تسببت العقوبات الأميركية الدولية بحظر صادرات النفط الإيراني والمنتجات البترولية والمعدنية والكيميائية وكافة وارداتها المؤثرة في الاقتصاد الإيراني في انسحاب شركات نفط وغاز عالمية للتنقيب والإنتاج من مشروعات تطويرية مخطط لها لعدد من حقول النفط الإيرانية والتي ليس من المنطق أن تتوسع في إنتاج حقولها في ظل الحصار الدولي الصارم لنفطها الذي بدأت تغرق في فائضه في أسوأ نكسة نفطية تشهدها إيران بعد أن وقف العالم أجمع صفاً واحداً لردع وتأديب وشل واقتلاع النظام الإيراني الثوري الثائر على نفسه وعلى العالم.وانسحبت الهند من تحالف استثماري ضخم مع إيران لتطوير عدة حقول مخطط لها، وقال وزير البترول الإيراني بيجان زانجي لوكالة الأنباء الإيرانية إن الهند لم تعد تنوي مواصلة خططها لتطوير حقل غاز “فارزاد بي” الإيراني بتكلفة 5.2 مليارات دولار بسبب العقوبات الأميركية، وأنه لم يعد بإمكانه الانتظار حتى تتخذ الهند قراراً بشأن ما إذا كانت ستطور الحقول المتفق عليها.
وأضاف أن وزارة البترول الإيرانية أظهرت أعلى مستوى من المرونة التاريخية للجانب الهندي فيما يتعلق بتطوير حقل “فرزاد بي” للغاز، لكن الهنود امتنعوا حتى الآن عن تطوير الحقل بسبب العقوبات الأميركية، وقال “لقد قدمنا لهم تنازلات كبيرة، ولكن يبدو أن الهنود لم يوقعوا أي عقود لتطوير الحقل بسبب العقوبات وإذا لم يشروا إلى استعدادهم لتطوير الحقل بعد فترة زمنية معينة، فسوف يتعين علينا إعداد جولة التراخيص لتطوير الحقل من قِبل مقاول إيراني وتمويل المشروع عن طريق صندوق التنمية الإيراني”.
وستكلف مشروعات تطوير حقل “فرزاد إي وبي” 5.2 مليارات دولار، منها حوالي 2.2 مليار دولار تتعلق بتطوير المرحلة الأولى من حقل “فرزاد بي” لإنتاج واحد مليار قدم مكعبة من الغاز يومياً من الحقل، ولفت إلى أن علاقات إيران مع الصين والهند استراتيجية ولا يمكننا التأثير على علاقاتنا مع هذه الدول فقط بسبب المشروع ويجب أن نتفاوض بالتأكيد مع الهنود حول حقل “فرزاد بي” ونعلن لهم أنه لا يمكننا الانتظار بعد الآن. وقال المسؤول “لا نريد تحدي العلاقات بين إيران وهذه الدول، حتى إذا تم رفع العقوبات، فنحن على استعداد للتوقيع على صفقة مع الهنود لمشروع تطوير الحقل ومواصلة هذه الخطة”.
ويواجه نفس المصير أيضاً مشروع حقل جنوب “بارس” المرحلة الثانية حيث قال الوزير الإيراني إن الصين تتمتع حاليًا بنسبة 80.1 % من أسهم عقد تطوير حقل جنوب “بارس” للمرحلة الثانية وهي رائدة العقد وتواصل المحادثات مع شركة سي ان بي سي” الدولية لتنفيذ المشروع. ويتطلب تطوير المشروع استثمارًا بقيمة 5.5 مليارات دولار، وستحتاج المرحلة الأولى إلى استثمار 2.4 مليار دولار. وقال “إذا كان من الممكن تخصيص الأموال المطلوبة لوزارة البترول الإيرانية فإن المرحلة الأولى من المشروع مع شراكة بنسبة 70 % من الشركات الإيرانية المصاحبة يمكن أن تكتمل. ويمثل معمعة انسحاب شركات النفط والغاز العالمية من إيران رجفة كبيرة موجعة للاقتصاد الإيراني وفي أعقاب أيام من العقوبات الجديدة التي طالت الصادرات الكيميائية الإيرانية والتي بلغ دخل هذه الصناعة 17.1 مليار دولار في 2018 وبلغ معدل صادرات المنتجات البتروكيميائية نحو 14 مليار دولار وبالنظر إلى معدل جميع الصادرات غير النفطية لإيران في العام الماضي والتي كانت حوالي 44 مليار دولار تقدر حصة المنتجات البتروكيميائية حوالي 32 % من مجموع الصادرات غير النفطية.وتبدو العراق أكثر استفادة من تقييد مشروعات النفط والغاز الإيرانية في ظل استثنائها ومنح استمرارها في استيراد الغاز لتغذية محطات توليد الكهرباء في ظل حرص الولايات المتحدة على عدم تأثر مشروعات التنمية في الدول المتضررة من الحروب الأهلية والإقليمية، إلا أن العراق استفاد أيضاً بجذب رؤوس الأموال وكبار مستثمري ومقاولي مشروعات النفط والغاز الذين تعثرت استثماراتهم وخططهم التوسعية في إيران، في وقت تبلغ القيمة الإجمالية لمشروعات النفط والغاز النشطة في إيران والعراق مجتمعة أكثر من 323 مليار دولار.