أكد وزراء وسياسيون لبنانيون، رفضهم القاطع للمواقف العدائية التى أطلقها الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله مؤخرا، ردا على تأييد لبنان الرسمى، ممثلا فى رئيس الوزراء سعد الحريرى، للموقف العربى الذى أدان الممارسات العدوانية الإيرانية فى المنطقة وتدخلاتها فى الشئون الداخلية للدول العربية، ومشددين أيضا على رفضهم قيام حزب الله بجر لبنان إلى معارك إقليمية والعمل على تحويله إلى ساحة حرب ومواجهة لصالح إيران.
وكان حسن نصر الله قد هاجم فى خطاب تلفزيونى له يوم الجمعة الماضى رئيس الحكومة، معتبرا أن موقف الوفد الرسمى اللبنانى المشارك فى القمة العربية الطارئة بمكة المكرمة – والذى ضم الحريرى ووزيرى الإعلام والصناعة – يخرق سياسة النأى بالنفس عن الصراعات الإقليمية المتفق عليها فى البيان الوزارى للحكومة.
كما هدد نصر الله بالبدء فى إنشاء حزب الله مصانع لتصنيع الصواريخ فى لبنان فى إطار مواجهته مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ومشيرا إلى أن إيران لن تكون وحدها حال اندلاع حرب أمريكية ضدها.
وقال وزير الشئون الاجتماعية ريشار قيومجيان، إن موقف رئيس الوزراء سعد الحريرى فى القمتين العربية والإسلامية بمكة المكرمة، يعبر عن التزام لبنان مواثيق جامعة الدول العربية والدفاع العربى المشترك ورفضه الاعتداءات الإيرانية.
وأضاف الوزير قيومجيان: “تدخلات حزب الله وحروبه فى سوريا والعراق واليمن، تطيح بسياسة النأى بالنفس، وتمسكنا بالمصالح العربية المشتركة والعمق العربى للبنان”.
وشدد على رفضه حديث حسن نصر الله بتحويل لبنان إلى ساحة مواجهة بالإنابة عن أى دولة خارجية. قائلا: “أرواح اللبنانيين ومصالحهم ليست صندوق بريد توجه من خلاله إيران رسائلها إلى باقى الدول.. أثبتوا أنكم حزب لبنانى وليس مصنعا ظرفيا لصواريخ إيرانية ستدمر لبنان وأهله”.
من جانبه، أعرب وزير العمل كميل أبو سليمان، عن رفضه القاطع لكلام الأمين العام لحزب الله. قائلا: “لا يهمنا لا إيران ولا الخارج، نحن يهمنا لبنان فقط. لماذا نعرض بلادنا لأى حرب أو دمار من أجل أجندة خارجية ومصالح أجنبية”.
وأكد الوزير أبو سليمان أن حزب القوات اللبنانية يرفض تماما كافة ما جاء على لسان حسن نصر الله، وهجومه على الدول العربية التى توفر العمل لأكثر من نصف مليون لبناني، مشددا على أن حديث نصر الله لا يخدم لبنان.
ولفت إلى أن الفريق المؤيد والداعم لسيادة الدولة اللبنانية داخل الحكومة اللبنانية، والذى يضم تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمى الاشتراكي، سيقوم بالرد على انتقاد الموقف الرسمى للبنان من قبل الأمين العام لحزب الله.
من جهته، اعتبر رئيس حزب الكتائب اللبنانية النائب سامى الجميل، أن حديث حسن نصر الله ينتهك سيادة الدولة وحصرية قرار الحرب والسلم، ويجر لبنان واللبنانيين إلى صراعات لا يريدونها.
ومن ناحيته، قال النائب نديم الجميل عضو مجلس النواب، إن حزب الله هو أول من خرق مبدأ النأى بالنفس والحياد فى الصراعات الإقليمية، بالمشاركة فى الحرب السورية، وإدخاله البلاد فى قلب صراع لا علاقة للبنان به من قريب أو من بعيد.
وأعرب الجميل عن دهشته من عدم قيام الدولة الرسمية بالرد على الأمين العام لحزب الله حتى الآن. مضيفا: “نصر الله نصّب نفسه مرشدا للجمهورية اللبنانية، وهذا أمر مرفوض ومدان، ولكن أين موقف رئيس الجمهورية ميشال عون من هذه التجاوزات والتعديات على موقف لبنان الرسمي”.
ومن جانبه، حذر النائب إلياس حنكش عضو مجلس النواب، من محاولة إقحام لبنان فى حروب وصراعات لا شأن له بها، مشددا على أن التلويح بصناعة الصواريخ ليس محل افتخار، وأن المخاطرة بمصالح اللبنانيين فى الخارج والتضحية بالشباب اللبنانى فى لعبة المحاور الإقليمية، لن يصنع مستقبل لبنان.
ومن جهته، أكد وزير العدل الأسبق والسياسى البارز بمدينة طرابلس (شمالى لبنان) أشرف ريفي، أن لبنان هو جزء من الإجماع العربى والشرعية الدولية، مشيرا إلى أهمية القمم العربية والإسلامية والخليجية التى عقدت فى السعودية، ومشددا على أن لبنان يقف إلى جانب العرب فى مواجهة الاعتداءات الإيرانية.
وقال ريفي: “رئيس الحكومة سعد الحريرى مثّل اللبنانيين الشرفاء الأحرار فى السعودية، وما قاله حسن نصر الله يمثل جزءا من اللبنانيين الذين يفتقرون للسيادة والاستقلال والحرية وهم أتباع المشروع الإيراني”.
وعقّب رئيس (حركة التغيير) إيلى محفوض على حديث الأمين العام لحزب الله، مؤكدا أن الحريرى يمثل الدولة والحكومة اللبنانية، مشيرا إلى أن “نصر الله” ظهر فى خطابه الأخير أمام العالم وهو يغرد خارج سرب الشرعية اللبنانية.
وقال: “انتقد نصر الله رئيس الوزراء سعد الحريرى لأن الأخير تضامن مع العرب.. وأن أسأل الأمين العام لحزب الله، من الذى أعطاك الحق للتفاوض مع إسرائيل على ترسيم الحدود اللبنانية من خلال الوسيط الأمريكي، أم أن ما يسرى على حزب الله وأمينه العام، لا يسرى على سواهما.. منذ متى يكون تضامننا مع العرب جريمة تستدعى الإدانة ويخالف سياسة النأى بالنفس ولا يمثل الحكومة”.
وأضاف: “آخر شخص أو جهة من حقها التحدث عن سياسة النأى بالنفس، هو حزب الله الذى لم يلتزم بها أى يوم من الأيام. حزب الله لا يقيم أى اعتبار لأى مواثيق يوقع عليها، وهذا الحزب ليس من حقه امتلاك السلاح أو تصنيع سلاح. فامتلاك وصناعة السلاح وظيفة الدولة وحدها وليس وظيفة أى فصيل لبناني”.