في الوقت الذي تهيمن الولايات المتحدة بثورة الغاز الصخري اللقيم الأرخص لثورتها الأخرى في صناعة الكيميائيات يلفت اللاعبون الكبار في قطاع النفط والغاز في العالم لثورة سعودية عالمية نفطية كيميائية مبتكرة تقودها رائدتا النفط والبتروكيميائيات في العالم شركتا «أرامكو» و»سابك» من شأنها أن تحول المشهد البتروكيميائي العالمي برمته بدءا من العام 2025 حين تدشين أكبر مجمع لتحويل النفط الخام مباشرة لكيميائيات بحجم إجمالي استثمارات تقدر بحوالي 112,5 مليار ريال (30 مليار دولار) وسيعمل على تحويل 400 ألف برميل يوميا من النفط الخام إلى طاقة تسعة ملايين طن سنوياً من الكيميائيات ومشتقاتها والزيوت الأساسية، وهو المشروع الأكثر متابعة وترقبا في العالم لما له من تداعيات مذهلة على قطاع البتروكيميائيات العالمي.
وكانت الخطة الأولية تتمثل في تحويل 45 % من كل برميل نفط إلى البتروكيميائيات، إلا أن أرامكو تهدف إلى تعزيز هذا الرقم بشكل كبير من خلال النهوض بتكنولوجيا العمليات الاحتكارية. وتعتقد أرامكو أنه يمكنها تحويل ما بين 60 – 70 % من برميل النفط إلى البتروكيميائيات باستخدام هذه التكنولوجيا، في وقت يبلغ متوسط البتروكيميائيات 10 – 15 % من إنتاج المصافي العالمية مع اختلافات واسعة بين المجمعات المتكاملة.
وتعتقد كبرى شركات النفط بأن الطلب على النفط لوقود النقل سوف يقابله نمو من السيارات الكهربائية وبالتالي فإن مستقبل الهيدروكربونات ليس في البنزين والديزل، ولكن في المواد الكيميائية والتي ستساهم في استمرار ارتفاع الطلب على النفط إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي، ما يؤكد بأن شركات النفط لم تعد راضية عن مجرد توفيرها للمواد الأولية لقطاع الكيميائيات بل تجاوز ذلك إلى جعل النفط الخام ذاته لقيما مباشراً لثورة بتروكيميائية مرتقبة بقيادة العملاقتين «أرامكو» و»سابك» واللتين تسعيان لتعزيز بصمة المملكة العربية السعودية العالمية للبتروكيميائيات بخطط طموحة عملاقة لضخ أكبر الطاقات الهائلة في 2025.
وتشير التقارير الدولية إلى أن الغاز الطبيعي الرخيص في الشرق الأوسط ينفذ حيث يلاحظ توجه جميع المشروعات الجديدة للقيم المختلط مع مزيج نموذجي من حوالي 35 % من الإيثان، و65 % من البروبان، والبيوتان والنافثا، والتي لا تتمتع بميزة الإيثان. وفي السنوات الأخيرة رفعت شركات التكرير حصتها من إنتاج البتروكيميائيات على حساب الوقود التقليدي حيث يمكن لبعض المصافي الجديدة في الصين تحويل ما يصل إلى 40 % من النفط لكيميائيات. إلا أن الوضع في المملكة يختلف من حيث التكنولوجيا المتطورة المحتكرة حيث تتطلع أرامكو إلى زيادة حجم تقنياتها الخام إلى الحجم التجاري مع إمكانية زيادة أخرى من العائد الأساسي بنسبة 45 % ما يشير إلى قدرات للبتروكيميائيات والزيوت الأساسية لأعلى من قاعدة تسعة ملايين طن وتحقيق التوازن المطلوب بينها ومنتجات الوقود.
وتركز أرامكو في تحويل النفط الخام إلى الكيميائيات على تكامل أكبر وكفاءة أعلى في المنبع والمصب في ظل توجه كافة منشآت النفط الجديدة لأدنى منحى في التكاليف وهي الوظيفة القائمة حالياً التي تؤديها المواد الخام المختلطة. في وقت كشف رئيس «أرامكو» التنفيذي م. أمين ناصر في مؤتمر دولي أن أرامكو تخطط لاستثمار حوالي 375 مليار ريال (100 مليار دولار) في مجال البتروكيميائيات على مدار السنوات العشر القادمة. وانطلقت في تنفذ مشروع ضخم للكيميائيات في الجبيل بالتحالف مع «توتال» يضم وحدة تكسير مختلطة اللقيم 50 % من الإيثان، و50 % من الغازات المنبعثة من مصفاتها لإنتاج الإيثيلين بطاقة 1.5 مليون طن سنوياً، وتشييد وحدات بتروكيميائية ذات قيمة مضافة عالية، وتشمل مركبات البوليمرات وبتكلفة 18,7 مليار ريال (5 مليارات دولار) والمزمع بدء تشغيله في العام 2024.
واتجهت أيضاً أرامكو في ثورتها لتغيير المشهد العالمي لصناعة البتروكيميائيات صوب الهند في تحالف ثلاثي عالمي لبناء مجمع مدمج للتكرير والبتروكيميائيات بقيمة 165 مليار ريال (44 مليار دولار) وبطاقة 18 مليون طن سنويا في شراكة مع «أدنوك» واتحاد شركات نفط هندية ويتوقع أن يبدأ البناء في 2020 والانتهاء من المشروع بحلول العام 2025.