أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – أيده الله – أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى إلى أن ينالَ الشعبُ الفلسطيني حُقوقَه المسلوبة وإقامة دولته المستقلةِ وعاصمتها القدسُ الشرقية وفقاً للقرارات الدوليةِ ذات الصلةِ والمبادرةِ العربيةِ للسلام.
وشدد خلال كلمته الافتتاحية لأعمال القمة العربية الطارئة مساء أمس الأول في قصر الصفا بمكة المكرمة على أن العالم العربي يواجه اليومَ تهديداً لأمننا العربي يتمثلُ في العملياتِ التخريبيةِ التي استهدفت سفناً تجاريةً بالقربِ من المياه الإقليميةِ لدولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدة، واستهدفت أيضاً محطتي ضخ للنفطِ في المملكة العربية السعودية من قبلِ ميليشياتٍ إرهابيةٍ مدعومة من إيران.
مؤكداً أن هذا الأمر ليس بالجديدِ على تجاوزِ النظامِ الإيراني المستمر للقوانينِ والمواثيقِ الدولية، وتهديدِ أمنِ واستقرارِ دُولنا والتدخلِ في شؤونها.
وأضاف – أيده الله -:
“بالرغمِ من مكائدِ النظام الإيراني وأعمالهِ الإرهابيةِ التي يمارسها مباشرةً أو من خلالِ وكلائه بهدفِ تقويضِ الأمنِ العربي ومسيرةِ التنميةِ في بلادِنا العربية.
إلا أن دولنا وشعوبَنا استطاعت بحمدِ الله أن تواجه هذه المكائدَ وتحقق تقدماً في مساراتها التنمويةِ والاقتصاديةِ وتحافظ على الأمنِ العربي.
إن عدمَ اتخاذِ موقفٍ رادعٍ وحازمٍ لمواجهةِ تلك الممارساتِ الإرهابيةِ للنظامِ الإيراني في المنطقة هو ما قاده للتمادي في ذلك والتصعيدِ بالشكلِ الذي نراه اليوم.
إخواني أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
ستظلُ يدُ المملكةِ العربيةِ السعوديةِ دائماً ممدودةً للتعاونِ والتحاورِ معَ دولِ المنطقةِ والعالمِ في كلِ ما من شأنه تعزيزُ التنميةِ والازدهارِ وتحقيقِ السلامِ الدائمِ لدولِ وشعوبِ المنطقةِ بما في ذلك الشعبُ الإيراني.
وعلينا جميعاً السعي لجعلِ العالمِ العربي مركزاً اقتصادياً وثقافياً مؤثراً في العالم، بما يعكسُ مقدراتِ دولنا وشعوبنا الاقتصاديةِ والثقافيةِ والتاريخية.
وأدعوكم إخوتي للوقوفِ وقفةً جادةً وحازمةً للدفاعِ عن هذه المكتسبات.
كما نطالبُ المجتمعَ الدولي بتحملِ مسؤولياتهِ إزاءَ ما تُشَكلهُ الممارساتُ الإيرانية ورعايتها للأنشطةِ الإرهابيةِ في المنطقةِ والعالم، من تهديدٍ للأمنِ والسلمِ الدوليين، واستخدام كافةِ الوسائلِ لردعِ هذا النظامِ، والحدِ من نزعتهِ التوسعية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.”
وكانت أعمال القمة العربية الطارئة انطلقت بكلمة لفخامة الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي رئيس القمة العربية في دورتها العادية الثلاثين التي عقدت في تونس، شكر فيها خادم الحرمين الشريفين على مبادرته لعقد القمة العربية الطارئة التي تعكس اهتمام المملكة العربية السعودية بمصالح العرب.
وأكد فخامته أن القمة العربية تعكس الاهتمام الخاص للمملكة العربية السعودية بالقضايا العربية ودورها الرائد في خدمتها كما تجسد عمق الروابط الأخوية والتضامن اللذين يجمعان الدول العربية ويقيمان الدليل على ما يحدونا من حرص مشترك على التشاور فيما بيننا حول كل ما من شأنه تعزيز مناعة البلدان العربية وخدمة مصالحها والحفاظ على أمنها واستقرارها.
وقال فخامته: “إن الأوضاع الدقيقة التي تمر بها المنطقة وما تشهده من تطورات خطيرة ومتلاحقة تتطلب في تقديرنا تقييماً مشتركاً ومعمقاً للتحديات ولمسار وأشكال التهديد التي تستهدف مقومات الأمن القومي العربي بما يساعد على تحديد أنجح السبل لمواجهتها وتطويق آثارها واحتوائها حفاظاً على أمن واستقرار بلداننا. وفي ظل ما تعانيه منطقتنا العربية من أزمات وقضايا مزمنة وما تتحمله بلداننا من كلفة عالية جداً على المستويات الأمنية والتنموية والاجتماعية والإنسانية وغيرها فإنه من غير المقبول اليوم أن تنجر نحو فصول جديدة من التوتر وعدم الاستقرار على حساب حق شعوبنا في العيش الكريم في كنف السلم والطمأنينة.
وأضاف: إن أولوياتنا تظل مواصلة جهودنا لتخليص المنطقة من أسباب ومظاهر عدم الاستقرار، وتسوية قضايانا الرئاسية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية العادلة من خلال التوصل إلى حل عادل وشامل لها وفق المرجعيات الأممية المتفق عليها ومبادرة السلام العربية، وكذلك بالنسبة إلى بقية الأزمات والقضايا الأخرى في المنطقة.
ودان الرئيس التونسي استهداف المدن الآمنة في المملكة العربية السعودية واستهداف السفن بالقرب من المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
وقال فخامة الرئيس التونسي: “بقدر إدراكنا لاختلاف التوجهات وتقاطع المصالح فإن ذلك لا يمكن أن يبرر بأي شكل من الأشكال التدخل في الشؤون الداخلية للدول أو أي سلوكيات من شأنها تقويض استقرار المنطقة وزيادة منسوب الاستحقاق والتوتر فيها وتعريض السلم والأمن الدوليين للخطر”.
وشدد فخامته على أن الأمن القومي الجماعي كُل لا يتجزأ، وتؤكد انطلاقاً من ذلك حرصها على أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة وكل البلدان الخليجية والبلدان العربية الذي يمس أحد أهم مقومات الأمن والاستقرار في عموم المنطقة العربية وفي العالم.
وأكد الرئيس التونسي أن التمسك بقيم التآزر والتعاون وبتعزيز أمن ومناعة البلدان العربية يستوجب مواصلة الجهود من أجل تفعيل التضامن ورفع القدرات على مواجهة مختلف التحديات والمخاطر في مقدمتها الإرهاب بكل أشكاله، الذي يستهدف أمن العربي ومقدراته ويمثل أحد عوامل تغذية الفتن وتعميق الأزمات والمآسي التي تعاني منها بعض الدول في المنطقة.
وجدد دعوته إلى تضافر جهود جميع الأطراف الدولية والإقليمية للتصدي لهذه الآفة والحيلولة دون توفير بيئة ملائمة لنشاطاتها من خلال الإسهام في إزالة أسباب التوتر في المنطقة والانخراط الفاعل في كل جهد يرمي لخدمة السلم والأمن الدوليين ورفض كل أشكال التطرف والعنف واستعمال القوة أو التهديد بها والالتزام بمبادئ حسن الجوار والتعايش السلمي واحترام السيادة الوطنية للدول.
وقال الرئيس السبسي: “سيظل توطيد مقومات أمننا القومي بكل أبعاده أولوية مطلقة في عملنا العربي المشترك وستواصل تونس من خلال رئاستها للقمة العربية جهودها من أجل الإسهام في تحقيق ذلك”.
بعد ذلك سلم فخامته رئاسة القمة لأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله -.
بعدها ألقى معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، كلمة أكد فيها أن قادة وممثلي الدول العربية يقفون في بقعة مباركة في أيام مباركة متّحدي الكلمة والإرادة كبنيان مرصوص، باعثين رسالة للعالم أن العرب كما هم عبر التاريخ، لا يبدأون بالعداوة، ولا يبتغون سوى حسن الجوار والتعايش مع مختلف الأمم والشعوب، غير أن العرب لا يقبلون الضيم، ولا يقرون أبداً تحت أي ظرف أن يمس أمنهم أو تهدد مصالحهم، وأن تعيش شعوبهم من المحيط إلى الخليج تحت الخوف أو الترهيب أو الابتزاز.
وقال: «نتحدث اليوم بصوت واحد، ونرجو أن يكون مسموعا للجميع ومفهوما من الجميع، رافضين النيل من هذه المنطقة وتهديد شعوبها أو تعريض مقدراتها للخطر»، مؤكداً أن الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ وسلسلة واحدة متصلة، تستمد قوتها من ترابط علاقاتها، وأن أي طرف يغفل هذه الحقيقة يوقع نفسه بإساءة التقدير، ما يقوده إلى التورط وجلب الخراب إلى بلده قبل الآخرين.
وأكد الدكتور أبو الغيط، أن تهديد الأمن الملاحي والممرات البحرية وطرق التجارة يمثل تصعيداً خطيراً، حيث تضامن العالم كله برفضه والتنديد به، بل ضمان عدم تكراره، وتهديد المقدرات الاقتصادية وموارد الطاقة بواسطة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، وتجاوز كل الخطوط الحمراء واللعب بالنار.
وأضاف أن أمن الخليج من أمن العرب جميعا؛ إذ أثبتت التطورات في الأسابيع الأخيرة أن الترويع والابتزاز وابتداع تكتيات الإرهاب – يمثل سياسة خائبة، عفى عليها الزمن، ولم يعد العالم يقبل بها ويتسامح مع الدول التي تمارسها.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية: «إن خطر هذه الميليشيات والعصابات الإيرانية بمختلف مسمياتها وتشكيلاتها قد فاق كل حد، وما دخلت الميليشيات بلد إلا أفسدتها بصورة طائفية عبر بوابة نعرفها جميعا، لقد أفسدت الميليشيات الحوثية كل تسوية، وناورت وخادعت لكي تتحلل من كل الالتزام، وأخذت الشعب اليمني رهينة لتنفيذ مخططاتها أو مخطط راعيها الإقليمي، والمحصلة هي خراب يدفع ثمنه الشعب اليمني، واليوم تمارس هذه العصابات ابتزازا في مواجهة المملكة العربية السعودية، ولا تتورع في تهديد المقدسات بلا وازع من دين أو عرف أو خلق»، مؤكداً تضامن الجميع مع المملكة في كافة الإجراءات التي تتخذها دفاعاً عن أمنها في مواجهة هذه الشراذم المتطرفين والإرهابيين التي تحتمي بدولة توفر لها الدعم والتأييد.
بعد ذلك، ألقى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية كلمة أكد خلالها أن أمن منطقة الخليج العربي يمثل بالنسبة لمصر إحدى الركائز الأساسية للأمن القومي العربي، ويرتبط ارتباطا وثيقا وعضويا بالأمن القومي المصري، مشددا على أن العرب ليسوا على استعداد للتفريط في أمنهم القومي.
وأضاف فخامته أن القمة العربية الطارئة تنعقد في ظل تهديدات خطيرة وغير مسبوقة تواجه الأمن القومي العربي، خاصة في منطقة الخليج ذات الأهمية الاستراتيجية الكبيرة، مؤكداً أن أي تهديد يواجه أمن الخليج ومن ثم الأمن القومي العربي يقتضي من الجميع وقفة حاسمة لمواجهته بمنتهى الحكمة والحزم، كما أن الحكمة ضرورية لاحتواء أي توتر؛ فالعرب كانوا ولا يزالون دائما دعاة سلام واستقرار، موضحاً رؤية مصر في كيفية التعامل مع التهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي.
وقال الرئيس السيسي: إن الهجمات التي تعرضت لها المرافق النفطية في المملكة أخيراً من جانب ميليشيات الحوثي، والمحاولات المتكررة لاستهداف أراضيها بالصواريخ، وكذلك الاعتداءات التي تعرضت لها الملاحة في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية الشقيقة تمثل أعمالا إرهابية صريحة، تتطلب موقفا واضحا من كل المجتمع الدولي لإدانتها والعمل بجميع الوسائل لردع مرتكبيها ومحاسبتهم، ومنع تكرار هذه الاعتداءات على الأمن القومي العربي، وعلى السلم والأمن الدوليين، مطالباً المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته كاملة تجاه هذه التهديدات الإرهابية، مشددا على أهمية تفعيل آليات التعاون العربي في مجال مكافحة الإرهاب وتدعيم قدراتهم الذاتية على مواجهته.
وأكد الرئيس المصري أن هناك حاجة لمقاربة استراتيجية لأزمات المنطقة وجذور عدم الاستقرار والتهديدات التي تواجه الأمن القومي العربي، بحيث تجمع بين الإجراءات السياسية والأمنية، وذلك بالتوازي مع التضامن الكامل مع الأشقاء في المملكة والإمارات، ودعمهم في مواجهة أي تهديدات للأراضي أو المنشآت أو المياه الإقليمية.
وقال: «الدول العربية، في الوقت الذي لن تتسامح فيه مع أي تهديد لأمنها، تظل دائما على رأس الداعين للسلام والحوار، ولنا في قوله تعالى (وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله) نبراس ومبدأ نهتدي به.. فلا يوجد أحرص من العرب على علاقات جوار صحية وسليمة، تقوم على احترام سيادة الدول العربية وعدم التدخل في شؤونها، والامتناع عن أي محاولة لاستثارة النعرات الطائفية والمذهبية، وكل من يلتزم بهذه المبادئ سيجد يدا عربية ممدودة له بالسلام والتعاون».
وأضاف الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن المقاربة الاستراتيجية المنشودة للأمن القومي العربي، تقتضي التعامل بالتوازي مع جميع مصادر التهديد لأمن المنطقة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية والمصدر الأول لعدم الاستقرار في المنطقة.
وأكد فخامته أن الاستقرار في المنطقة لا يمكن أن يتحقق بدون الحل السلمي الشامل، الذي يلبي الطموحات الفلسطينية المشروعة في الاستقلال، وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، وقال «لا معنى للحديث عن مقاربة استراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، بدون تصور واضح لمعالجة الأزمات المستمرة في سورية وليبيا واليمن، واستعادة وحدة هذه الدول وسيادتها وتحقيق طموحات شعوبها في الحرية والحياة الكريمة في ظل دول موحدة ذات سيادة، وليست مرتهنة لإرادة وتدخلات وأطماع دول إقليمية أو خارجية أو أمراء الحرب والميليشيات الإرهابية والطائفية».
وقال فخامته: يجب مواجهة جميع التدخلات الإقليمية أو الخارجية في الدول العربية، وإن الدول العربية لن تتسامح مع أي طرف إقليمي يهدد أراضي ومنشآت ومياه دول عربية، أو أن يسعى لممارسة نفوذه في الدول العربية من خلال ميليشيات طائفية تعمل لتحقيق مصالحه الضيقة.
وشدد الرئيس المصري على أن الدول العربية لن تقبل استمرار وجود قوات احتلال عسكرية لطرف إقليمي على أراضي دولتين عربيتين شقيقتين، أو أن يدعم طرف إقليمي بالسلاح والعتاد سلطة ميليشيات ويغذي الإرهابيين على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي كله.
وأشار الرئيس إلى أن الأمن القومي العربي، وما يقوم عليه من علاقات جوار سليمة وصحية، يقتضي – في المقام الأول – وقفة صدق وحزم مع كل طرف إقليمي يحاول التدخل في الشأن العربي، كما يقتضي وقفة مصارحة مع أي طرف عربي يحيد عن مقتضيات الأمن القومي العربي، ويشارك في التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية.
وختم الرئيس السيسي بالقول «لقد اجتمعنا اليوم، لنوجه رسالة تضامن لا لبس فيها مع الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ولنجدد عزمنا على بناء مقاربة استراتيجية شاملة للأمن القومي العربي، تستعيد زمام المبادرة التاريخية للعرب، وتتناسب مع حجم المخاطر والتحديات التي تواجه أمننا العربي في هذه المرحلة، ومع طبيعة الآمال التي تعلقها الشعوب العربية على اجتماعنا».
عقب ذلك، ألقى جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية، كلمة أعرب في مستهلها عن شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين وللمملكة العربية السعودية على الدعوة لعقد هذه القمة العربية الطارئة في مكة المكرمة، التي تأتي في وقت والأمة العربية في أمس الحاجة لتوحيد مواقفها ورؤاها المشتركة، وعلى كرم الضيافة وحسن الاستقبال والتنظيم.
وأوضح الملك عبدالله الثاني أن هذه القمة الطارئة في هذه الأيام المباركة تأتي وأمتنا العربية تواجه عديدا من التحديات التي تستدعي منا جميعا تكثيف العمل وزيادة التنسيق فيما بيننا من أجل توحيد الصف العربي، وتعزيز منظومة العمل العربي المشترك لمواجهة الأخطار التي تـحيـط بـأمتنا.
وأكد جلالته أن المملكة الأردنية الهاشمية تقف إلى جانب أشقائها العرب في الدفاع عن مصالحهم والحفاظ على أمنهم واستقرارهم، ورفضها الحازم لأي تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية الشقيقة أو تهديد لسيادتها أو أمنها بأي شكل من الأشكال، ومن آخرها ما تعرضت له المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة من اعتداءات مدانة ومرفوضة، مجدداً تأكيده أن أمن دول الخليج العربي بالنسبة للأردن يمثل ركيزة أساسية لأمن واستقرار المنطقة؛ فأمن أشقائـنا هو أمنـنا.
وشدد ملك الأردن على أنه لا بد من مواجهة التحديات المتزايدة التي يشهدها عالمنا العربي عبر تطبيق حقيقي لمفهوم العمل العربي المشترك؛ فتحدياتنا وإن اختلفت فإن مصيـرنا مشترك.
وبين أن ترسيخ الاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيـقه دون حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، يمكّن الشعب الفلسطيني من نيل حقوقه العادلة والمشروعة في إقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
عقب ذلك، ألقى فخامة الرئيس برهم صالح رئيس جمهورية العراق، كلمة تقدّم فيها بالشكر لخادم الحرمين الشريفين وللمملكة حكومة وشعباً لحسن الاستقبال وكرم الضيافة.
وقال: «نعاود اجتماعنا في ظروف بالغة التعقيد، ومع الأسف فإن حال منطقتنا ليست بأفضل من الأمس، حيث تمر دول عديدة في العالم العربي بتحولات عصيبة»، مشيرا إلى أن بلاده على الرغم من التقدم الحاصل فيها والتفاؤل السائد إلا أنها تواجه تحديات خطيرة.
ولفت النظر إلى أنه في خضمّ هذا الوضع المتأزم والتطورات المتلاحقة في بيئة دولية وإقليمية محتدمة بالاضطرابات والأخطار، يشهد الجميع تفاعل أزمة إقليمية ودولية أمام الأعين، تنذر بالتحول إلى حرب شاملة إن لم تتم إدارتها بشكل حسن، فإنه سيكون هناك خطر مواجهة إقليمية ودولية قد تجرّ على بلداننا الويلات والوبال.
وتابع قائلا: «إننا في العراق ننظر من واقع تجربة قاسية من الحروب واستهداف الإرهاب لمقدراتنا الذي جاء على أمننا الداخلي، وامتدت آثاره على أمن عمقنا العربي وجوارنا الإسلامي، بل على أمن واستقرار المجتمع الدولي».
وأضاف: «إن أمن المملكة العربية السعودية الشقيقة هو أمن العراق، وأمن الإمارات وأمن دول الخليج هو أمننا، ونحن في العراق حريصون على أمن المملكة ودول الخليج، وأي استهداف لأمنها هو استهداف لأمننا، بل استهداف لأمن الدول العربية والإسلامية جمعياً، ونستنكر أي عمل عدائي موجّه لأشقائنا، لأن الإخلال بالأمن في المنطقة هو إخلال بأمن العراق واستقراره أيضاً».
وأكد أن المنطقة بحاجة إلى استقرار مبني على منظومة للأمن المشترك يعتمد احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية ونبذ العنف والتطرف، وقال «إن مساعينا لا تتجه فقط إلى بناء منظومة اقتصادية وسياسية متكاملة مع إخوتنا في المملكة والخليج وعمقنا العربي، بل إلى أن تسهم دولنا عبر الممرات الدبلوماسية في تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة وحل الأزمات المتراكمة فيها».
وشدد على أن أمن العراق يعدّ مرتكزا لأمن المنطقة، وأن العنف والاضطراب الأمني والسياسي في العراق قد أخلّ بموازين الأمن في الشرق الأوسط، وهدد الأمن والسّلم الدوليين، وقاد وانتهى إلى ما انتهى إليه من نتائج كارثية، أربكت المنظومة الأمنية والسياسية في المنطقة، وأصاب الأمن القومي العربي في الصميم، مبينا أن ترسيخ الاستقرار في العراق يتطلب تعاونا وتفهماً من الأشقاء والجيران والأصدقاء والوقوف إلى جانب بلاده، مؤكدا أن العراق سيعمل على بذل قصارى جهده لفتح باب الحوار البنّاء ونبذ العنف والحرب لحل الأزمة المحدقة بالعالم العربي.
وشدد فخامة الرئيس العراقي على موقف بلاده الثابت والداعم للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة في تأسيس دولته وعاصمتها القدس الشريف، إضافة إلى الحرص على إنهاء معاناة الشعب السوري وتمكينه من حل ساسي مبني على مواجهة الإرهاب واحترام إرادته في الحياة الحرة الكريمة، مؤكدا أن أفضل طريقة لصون الأمن العربي هو السلام والتكاتف في مواجهة الإرهاب والتطرف واحترام سيادة الدول ورفض التدخل في الشأن الداخلي.
عقب ذلك، ألقى صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح كلمة أكد فيها أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – حفظه الله – تعبر عن حرصه – أيده الله – على مصالح الأمة العربية وعلى آلية العمل العربي المشترك لخدمة هـذه المصالح، معربًا سموه عن تطلعه بأن تحقق هذه القمة ما يتطلع إليه أبناء الأمة العربية من آمال وتطلعات.
وقال «إن لقاءنا اليوم يأتي في ظروف دقيقة ومخاطر محدقة بأمن واستقرار أمتنا العربية، كما أن هـذا اللقاء يعبر عن إدراك لخطورة ما نتعرض له اليوم من تصعيد وتداعيات تهـدد أمننا واستقرارنا، تستوجب منا تدارس السبل الكفيلة للحفاظ على ذلك الأمن والاستقرار».
ولفت سمو أمير دولة الكويت النظر إلى أن الأمة العربية عانت وما زالت لسنوات عديدة أوضاعا صعبة وتراجعا حادا في حالات أمنهـا واستقرارهـا، وأن هذا انعكس على القدرة على تفعيل العمل العربي المشترك وتعطيل كل مقومات التنمية والبناء للدول العربية، وقال «فمسيرة السلام في الشرق الأوسط تعاني وبكل أسف جمودا لتشهـد معهـا القضية الفلسطينية قضيتنا المركزية الأولى تراجعا على مستوى اهـتمام العالم، ما يدعونا إلى التأكيد على ثوابتنا في معالجتنا لهـذه القضية، وبأن أي حل لا بد أن يستند على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتهـا القدس الشرقية».
وأضاف سموه «أن الأوضاع المأساوية في سورية الشقيقة والصراع الدامي في اليمن واشتعال الاشتباكات في ليبيا واضطراب الأوضاع في السودان والجزائر، فضلا عما نواجهـه من استمرار ظاهـرة الإرهـاب كلهـا تمثل جروحا في جسد هـذا الوطن، واليوم نشعر بتخوف كبير وقلق بالغ أن يضيف التصعيد، الذي تواجهـه منطقتنا وتداعياته الخطيرة جرحا إلى تلك الجروح، الأمر الذي يدعونا أن نعمل بكل ما نملك ونسعى إلى احتواء ذلك التصعيد، وأن نسهـم في تغليب الحكمة والاحتكام إلى الحوار بدلا من الصدام والمواجهـة».
واستطرد قائلا «إننا مطالبون إزاء ما نواجهـه من تصعيد ومخاطر محدقة بنا بأن نبادر بالتواصل وبما لدى الأشقاء من علاقات بأطراف التصعيد في محاولة لإقناعهـم بتغليب الحكمة واللجوء إلى الحوار، والتأكيد على أن أسبابا وممارسات خاطئة وراء ذلك التصعيد تستوجب منا المبادرة والتحرك لتصحيح مسارات خاطئة في تعامل الجانب الإيراني للأحداث والتطورات ولمشاغل وهـموم دول المنطقة».
إثر ذلك، ألقى فخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين، كلمة أكد في بدايتها إدانة بلاده الشديدة للاعتداءات التي تعرضت لها المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية والاعتداءات التي تعرضت لها السفن قبالة ساحل الإمارات العربية المتحدة، مبيناً أن موقف فلسطين الثابت مع جميع الأشقاء العرب، وقال: «أمننا جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، ولا نقبل التهديد لأي دولة عربية من أي جهة كانت».
وثمن فخامته عاليا قرارات القمة العربية في تونس في آذار 2019 وقرارات القمة العربية في الظهران في نيسان 2018 (قمة القدس)، التي أكدت رفضها لجميع قرارات الإدارة الأميركية المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود والأمن والاستيطان وثباتها على مبادرة السلام العربية دون تغيير، وصولاً إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وحل قضايا الوضع النهائي كافة وعلى رأسها قضية اللاجئين استنادا للقرار الدولي 194 ومبادرة السلام العربية كما اعتمدت والإفراج عن الأسرى كافة.
وفي هذا الجانب، أكد الرئيس الفلسطيني الرفض المطلق للمحاولات الأميركية الهادفة لإسقاط القانون الدولي والشرعية الدولية (ما يسمى صفقة القرن)، بما في ذلك مبدأ الدولتين على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين واستبدال مبدأ الأرض مقابل السلام بالازدهار مقابل السلام.
وقال الرئيس محمود عباس: «سبق أن طلبنا وقررت القمم العربية السابقة شبكة أمان مالية لمساعدتنا في مواجهة الحصار الأميركي والإسرائيلي المفروض علينا ونشكر من لبى هذا الطلب ونأمل من الآخرين الاستجابة».
بعد ذلك، ألقى فخامة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز رئيس الجمهورية الموريتانية كلمة أكد فيها أن الأمة العربية تواجه تحديات أمنية كبيرة، تجسدها الأعمال الإرهابية التخريبية والصراعات المسلحة التي تشهدها عديد من البلدان العربية والتدخلات الأجنبية، محذرًا من تعاظم خطر الأنشطة الهدامة من خلال المحاولات المتكررة لزعزعة الاستقرار في منطقة الخليج العربي، معربًا عن دعمه ووقوف موريتانيا إلى جانب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وأدان بشدة الأعمال التخريبية الجبانة التي عرضت انتظام أسواق النفط العالمية والملاحة الدولية في الخليج العربي للخطر.
وأهاب الرئيس الموريتاني بالمجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في مواجهة هذه الأعمال التخريبية التي تؤثر سلبا في المنظومة الاقتصادية الدولية، وتزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة، والتصدي بحزم وقوة للجماعات الإرهابية التي تقف وراء هذه الأعمال ومحاسبة القوى الداعمة لها.
وأكد فخامته أن هذه الاعتداءات الآثمة لا تستهدف المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل تستهدف الجميع؛ نظرا لما تمثله منطقة الخليج العربي من أهمية استراتيجية واقتصادية ودور فعال في دفع عجلة التنمية في بلداننا العربية.
ودعا الرئيس محمد ولد عبدالعزيز إلى ضرورة توحيد الصفوف والتصدي لكل ما من شأنه المساس بأمن المنطقة، مشددًا على أهمية تعزيز العمل العربي المشترك وترسيخ قواعد التضامن والإخاء لمواجهة الأخطار ورفع التحديات.
إثر ذلك ألقى فخامة رئيس جمهورية جيبوتي إسماعيل عمر جيله كلمة أكد فيها أن الاعتداءات الأخيرة على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تدق ناقوس الخطر وتستلزم تحركاً عاجلاً لمواجهة تداعياتها الخطيرة على الأمن والسلم الإقليمي والدولي وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمية.
وقال: «في هذا السياق إننا نؤكد على ضرورة تضافر الجهود وتعزيز التكاتف العربي والدولي للتصدي بكل حزم وصرامة لمثل هذه الأعمال الإجرامية التي من شأنها أن تنشر الفوضى وتثير العنف في المنطقة».
وأضاف الرئيس الجيبوتي أن استهداف المملكة العربية السعودية حاضنة الحرمين الشريفين يمثل مساساً للأمتين العربية والإسلامية، مشدداً على وقوف بلاده التام إلى جانب المملكة والتضامن الكامل مع الشعب السعودي.
وأكد ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد وحاسم إزاء الاعتداء على المملكة وشعبها ومصالحها الحيوية، ويحتم على الدول العربية النهوض بمسؤولياتها حيال التهديدات المتصاعدة والمخاطر المحدقة بالمنطقة.
وأشاد فخامته باحتضان المملكة للقمم الثلاث العربية والخليجية والإسلامية في ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة، وعدّ ذلك استشعاراً لعظم المسؤولية الملقاة على عاتق المملكة وتجسيداً لحرصها المعهود على جمع الكلمة وتعزيز الوحدة العربية والإسلامية.
وأعرب الرئيس إسماعيل جيله عن تطلعه أن تخرج القمم الثلاث بالنتائج المرجوة بما يعود على شعوب المنطقة بالأمن والاستقرار والتنمية، ويسهم في ترسيخ التضامن العربي والإسلامي.
عقب ذلك ألقى رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان كلمة أزجى فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين ولحكومة وشعب المملكة العربية السعودية الشقيقة على حسن الاستقبال وكرم الضيافة المعهود وتمهيدهم السبيل لاجتماعنا في هذا اليوم في هذه الأرض الطاهرة.
وقال: «نجتمع اليوم وقد وقعت تهديدات وتصرفات غير مسؤولة، تستهدف أمن واستقرار منطقتنا العربية وبخاصة الخليج العربي وجنوب البحر الأحمر، التي طالت المملكة العربية السعودية الشقيقة، ودولة الإمارات العربية الشقيقة مستهدفة السفن وخطوط النقل وأمن الحرمين، ونحن ندين تلك الاعتداءات والتهديدات ونؤكد وقوفنا إلى جانب الأشقاء في الخليج والاصطفاف إلى جانبهم في مواجهة هذه الأعمال العدائية أياً كان مصدرها، كما نؤكد تأييدنا لجميع الإجراءات والتدابير التي يتخذها الأشقاء لحماية الأمن والاستقرار في المنطقة، وندعو أن تكون ممرات الملاحة والتجارة الدولية بعيداً عن الاستهداف العسكري، وأن تخرج هذه القمة بقرار صريح يمنع تكرار تلك الاعتداءات».
وأكد رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان أن بلاده منذ بداية الأزمة اليمنية تقف مع الحكومة الشرعية، وسيظل جزءاً أصيلاً من التحالف العربي الذي يعمل على استعادة الشرعية وتحقيق الأمن والاستقرار في اليمن الشقيق، وفي الوقت ذاته يدعو السودان إلى استئناف الحوار من أجل الوصول إلى تسوية سياسية تحفظ وحدة وسيادة اليمن وحقن دماء أبنائهم استناداً إلى المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ونتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
وشدد على موقف السودان الراسخ الداعم لنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولته المستقلة، والتأكيد على حرصه للوصول إلى الأمن المستدام في كل من الشقيقة سورية وليبيا، سلام مبني على الحل السياسي بما يعيد لهذين البلدين العزيزين أمنهما واستقرارهما.
وقال الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان: «لقد شهدت بلادنا منذ ديسمبر الماضي حراكاً شعبياً واسعاً احتجاجاً على الأوضاع السياسية والاقتصادية التي كانت سائدة، قاد هذا الحراك شباب السودان في ثورة سلمية، حيث اصطف هؤلاء الشباب أمام القيادة العامة للقوات المسلحة، مطالبين بالتدخل لإحداث التغيير المنشود نحو مستقبل أفضل بعد أن وصلت الأحوال لدرجة من الاضطراب وانسداد الأفق، الأمر الذي شكل تهديداً حقيقياً للأمن الوطني، لذلك اتخذت القوات المسلحة قرارها بالانحياز لرغبة وتطلعات الشعب السوداني من أجل سودان جديد تسوده الحرية والعدالة والسلام وينعم بالديمقراطية وترسيخ حكم القانون حيث وعدنا شعبنا بتسليم السلطة عبر فترة انتقالية محدودة تشهد نهاياتها انتخابات نزيهة وشفافة تتاح فيها المشاركة لكل مكونات الشعب وقواه السياسية، ونقود الآن حواراً بنّاءً مع القوى السياسية لتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي إنفاذاً لمتطلبات الفترة الانتقالية، وفي هذا المقام لا يفوتني أن أعبّر عن شكرنا وتقديرنا العميقين للدول الشقيقة التي تواصلت معنا دعماً وتشجيعاً وتضامناً مع شعبنا في خياراته ومباركة لهذا التغيير التاريخي».
وبين رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان أن هذا الظرف التاريخي يمثل فرصة سانحة لمراجعة أوضاع السودان وعلاقاته بالمجتمع الإقليمي والدولي وخروجه من دائرة العقوبات وقوائم الإرهاب وما ترتب عليه من إجراءات بما يمكّن البلاد من التعافي والانطلاق نحو مستقبل واعد وغدٍ مشرق يسود فيه حكم القانون والحرية والسلام والعدالة، معبراً عن شكره وتقديره لمنظومة جامعة الدول العربية على دعمها المستمر للسودان.
إثر ذلك ألقى دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري كلمة دان خلالها الاعتداءات التي تعرّضت لها الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، داعياً إلى تضامن عربي في مواجهتها، مؤكداً وقوف لبنان إلى جانب الأشقاء في الخليج.
وقال دولته: إن لبنان يدفع ضريبة مكلفة جداً بلجوء مئات الآلاف من الأشقاء السوريين إلى أراضيه هرباً من الحريق المستمر في سورية، مؤكداً رفض لبنان لكل ما يشاع عن مشروعات التوطين، وضرورة وجود حل عاجل لمأساة النزوح السوري وقطع الطريق على المحاولات المتواصلة لاختراق المجتمعات العربية.
وأكد الحريري دعمه للشعب الفلسطيني في نضاله لنيل حقوقه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وقال: «لقد خرج لبنان من محنته عندما تضامن الأشقاء العرب على مساعدته ودعمه، ونحن في لبنان نتطلع للتضامن العربي، ونراهن عليه في تفعيل قواعد العمل العربي المشترك ونجد فيه السبيل الحقيقي في الاستقرار المطلوب على كل المستويات».
وأضاف: «لبنان جزء لا يتجزأ من هذه الأمة وعضو مؤسس لجامعة الدول العربية، ولن يتخلى – تحت أي ظرف من الظروف – عن هذا الانتماء، وسيبقى أميناً على تطوير علاقاته مع الأشقاء»، مشدداً على أن الاجتماع في مكة المكرمة اجتماع على الوحدة العربية لمواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة.
إثر ذلك، ألقى فخامة الرئيس العقيد عثمان الغزالي رئيس جمهورية جزر القمر المتحدة، كلمة أعرب فيها عن شكره لحكومة خادم الحرمين الشريفين على استضافتها للقمة العربية الطارئة وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة.
ونوه بجهود الأمانة العامة لجامعة الدول العربية المتواصلة في العمل العربي المشترك لتحقيق تطلعات الشعوب العربية.
وقال فخامته: تنعقد هذه القمة في أشرف بقعة على وجه الأرض وأحب مكان إلى الله عز وجل وأعظمها شرفا وفضلا في خواتيم هذا الشهر المبارك، ونحن متفائلون بمستقبل واعد يحقق آمال شعوبنا في الرفعة والريادة، مؤكداً أن العمل العربي يواجه تحديات كثيرة ومتعددة، تهدد الوحدة العربية وتهدد الأمن والسلام الدوليين، موضحاً أهمية تجاوز الخلافات وتنقية الأجواء العربيwة وتمكين أواصر التضامن العربي الفعلي.
وأضاف: ستظل القضية الفلسطينية على رأس اهتمامات بلادي حتى يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة، وأن بلاده تدين بشدة الأحداث الإجرامية الأخيرة، التي استهدفت السفن التجارية للإمارات، والتي تعد عملا إجراميا خطيرا يهدد أمن وسلامة الملاحة البحريةو وينعكس سلبا على السلم والأمن الدوليينو وإطلاق الصواريخ بصفة متكررة لاستهداف أراضي المملكة، والمنشآت الحيوية فيها، ويجب اتخاذ القرارات اللازمة لمنع تكرار هذه الأعمال مستقبلا، كما أن حكومة بلاده تتضامن مع المملكة العربية السعودية في مواجهة جميع أشكال الإرهاب والتطرف وضد كل من يحاول أن يمسّ أمنها أو يستهدف المقدسات الدينية فيهاو وتؤيد كل الخطوات والإجراءات التي تتخذها لحفظ أمنها ومصالحها.
ودعا في ختام كلمته الله العلي القدير أن يكلل أعمال القمة بالنجاح.
بعد ذلك أعلن خادم الحرمين الشريفين انتهاء أعمال القمة.
ثم تناول أصحاب الجلالة والفخامة والسمو قادة ورؤساء وفود الدول العربية مأدبة السحور التي أقامها خادم الحرمين الشريفين تكريمًا لهم.
وكان خادم الحرمين الشريفين قد استقبل في مستهل القمة كلاً من: صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين وصاحب السمو السيد شهاب بن طارق آل سعيد مستشار جلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان وصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في دولة الإمارات العربية المتحدة ومعالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية بدولة قطر الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني وفخامة الدكتور برهم صالح رئيس جمهورية العراق وفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية اليمنية وفخامة الرئيس محمد ولد عبدالعزيز رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية ومندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية السفير صالح عبدالواحد الشماخي ومعالي الوزير الأول للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية السيد نور الدين بدوي والفريق أول عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن البرهان رئيس المجلس العسكري الانتقالي بجمهورية السودان وفخامة الرئيس غزالي عثمان رئيس جمهورية القمر الاتحادية الإسلامية وفخامة الرئيس إسماعيل عمر جيلة رئيس جمهورية جيبوتي وفخامة الرئيس محمود عباس رئيس دولة فلسطين وصاحب السمو الملكي الأمير رشيد بن الحسن رئيس وفد المملكة المغربية وفخامة الرئيس محمد عبدالله فرماجو رئيس جمهورية الصومال ودولة رئيس الوزراء بالجمهورية اللبنانية السيد سعد الحريري وفخامة الرئيس الباجي قايد السبسي رئيس الجمهورية التونسية وفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية وجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية.
وضم وفد المملكة للقمة العربية الطارئة، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، وصاحب السمو الملكي الأمير تركي بن محمد بن فهد بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، ومعالي وزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ومعالي وزير الخارجية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف.