يلجأ العدد الأكبر من الفارين من المعارك في ليبيا إلى منازل أقارب أو معارف، لا إلى المراكز المفتوحة لاستقبال النازحين، وبالتالي، لا يستقطبون الكثير من الاهتمام.
وأُرغم آلاف الطرابلسيين على الفرار من منازلهم منذ الرابع من أبريل، تاريخ بدء هجوم قوات المشير خليفة حفتر، في اتجاه العاصمة.
وبعد تقدم سريع، تواجه القوات الموالية لحفتر معارضة شرسة من جانب القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقراً لها.
ولم تتغير المواقع العسكرية، لكن تستمر المعارك على أبواب العاصمة في الضاحية الجنوبية خصوصاً في عين زارة وأيضاً في صلاح الدين وخلة الفرجان وفي محيط مطار طرابلس الدولي الذي لم يعد يُستخدم منذ تضرره في العام 2014 جراء المعارك.
وتراجعت وتيرة المعارك منذ بداية شهر رمضان. لكن غارات جوية ليلية تستهدف يومياً مناطق كانت حتى الآن محيّدة عن المعارك. وأسفرت أعمال العنف عن 454 قتيلاً وأكثر من ألفي جريح حتى الآن، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وصرّح رئيس مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في العاصمة الليبية يونس رحوي “يتعلق أحد أكبر دواعي قلقنا بالمدنيين الذين يعيشون بالقرب من الخطوط الأمامية. وقد بدأت المناطق السكنية المكتظة تتحول شيئاً فشيئاً إلى ميادين للقتال.”
وأُرغمت حبيبة على مغادرة منزلها بسرعة عندما قال لها جيرانها إنهم يرحلون من الحيّ الواقع على الطريق المؤدي إلى المطار. لكن بالنسبة إليها، مركز الاستقبال لم يكن خياراً.
وسمح لها أصدقاء زوجها النزول مع أولادها في شقة كانت تُستخدم كمقرّ شركة أجنبية في غرب طرابلس، تنام فيها العائلة على فرش بين المكاتب والمقاعد.
لكن حبيبة تعتبر ورغم كل شيء، أنها “محظوظة”، “لأن غالباً ما لا يكون لدى أقربائنا مكان أو إمكانات لاستقبالنا”.
وتشير إلى أنها ستحاول الانضمام إلى زوجها الذي يعيش في الخارج. وتقول “على ما يبدو الآن أن السنة الدراسية ضاعت بالنسبة للأطفال”، إذ إن الدروس عُلقت في مدارس عدة تمّ تحويلها إلى ملاجئ موقتة لعشرات العائلات.وفي مناطق عدة من ضاحية طرابلس الجنوبية، تدمّر عدد كبير من المنازل أو لحقت بها أضرار.
في قصر بن غشير، أحد الأحياء الأكثر تضرراً، فرّت معظم العائلات.
لكن حمزة البالغ 29 عاماً يلازم منزله، على الرغم من أن أقرباءه غادروا منازلهم ولجأوا إلى أقرباء لهم، ويقول إنه يريد البقاء “لحراسة” منزله خشية من أن يتعرض للسرقة ولأنه “لا يشعر بالارتياح في منازل الآخرين”.
ويؤكد في اتصال هاتفي مع وكالة الأنباء الفرنسية، أنه لا يزال لديه ما يكفي من المؤن للصمود لأيام عدة. ويروي أن “الأسابيع الأخيرة كانت صعبة وأحتاج إلى راحة”.
ويضيف “إذا استمرّ الأمر كذلك، سأذهب إلى تونس” المجاورة. ويختم ممازحاً “لدي الكثير من المدّخرات والأصدقاء هناك. بالإضافة إلى أن الموسم الصيفي قادم. سأكون سائحاً، رفاهية!”.