ظروف استثنائية صعبة يعيشها اليمن الشقيق منذ العام 2014م، بعد الانقلاب الحوثي الغاشم على السلطة الشرعية التي لجأت لدول التحالف العربي للخلاص من ميليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، فكانت الاستجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، ليرسم التحالف العربي ملحمةً تاريخية لإنقاذ المنطقة من السقوط في شرك المخططات الإيرانية.
وشنت قوات التحالف -الذي يضم تسع دول عربية وتقوده المملكة- عمليات جوية واسعة ضد أهداف متعددة للحوثيين في العاصمة صنعاء، ومعظم محافظات الشمال اليمني ووقف الزحف الحوثي نحو المحافظات الجنوبية، وحقق التحالف إنجازات عسكرية على مختلف جبهات القتال، أبرزها استعادة عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة، إضافة إلى تحرير حضرموت، حتى سيطرت قوات الشرعية على 85 % من الأراضي اليمنية، ولقنت الميليشيات -التي لا تأبه للكلفة الإنسانية لهذا الصراع- دروساً قاسية.
ومنذ بدء العمليات العسكرية في اليمن في 25 مارس 2015م والتحالف العربي يستند في عملياته إلى حق الدفاع عن النفس ويهدف إلى إزالة مصادر أي تهديد عسكري ضد المملكة ودول المنطقة، ويؤكد الحرص العربي على المشاركة في التحالف ودعم قواته على إدراك القوى الكبرى المؤثرة في الإقليم والعالم بأن وقف عبث التنظيمات الإرهابية ليس مسؤولية دول بعينها بقدر ما هو مسؤولية دولية على الجميع أن يتكاتف لمحاربتها.
وتعتبر الجهود التي يقوم بها التحالف ضد ميليشيا الحوثي الإرهابية جزءا من الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب الذي بات يهدد العالم بالفوضى وكبح جماح الميليشيات وسد منافذ الدعم والتمويل التي يعتمدون عليها في مخططاتهم، وكذلك فضح ممارساتهم التي لن تغفرها صفحات التاريخ.
يضاف إلى ذلك ما يقدمه التحالف على الصعيدين الإنساني والإغاثي، من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والهلال الأحمر الإماراتي من دعم للمناطق المتأثرة بالصراع وكذلك إعادة تأهيل متضرري الحرب وبناء البنية التحتية على ركائز الدولة الشرعية التي تجمع كل أطياف الشعب اليمني.
ويؤكد التحالف دوماً أنه يستهدف القدرات والعناصر الحوثية الإرهابية، وفي نفس الوقت يتخذ إجراءات وقائية لحماية المدنيين من الأضرار الجانبية، بعد أن اتخذت ميليشيا الحوثي منهم حائط صد بشريا لإعاقة الجيش الوطني وقوات التحالف من تحرير المناطق التي تقع سيطرتها.
وعلى الشعب اليمني الشقيق أن يدرك أن هناك دولا تستغل مقدراته لتنفيذ أجندة لا تمثل قيمه وتوجهاته، هدفها زعزعة الاستقرار وتقويض جهود مكافحة الإرهاب وتحقيق أطماع توسعية. والمتابع للموقف يعلم جيداً أن الميليشيا الحوثية تثبت يوماً تلو الآخر أنها مجرد أداة في يد النظام الإيراني وهدفها زعزعة الاستقرار الإقليمي والدولي.
وبينت العمليات الأخيرة أن الأعمال العدائية والإرهابية التي تقوم بها الميليشيا الحوثية سواء داخل اليمن أو ضد المملكة ودول المنطقة، تؤكد في كل مرة أنها حرب بالوكالة عن النظام الإيراني لا تستهدف المملكة فحسب، وإنما تستهدف استقرار الاقتصاد العالمي.
ومن جانبه، أكد العميد خالد عكاشة عضو المجلس القومي المصري لمكافحة الإرهاب والتطرف، أن التحالف العربي يقوم بدور مهم جدا خلال السنوات الماضية، مشيرا إلى أن التصدي لإرهاب من هذا النوع كان يريد اختطاف الدولة اليمنية ونشر شكل من أشكال المقيتة للدول التي ترفع لافتات الدين وتتذرع به ضد مشروعات الدولة الوطنية وضد مصالح المعادلة القومية اليمنية بكل مكوناتها، هذا الاختطاف لم يوقفه فعلا سوى تدخل التحالف العربي وحصر خطورته في أدنى مستوياتها، لأن الأمر لم يكن سيبقى أو يقتصر على اليمن فكان هناك مخططات لامتدادات أكبر وأوسع من قبل الداعمين لهذه الميليشيات، وبالتالي هو دور مقدر جداً من قبل قوات التحالف العربي التي تحاول تأمين مواطنيها والمنطقة بأكملها وتضمن حتى الآن حرية الملاحة والتداول التجاري الآمن، وحماية مصالح وأرواح المدنيين في المنطقة وهذا من أبرز ما عملت عليه قوات التحالف منذ اللحظة الأولى.
وبخصوص الدعم الإيراني المستمر لميليشيا الحوثي، قال عكاشة: إنه بعد العملية الأخيرة على وجه التحديد المواجهة لإمدادات النفط السعودية، واعتراف الحوثيين بتنفيذ هذه العملية بعد المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية على الجانب الإيراني، انكشف مكان إيران وعلاقتها بجماعة الحوثي والتي تحاول خلال السنوات الماضية أن تنكرها وأنها منخرطة وتقف وراء تشغيل وإمداد وتمويل هذه المجموعات التابعة للحرس الثوري الإيراني والدولة الإيرانية بشكل مباشر، ووضعها في اليمن ممثل في ميليشيا الحوثي لا يختلف على الإطلاق عن ذات المكونات الموجودة كحزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق وكذلك الكثير من المكونات في سورية بنفس هذه الآلية.
وأضاف عكاشة في تصريحات لـ”الرياض” إن إيران تعمل على تنفيذ مشروع تخريبي في المنطقة بشكل كامل عبر وجود هذه الكيانات الموازية للدول، والتي منذ انخراطها في الملفات الموجودة فيها على الأرض لم تهدأ أيا من هذه الدول على الإطلاق، وهي كيانات عميلة لإيران تنفذ أجندتها بوضوح شديد وبشكل جعل العالم كله يلتفت وأصبح الأمر انزعاج عالمي واسع النطاق، والكثير من هذه الكيانات بدأ إدراجها في قوائم الكيانات الإرهابية بعد ثبوت الكثير جداً من العمليات التي انخرطوا فيها، وأرى أنها مجرد ذراع من أذرعة البحث عن النفوذ الذي تحاول إيران أن تمارسه، وهي تجهز لذلك بشكل مباشر لأنها تدخل في نسيج أربع دول عربية وتطمع في المزيد.
ولفت عكاشة إلى تأثير تصفير النفط الإيراني، محذرا من خطورة اعتماد إيران بشكل كبير على ما أنفقته على هؤلاء العملاء وهذه الكيانات الموجودة المرتكزة في عدد من دول المنطقة، وأن تستطيع تنفيذ عمليات إرهاب وترويع وتهديد السلم والأمن لدول المنطقة وتهديد حركة الملاحة والنقل والتجارة وغيرها كما تابعنا منذ أيام في عملية ميناء الفجيرة الإماراتي، وأعتقد أننا سنكون أمام معادلة حاضرة بقوة خلال الأسابيع المقبلة وسيتم التعامل معها من قبل المجتمع الدولي فور خروج التحقيقات التي ستكشف الكثير من الأمور، وأيضاً مع تداعي الأحداث وفرض المزيد من العقوبات على إيران، والتفات المجتمع الدولي لهذه الأذرع التي يجب أن يتم معاملتها مثلها مثل إيران طالما هذا الارتباط الواضح بينهم وطالما لديهم أجندة عمل واحدة.