بالرغم من التحديات والظروف العصيبة التي عصفت باقتصاديات سوق الطاقة العالمي وتقلبات ومخاوف تجارة النفط والتي تمثل العصب في الاقتصاد العالمي وزعزعة استثماراته المرتبطة بكبرى دول العالم والأزمات التجارية العالمية التي أربكت اقتصاديات دول، إلا أن المملكة تثبت للعالم مجدداً بعمق نفوذها لتحقيق رؤيتها 2030 لبلوغ المراتب الخمس عشرة الأولى ضمن أقوى دول العالم اقتصاداً.
وحققت المملكة أكبر تقدّم بين الدول الأكثر تنافسية في العالم متقدمة 13 مرتبة لتحصل على المرتبة 26 في 2019، وقاس التقرير تنافسية المملكة المتنامية والملحوظة حيث تحسّن ترتيب المملكة في ثلاثة محاور تشمل الكفاءة الحكومية من المرتبة 30 إلى المرتبة 18، ومحور كفاءة الأعمال من المرتبة 45 إلى المرتبة 25، ومحور البنية التحتية من المرتبة 44 إلى المرتبة 38.
كما حققت المملكة مراتب متقدمة في عدة مؤشرات عالمية منها المرتبة الثانية في نمو صادرات البضائع، والمرتبة السادسة في الإنتاجية العامة، والمرتبة السادسة في تفهم الاحتياج للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، والمرتبة السابعة في انخفاض خطورة نقل الأعمال، والأمن السيبراني، والثامنة في تكييف السياسات الحكومية مع المتغيرات الاقتصادية، والعاشرة في الاستثمار في الاتصالات، والثانية عشرة في نمو مؤشر السوق المالية، والثامنة عشر في التحول الرقمي والعشرين في الخدمات البنكية والمالية.
وعجلت الثورة الاستثمارية الهائلة الشاملة في المملكة بجذب أكبر رؤوس الأموال العالمية في شتى القطاعات لأكبر استثمارات العالم في الطاقة التي تنفذ حالياً في المملكة والتي لفتت أنظار العالم ومنحت المملكة الريادة لزخم الفرص الاستثمارية ومناخها التنافسي الجاذب بقوة وتعزيز دور القطاع الخاص في المشروعات العملاقة المرتبطة بقطاع النفط والغاز لتوطين الصناعة والخدمات وتحويل المملكة إلى قطب للصادرات الصناعية المنتظرة من مجمع الملك سلمان العالمي للصناعات والخدمات البحرية ومدينة الملك سلمان للطاقة.
وتواصل المملكة بالفعل تصدرها المشهد الاقتصادي والاستثماري الصناعي العالمي ليس بسيادتها النفطية بل في ضخامة حجم مشاريعها العملاقة الأكثر تعقيداً في قطاع المنبع المتمثل في استكشاف وإنتاج النفط الخام والغاز والتي تصدرت مشروعات العالم في العقود الممنوحة للربع الأول 2019 وفق تقرير «مراجعة عقود صناعة النفط والغاز الفصلية» للربع الأول 2019 الذي أصدرته شبكة «إي أي ان» العالمية والتي أبلغت عن صفقة عقود في العالم بلغ عددها 1242 عقدًا حيث سجلت أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا معظم العقود بـ569 عقدًا، تمثل حوالي 48 % من إجمالي العقود الممنوحة في الربع الأول 2019، تليها منطقة الأميركتين بـ366 عقدًا، تمثل 31 % من إجمالي العقود الممنوحة.
وتصدرت عقود العالم قطاع المنبع في استكشاف وإنتاج النفط والغاز بعدد 862 عقداً مشكلة أعلى النسب 73 % من إجمالي العقود الممنوحة، فيما سجلت عقود قطاع المنبع الوسيطة للمعالجة والتخزين والنقل والتسويق للنفط والغاز الطبيعي وسوائل الغاز الطبيعي 156 عقدًا، تمثل 13 % من إجمالي العقود الممنوحة، يليها 141 عقدًا في قطاع المصب للتكرير والكيميائيات تمثل 12 % من العقود الممنوحة خلال الربع. وتمثل العمليات والصيانة 64 % من العقود الممنوحة في الربع الأول من عام 2019، تليها عقود بنطاقات متعددة تشمل التصميم والهندسة والبناء والتركيب والصيانة والتشغيل والتي تمثل 11 %. وتزعمت شركة «أرامكو السعودية» عقود المنبع في العالم للربع الأول 2019 بأضخم مشاريعها للتوسع في الحقول البترولية البحرية في المملكة وتطويرها في حقل «مرجان» البحري ويضم عدد كبيراً من الآبار في جوف البحر حيث قدر إجمالي تكلفة التطوير بمجمل عقوده التصميمية والهندسية والإنشائية على البحر واليابسة والمشتريات وخدمات الدعم وغيرها من الأعمال الشاسعة النطاق بقيمة 56 مليار ريال شاملة تطوير الحقل، وفق شبكة (BNC) على أن يكتمل المشروع بالكامل بحلول عام 2022.
وهيمنت صفقات حقلي «البري» و»مرجان» النفطيين البحريين الواقعين على ضفاف الخليج العربي وهما من أهم الحقول البحرية في الإقليم بقوة الحقلين الاستراتيجية لزيادة القدرات الإنتاجية النفطية للمملكة وتوفير أمن الطاقة العالمي حيث يضيف الحقلان أكثر من 500 ألف برميل في اليوم. وقالت شركة «سايبيم» الإيطالية إحدى أهم مقاولي الأعمال البحرية النفطية في العالم بأنها تلقت عقدين في أعمال تطوير حقول النفط «البري» و»مرجان» بقيمة 4,9 مليارات ريال (1,3 مليار دولار) تشمل التصميم والهندسة والمشتريات والبناء والتركيب وتنفيذ الأنظمة البحرية وإرساء خطوط الأنابيب والكابلات تحت البحر، ويمثل العقدان جزءًا من اتفاقية طويلة المدى للأنشطة البحرية لـ»سايبيم» في المملكة والتي تم تجديدها في العام 2015 وحتى 2021. وتشمل أعمال تطوير حقل «مرجان» إنشاء وحدة إضافية لفصل الغاز عن النفط بسعة 300 ألف برميل يوميا، إضافة إلى وحدة جديدة لمعالجة الغاز ومرفق للتوليد المزدوج وتنفيذ تغييرات على وحدة قائمة لإضافة سعة تجزئة لسوائل الغاز الطبيعي وتشييد منصات بحرية وخطوط أنابيب، حيث تتضمن خطط أرامكو لتطوير الحقل تشيد ثماني قواعد لمنصات نفطية. في وقت ينتج حقل مرجان كميات كبيرة من الغاز المصاحب في حين ستحل الطاقة النفطية الجديدة في الوقت المناسب محل التراجع في الطاقة النفطية من الحقول الأخرى في أماكن أخرى.