية للنفط الإيراني أو قد تلجأ الولايات المتحدة للتخفيف من خناقها على نفط إيران مقابل اشتراطات دولية ذات صلة بالإرهاب الدولي حيث من الصعب الإبقاء على نفط إيران خارج السوق حينما تحلق الأسعار للأعلى.
وذهبت مخاوف إلى احتمالية أن تنفذ إيران صبرها لهذا الخناق الذي أحدث أكبر الأضرار للاقتصاد الإيراني وسوء الأوضاع الداخلية والتي قد تقود للجوء إيران مرة أخرى للمناوشة حول سلامة وأمن مضيق هرمز للتهديد بإغلاقه وهو من أهم الممرات البحرية الاستراتيجية لإمدادات النفط الخام للعالم، ومسؤول عن مرور نسبة 30 % من حمولات النفط والغاز في العالم.
وارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوياتها في 2019 أوائل الأسبوع الجاري مع إضافة العقود الآجلة لخام برنت القياسي العالمي 1.1 في المئة ليستقر عند 71.10 دولارا للبرميل وارتفاع العقود الآجلة للنفط الخام الأميركي بنسبة 2.1 % لتستقر عند 64.40 دولارا للبرميل. وفي التعاملات الآسيوية بعد ظهر يوم الثلاثاء ارتفع خام برنت بشكل طفيف إلى 71.13 دولارا وارتفعت العقود الآجلة للخام الأميركي بنسبة 0.2 في المئة إلى 64.53 دولارا للبرميل.