أكد أستاذ الطاقة والصناعات بجامعة الملك سعود الدكتور فهد المبدّل أهمية بقاء مستويات أسعار النفط ضمن مدى 65 – 85 دولاراً للبرميل؛ كونها المستويات الأقرب للحالة التي يتم توصيفها غالباً بالاتزّان من قبل غالبية كبار منتجي ومستهلكي الخام بالعالم.
وقال في حديث لـ “الرياض” أشارت لجنة المراقبة الوزارية لأوبك عقب اجتماعها في شهر مارس الماضي: إنه يتوجب على الدول الأعضاء في اتفاق الخفض النفطي العمل بسياسة تقييد الإنتاج بمعدل 1.4 مليون برميل يومياً للحفاظ على مستويات الأسعار، كما قدرّت وكالة الطاقة في باريس حجم الفوائض النفطية خلال النصف الأول من هذا العام 2019م بقرابة الـ 2 مليون برميل يوميا في حال استمرت أوبك على إنتاجها الحالي المتضمن سياسية التقييد بمعدل 1.2 مليون برميل يومياً، بالتزامن كذلك والعقوبات المفروضة من قبل الإدارة الأميركية على كلٍ من فنزويلا وإيران.
وأوضح الدكتور المبدّل أن هذا الشهر تضمن حدثين مهمين يتعلقان بتوازن الأسواق النفطية، الأول وصول إنتاج الولايات المتحدة من النفط إلى رقم قياسي 12.2 مليون برميل يومياً، والآخر تشديد العقوبات (خصوصا النفطية) على إيران، بهدف إيصال صادرات النفط الإيرانية إلى مستويات متدنية جداً، وهذان الأمران وإن كانا يوازنان بعضهما نسبياً، إلا أنه يتوجب الحذر من ارتفاع الفوائض النفطية إلى أكثر من 3 أو 4 ملايين برميل، حيث إن حدوث ذلك سيؤدي مباشرة إلى تراجع أسعار النفط.
وعن الفوائض النفطية بالأسواق العالمية قال الدكتور المبدّل: تختلف الكمية الدقيقة من الفوائض الموجودة في خزانات النفط التجارية الخاصة والمملوكة للقطاع الخاص، كذلك الأخرى التي تعود ملكيتها لبعض الدول في جميع أنحاء العالم حسب الأسعار ومستويات الإنتاج والطلب والتغيرات الموسمية وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، ودائما يعتمد رقم الفائض الجيد من النفط على السعر المستهدف، وهذا صعب تحديده ولكن أغلب المنتجين والمستهلكين الكبار يضعون مدى بين 65 – 85 دولارا كسعر مقبول من قبل الأكثرية، وهو ما يتطلب أن تكون الفوائض النفطية بالأسواق حوالي المليون برميل يومياً.
وأشارت معطيات الأسواق العالمية إلى أن الفوائض النفطية ستتعرض للتشديد من قبل اتفاق أعضاء OPEC+ بخفض في مستويات الإنتاج تم العمل به منذ بداية العام الجاري 2019م، ما يسهم في تقليصها مع بداية النصف الثاني من العام لنحو 700 ألف برميل يومياً، حيث ما زالت منظمة OPEC تلعب دوراً مهماً في أسواق الطاقة، يسهم دوماً في الحفاظ على اتزّان الأسواق، كما أثبتت نجاحها في مختلف الأزمات التي عاصرتها من خلال اتبّاع سياسة إنتاجية مرنة تستطيع التعاطي ومختلف الظروف التي تفرضها الأوضاع الجيوسياسية وحتى الانتكاسات التي تحدث لمنتجي الخام بين الفينة والأخرى، فمنذ مطلع العام الجاري والسياسة الإنتاجية للمنظمة تسهم في تحييد السوق العالمية عن تخمة المعروض النفطي الذي اختنقت به أسواق العالم نهاية العام الماضي 2018م، حيث تراجعت أسعار خام الإشارة برنت لما دون الـ 65 دولاراً في الـ 13 من نوفمبر 2018م من 80 دولاراً في 26 سبتمبر للعام ذاته بتراجعٍ بلغ مقداره 15 دولاراً، واستمر مسلسل الهبوط وصولاً لقاع الـ 50 دولاراً في 26 ديسمبر 2018م، ليبدأ بعدها بخمسة أيام سريان اتفاق الخفض في إنتاج النفط بمعدل 1.2 مليون برميل يومياً موزعاً على إحدى وعشرين دولة منها إحدى عشرة دولة أعضاء في منظمة OPEC، ما انتشل أسعار النفط من ذلك القاع وصولاً به لمستوى الـ 70 دولاراً بنهاية تداولات الأسبوع الماضي.