نشرت وسائل الإعلام المحلية السورية في الأيام الماضية أنباءً عن شن الجيش الروسي غارة ضد رجال الميليشيات المدعومين من إيران والمتمركزين في مطار حلب الدولي في سورية. وقبضت الشرطة الروسية في أعقاب ذلك على عدد من قادة الميليشيات الإيرانية فيما وصف بأشد مراحل التوتر الروسي – الإيراني داخل الأراضي السورية، الأنباء التي أكدتها أيضاً وكالة (صوت أميركا) التابعة لوزارة الخارجية الاميركية. ومع تراجع الحرب في سورية، واستعادة النظام وقوات ايرانية معظم المواقع التي احتلتها المعارضة في السابق، بدأ التنافس بين روسيا وإيران على مناطق النفوذ وخاصة الغنية بالموارد. ويقول نايل هاور، الباحث الروسي المختص بالشأن السوري أن روسيا تبدو للجميع الأقوى في سورية، ومن أسباب ذلك أن الولايات المتحدة تبدو غير معترضة على وجود روسي طويل الأمد في سورية، بينما ايران هي الغير مرغوب بها وهي مستهدفة من أكثر من طرف، وبالتالي باتت تبدو كعبء ثقيل على روسيا، وزعيمها بوتين الذي قال في اجتماعه الأخير من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أنه يرغب بتطبيع كامل وغير منقوص مع واشنطن. وأضاف؛ الأمر استغرق 16 شهراً من القصف الروسي لتقدر القوات الايرانية على التقدم في حلب، الأمر الذي لم تعد روسيا بحاجته. بينما يرى الباحث الاقتصادي السوري جوان هيمو أن تغير روسيا طبيعي في ظل الحاجات والتنافس الاقتصادي، ففي العام 2018 منح النظام السوري روسيا الحقوق الحصرية لإنتاج الغاز والنفط السوري،كما وقعت دمشق مع موسكو عقداً تمنحها من خلاله حرية استخدام ميناء طرطوس لمدة 49 عاماً، ولم يبقى إلا إبعاد الخطر الايراني الذي يعيد تدوير الصراعات والانهيار الاقتصادي.
وتملك روسيا بسورية ومن خلال الامتيازات التي منحتها دمشق لموسكو، كل خيوط اللعبة للتحكم بالجانب الايراني كما تقدر على انجاح الاستراتيجيات الأميركية لسورية أكثر من أميركا نفسها،حيث تقف موسكو على مسافة واحدة تقريباً من النظام والجماعات المتحالفة مع أميركا والميليشيات الايرانية وتركيا، وتنتظر أن تتحرك بالاتجاه التي يؤمن مصالحها. وتستفيد موسكو من العقوبات على إيران، في خلق شعور سوري عام بالحاجة الى الشراكة مع موسكو والاستسلام الكامل لها في ظل الخطر الذي يجلبه التحالف مع ايران.
وعلى الرغم من الشراكة العسكرية بين موسكو وطهران لسنوات، أخذت موسكو مواقف حيادية من الضغوطات الأميركية على إيران، كما استقبل بوتين وزير الخارجية الأميركي مبدياً انسجاماً في الرغبة بحرمان إيران من البرنامج النووي ورغبة بالتقارب الفعلي مع إدارة ترمب عقب انتهاء تحقيقات مولر بالتدخلات الروسية المزعومة.