تجدد الجدل واحتدم النقاش حيال مسببات التآكل في المنشآت الصناعية والذي تسبب ببلوغ حجم الخسائر الاقتصادية إلى نحو 2.5 تريليون دولار سنوياً على المستوى العالمي، بما يعادل 3.4 % من الناتج الإجمالي العالمي. ونسب خبراء مشاركون في مؤتمر الجبيل للتآكل السبب إلى ضعف أعمال الصيانة وتأجيلها عن جدولها الزمني بإرادتها أو لظروف خارجة عنها مما يقلل من كفاءة الأداء والامتياز التشغيلي والتسبب في تفاقم مشكلات الأعطال والهدر المالي، فيما ألقى آخرون باللوم على تقادم بعض المنشآت وبلوغ عمرها الافتراضي، وعلى الظروف الطبيعية المسببة للتآكل سواء بالبيئات البحرية أو الصحراوية، في حين شدد آخرون على سبب رئيس يكمن في استخدام شفرات بناء لا توافق البيئة السعودية، فضلاً عن تحديات التشغيل في الجيل الرابع لتطور التقنيات في الصناعة.
وحذر د. عمر العمودي، أستاذ قسم الهندسة المدنية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، من المشكلات العديدة في الخرسانة المسلحة في المملكة والتي سببها تطبيق المشتغلين في الصناعة الإنشائية كودات بناء غير ملائمة للبيئة السعودية، مما تسبب في تضرر العديد من المنشآت الإنشائية. وبين أن تصميم كود البناء السعودي يراعي الظروف البيئية والجوية للمملكة وقد تم تطوير جميع الكودات وتطبيقها على المنشآت من حيث السلامة والحماية من الزلازل، موضحاً أن هناك خسائر كبيرة نتيجة عدم تطبيق الكود السعودي. وشدد على أبرز المشكلات التي تواجه تطبيق الكود السعودي، منها كيفية الإشراف على التطبيق، والإشراف على التحاكم بسبب غياب المحاكم المختصة بالكود السعودي، مما يتطلب تدريب المهندسين على الحوكمة والتحاكم، مؤكداً أن تطبيق معايير كود البناء السعودي سيحل كثيراً من المشكلات المتعلقة بالمنشآت الإنشائية.
من جهته قال مندوب شركة «نالكو» لتقنية المياه فيل ديكسون أن هناك تحديات كبيرة تواجه أصعدة التشغيل من الجيل الرابع لتطور التقنيات في الصناعة والتي يمكن التغلب عليها من خلال استخدامات التقنيات الجديدة في المعالجة، إضافة إلى أحدث التطبيقات ومدى فاعليتها ومساهمتها في التشغيل الآمن للمصانع مقارنة بالتطبيقات السابقة، لافتاً إلى تطبيق قياسات التحكم عن بعد عوضاً عن القياسات التقليدية.
وخرج المؤتمرون باتفاق وبتوصيات تطالب بضرورة تطبيق التقنيات الحديثة والمتطورة للكشف المبكر على المواد المعدنية وغير المعدنية وتطبيقها في المنشآت الصناعية، إضافة إلى أهمية تعزيز التعاون بين القطاعين الصناعي والأكاديمي لاستمرار تطوير الإنتاج البحثي في حماية الأصول الصناعية للحد من الخسائر الناتجة من تآكلها، وضرورة تطوير أنظمة الحماية الكاثودية بما يتفق مع تقنيات الجيل الرابع الرقمية، وتطوير أداء وتطبيق الدهانات الحرارية الآمنة في الدرجات الحرارية العالية لمنع الصدى، وتطوير نظام التبريد المائي في الصناعات، وحماية وفحص ومعالجة البنية التحتية لأبراج التبريد المستخدمة لمياه البحر، واختيار المواد المعدنية المناسبة في نظام التبريد المائي من حيث الأداء والفاعلية.
ومن التوصيات النظر بأهمية الاستفادة من التقنيات المتطورة والمبتكرة لدى شركتي أرامكو السعودية و»سابك» في حماية أصولهم من التآكل بكافة أنواعه في وقت تستعد أرامكو لتدشين أول مرفق صناعي في المملكة مخصص في صناعة الأنابيب اللامعدنية الأشد مقاومة للتآكل والتي تعتمد في مواد تصنيعها على النفط والكيميائيات في وقت استخدمت أرامكو في 2018 نحو 2600 كم من الأنابيب اللامعدنية في مرافقها ومنشآتها البترولية.