شخص الخبير القانوني السابق في هيئة الخبراء بمجلس الوزراء وعضو مجلس الشورى محمد عبدالعزيز الجرباء واقع تطبيق نظام مكافحة الغش التجاري وأكد عدم تمكن وزارة التجارة والاستثمار من تنفيذه بفاعلية، وبدراسة قانونية أجراها العضو تبين أن المادة 12 تسند للنيابة العامة التحقيق والادعاء في المخالفات الواردة في هذا النظام، مما لا يمكن الوزارة من تنفيذه بالشكل المطلوب، وقد سلبت الجهة المختصة الحق في أن تجري العقوبة المالية على المخالف مباشرة على خلاف منهج العديد من الأنظمة السعودية، والتي كان آخرها نظام التجارة بالمنتجات البترولية الذي وافق عليه الشورى ومجلس الوزراء وقد مكن الجهة المختصة من فرض العقوبة عند وجود المخالفة، وأعطى الصلاحية النظامية من التظلم أمام القضاء الإداري لمن تضرر من القرار الإداري الصادر بالعقوبة، وحدد إحالة الموضوع إلى النيابة العامة إذا كانت العقوبة بالسجن ثم إلى القضاء المختص، وهو ما يجب أن يكون في نظام مكافحة الغش التجاري، بدلاً من أن تصبح وزارة التجارة والاستثمار وهي الجهة المختصة بتنفيذ النظام مدعي والمخالف مدعى عليه ثم يحال الموضوع إلى ديوان المظالم لتتم المرافعات والجلسات حتى يصدر الحكم بعد مدة من الزمن.
وقدم الجرباء لمجلس الشورى مقترحاً يستهدف إيجاد فاعلية ودور أكبر يمكن وزارة التجارة والاستثمار من تطبيق مكافحة الغش التجاري ليحقق الأهداف التي من أجلها صدر، والحد من الغش الذي تذمر منه المواطنون، وأضر بالاقتصاد الوطني، وطالب العضو بعدم إشغال النيابة العامة بالتحقيق والادعاء، وجهات القضاء والتطبيق المباشر للعقوبات المالية التي تفرضها الوزارة فقد يقبل المخالف بالغرامة دون الحاجة إلى القضاء، واقترح تعديل المادتين 12 لتقوم الوزارة بتطبيق الغرامات المالية المنصوص عليها في هذا النظام والمحددة تفصيلاً في اللائحة، على كل من يخالف أحكامه، من خلال لجنة يشكلها الوزير من ثلاثة أعضاء مختصين على الاقل من بينهم مستشار قانوني ولا تقل مرتباتهم عن الثالثة عشرة أو ما يعادلها، وتحدد اللائحة إجراءات عمل هذه اللجنة ومكافأة أعضائها والعاملين فيها، وتصدر قراراتها بالأغلبية، ولا تكون قراراتها نافذة الا بعد تصديق الوزير -أو من يفوضه- عليها، ويجوز التظلم من قراراتها أمام ديوان المظالم»، وتعديل المادة 13 لتكون بالنص «إذا رأت اللجنة المشار إليها في المادة الثانية عشرة، أن العقوبة المناسبة للمخالف هي السجن، فتحيل القضية الى النيابة العامة للتحقيق والادعاء فيها أمام القضاء المختص».
وأكد تقرير المقترح عدم توافق النظام الحالي لمكافحة الغش التجاري مع رؤية المملكة وبرنامج التحول الوطني، خاصة وأن الهدف الاستراتيجي الثاني المسند لوزارة العدل هو الحد من تدفق الدعاوى الى المحاكم، كما أن الهدف الاستراتيجي الاول هو رفع مستوى الخدمات العدلية، ومن ارتباط اهداف الرؤية في برنامج التحول الوطني الارتقاء بمستوى اداء وانتاجية ومرونة الاجهزة الحكومية، وحسب تقرير العضو فالتعديل سيحقق نقلة نوعية ومحاولة جادة في التخلص من الغش التجاري ويساهم في تفعيل دور وزارة التجارة والاستثمار في هذا المجال.
من جهتها أيَّدت لجنة الاقتصاد والطاقة برئاسة فيصل الفاضل دراسة مقترح تعديل نظام مكافحة الغش التجاري وأدرجت امانة المجلس تقرير اللجنة بهذا الشأن للمناقشة ضمن بنود أعمال جلسة الشورى المقرر عقدها الأربعاء المقبل، والتصويت على ملائمة الدراسة.
إلى ذلك، ووفقاً لتقارير متواترة نشرتها «الرياض» فجهود وزارة التجارة والاستثمار في مكافحة الغش التجاري دون المأمول رغم أن ذلك من الاختصاصات الأصيلة للوزارة، وقد وصل حسب تقرير شوريّ إلى مرحلة مقلقة والوزارة لاتزال تعمل مع الجهات ذات العلاقة من خلال اللجنة الدائمة لحماية المستهلك على إعداد الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الغش التجاري، وقد اعترفت الوزارة في تقارير أداء سنوية سابقة بزيادة أعداد حالات الغش التجاري وحددت مجموعة من نقاط الضعف التي تعاني منها عند قيامها بتنفيذ أعمالها في مجال مكافحته، مثل نقص الكوادر البشرية المكلفة بضبط مخالفات نظام مكافحة الغش، والتوسع في أعداد المنشآت والأسواق التجارية وعدم مقابلة هذا التوسع زيادة في القوى البشرية بالوزارة، إضافة إلى ممارسات تسويق وإنتاج البضائع المغشوشة والمقلدة سرعة البت في قضايا الغش التجاري وتشديد العقوبات بحق المخالفين ودور النيابة العامة وديوان المظالم في ذلك، والتعاون والتنسيق المستمر بين الجهات المعنية بتطبيق نظام مكافحة الغش التجاري، وأوضحت تقارير أن الإحصائيات كبيرة في مجال الغش ويعود ذلك بالدرجة الأولى إلى التوسع الكبير في النشاط التجاري في المملكة وحجم المؤسسات والشركات المسجلة بالسجل التجاري إضافة إلى الأعداد الكبيرة من المحلات والأسواق التجارية المرخصة من قبل الجهات الحكومية الأخرى.
يذكر وحسب أحدث تقرير للتجارة والاستثمار أن الوزارة قامت لمكافحة الغش التجاري بتوقيع اتفاقية مع الصين للحد من السلع المغشوشة والمقلدة، كما أجرت تحديثاً لتنظيم سياسة الاستيراد بالتعاون مع الأجهزة الحكومية ذات العلاقة وربط إلكتروني متقدم للتمكين من البيانات مع الجمارك والمقاييس، إضافة إلى تقسيم المستوردين إلى عالٍ ومتوسط ومنخفض المخاطر.